ودّعت الأوساط الأكاديمية والفنية، في #سوريا ، #المؤرخ_محمد_محفل ، بعدما وافته المنية ليل الأربعاء الماضي.
ولمحفل باع طويل في علم التاريخ الذي وضع فيه عدة مصنفات عالمية، خاصة ما يتعلق منها، بالتاريخين اليوناني والروماني.
ولد المؤرخ محمد كامل محفل، في مدينة حلب الشمالية، عام 1928، وتلقى فيها تعليمه الأساسي والجامعي بحصوله على إجازة في التاريخ عام 1949.
وبسبب تميّزه وتعلقه بالتاريخ القديم وعلوّ كعبه فيه، ولفت أنظار أساتذته، قامت ما تعرف حينها بوزارة المعارف، بإيفاده إلى فرنسا للحصول على دكتوراه في التاريخ القديم، أوائل خمسينيات القرن الماضي، فدرس هناك اللغة والتاريخ الآراميَّين، وانتسب إلى معهد اللوفر، من أجل إتقان كل ما يحيط باللغة الآرامية من سياق تاريخي وقواعدي، إلا أن السلطات الفرنسية أبعدته، في ذلك الوقت، من البلاد، بسبب تأييده للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.
وإثر قيام السلطات الفرنسية بإبعاده من أراضيها عام 1956، قام المؤرخ الراحل، بتسجيل أطروحة الدكتوراه الخاصة به، وكانت عن دور الرقيق في انحطاط الإمبراطورية الرومانية، في سويسرا.
ومنذ إنهاء الراحل تحصيله العلمي العالي، أصبح واحداً من الخبراء السوريين والعالميين باللغة الآرامية، فدرّس اللغات الكلاسيكية واللغة الآرامية في جامعة دمشق، منذ ذلك الحين، وقام بالتدريس بصفة أستاذ زائر، بأكثر من جامعة عربية.
وإضافة إلى تخصص الراحل، باللغات الكلاسيكية، فقد كان واحداً من المؤرخين القلائل الذين يتقنون اللغة العربية على المستوى التخصصي العالي، فتم انتخابه عضوا في مجمع اللغة العربية، في دمشق، عام 2008، ثم تم تكريمه عام 2012، بمنحه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة (لإنجازاته الهامة)، بمرسوم أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد، حمل الرقم (191) لعام 2012.
وللمؤرخ الراحل نشاطات في العمل التاريخي لم تتوقف حتى قبل أيام قليلة من وفاته، وكان على رأس مجلة (دراسات تاريخية) المحكمة المعنية بالتاريخ العربي والإسلامي والعالمي.
ومن أهم المصنّفات التي تركها محفل، كتاب عن (تاريخ اليونان)، ثم كتاب عن (تاريخ الرومان)، يعتبران من المراجع (المشرقية) الهامة في دراسة هاتين الإمبراطوريتين العالميتين اللتين تركتا أثرا على مختلف الجوانب الثقافية والسياسية والإدارية والاجتماعية، لمجتمعات الشرق القديم، بصفة خاصة، ومجمل مجتمعات العالم.
وترك الراحل مرجعاً هاماً في اللغة الآرامية، يعود إليه جميع العاملين في هذا الحقل، وهو كتاب (المدخل إلى اللغة الآرامية). وكذلك وضع مصنف (تاريخ العمارة) الذي أفاد فيه من خبرته بالتاريخين الروماني واليوناني وصولا إلى العربي والإسلامي.
ويشار إلى أن بعض شركات الإنتاج الدرامي، في سوريا، أو العاملة في سوريا، كانت استعانت بخبرات الراحل التاريخية، في عدد غير قليل من الأعمال، للإفادة من آرائه الاستشارية حول السياق التاريخي للأعمال الفنية، ومدى تقيد المؤلفين بالحقائق التاريخية الثابتة، لتمكينهم أولا من التعامل مع حقائق مؤكدة، وثانيا لتمكينهم من صناعة إطار متخيل، في العمل الدرامي، دون أن يكون تشويها للتاريخ أو الواقعة التاريخية، كمسلسل (صقر قريش) الذي عمل عليه محفل، مدققا تاريخياً، ومسلسلات: (الظاهر بيبرس) و(ملوك الطوائف) و(عنترة بن شداد)، وغيرها، حتى أصبح الراحل يلقب بـ"حارس" الدراما التاريخية في سوريا.