خبر

سيد درويش .. قصة مناضل بدرجة "فنان الشعب" ووفاة غامضة

تحل اليوم الأربعاء، الذكرى الـ 129 على ميلاد سيد درويش، الذي يعد أحد أشهر وأقدم المطربين والملحنين المصريين والعرب في القرن العشرين، ولا تزال أغنياته وألحانه حاضرةً وبقوة من المحيط إلى الخليج على مدار أكثر من 100 عام وحتى يومنا هذا.

هو السيد درويش البحر، ولد في الإسكندرية في 17 مارس 1892، وتوفي شاباً لا يتجاوز الـ 31 في 10 سبتمبر 1923.

ورغم عمره القصير إلا أن إنتاجه الموسيقي كان غزيراً جدا ومتنوعا بين القوالب المختلفة، حيث قدم أكثر من 40 موشحاً و100 طقطوقة و30 رواية مسرحية وأوبريت.

اضطر درويش في بداية حياته أن يكون عامل بناء للإنفاق على أسرته، وكان خلال العمل يرفع صوته بالغناء، مثيراً إعجاب العمال وأصحاب العمل، وتصادف وجود الأخوين أمين وسليم عطا الله، وهما من أشهر العاملين بالفن، في مقهى قريب من الموقع الذي كان يعمل به الشيخ درويش، فاسترعى انتباههما صوته، واتفقا معه على أن يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام في نهاية عام 1908.

وبدأت موهبته الموسيقية تتفجر، ولحن أول أدواره "يا فؤادي ليه بتعشق"، وفي عام 1917 انتقل درويش إلى القاهرة، ومنذ ذلك سطع نجمه وصار إنتاجه غزيراً، فقام بالتلحين لكافة وأكبر الفرق المسرحية مثل فرقة نجيب الريحاني، جورج أبيض وعلي الكسار حتى قامت ثورة 1919 فغنى الأغنية الشهيرة حتى اليوم "قوم يا مصري".

وحرصت معظم الفرق على اجتذاب درويش لتلحين رواياتها، وأصبح في سنوات معدودة الملحن الأول في مصر، متفوقا بذلك على الملحنين المخضرمين مثل كامل الخلعي وداوود حسني وغيرهم.

اقتبس من أقوال المناضل المصري مصطفى كامل بعض عباراته وجعل منها مطلعا للنشيد الوطني وهي: "بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي"، وهو النشيد الوطني المصري الحالي.

كان مهموما بقضايا وطنه وغنى ولحن العديد من الأغنيات الوطنية والمقاومة للاحتلال الإنجليزي لمصر، واستحق لقب "فنان الشعب".

طور درويش في الموسيقى الشرقية وخلق شخصية للموسيقى المصرية، كانت أساساً لكل ما تلا ذلك من موسيقى وألحان على مدار أكثر من 100 عام.

من أشهر أغنياته: "اهو ده اللي صار" و"بلادي بلادي" و"سلمى يا سلامة" و"زوروني مل سنة مرة" و"الحلوة دي قامت تعجن" و"اناهويت".

ولا تزال وفاة درويش لغزا محيراً حتى اليوم، والرواية الأبرز ترجع سبب الوفاة إلى تسمم مدبر من الإنجليز بسبب أغانيه التي حثت الشعب على الثورة ضد الاحتلال.

في أوائل سبتمبر في 1923 ذهب درويش إلى مسقط رأسه بالإسكندرية لترتيب استقبال عودة الزعيم سعد زغلول من المنفى، إلا أنه بحلول يوم 9 سبتمبر رحل بشكل مفاجئ وغامض عن عمر يناهز الـ31 عاماً.

ويقول أحد أحفاده، محمد حسن درويش، إنه تم حمل جثمانه بسرعة إلى مثواه الأخير قبل أن يشعر أحد بموته، ويقول: "تم التعتيم على وفاته من الحكومة والاستعمار حتى لا تلتهب مشاعر الجماهير وتزداد ثورة الشعب، ولم يسر في جنازته إلا أقاربه وجيرانه".

دفن درويش في مقابر المنارة بالإسكندرية، وكتب على قبره: "يا زائري لا تنسني من دعوة صالحة.. وارفع يدك إلى السما واقرأ لروحي الفاتحة".