أحلام الحرية وبناء جيل فلسطيني جديد يتسلم راية المقاومة، لم تمنعها حواجز الاعتقال، بعد أن صارت تمهيدا لما يعرف باسم "أطفال الحرية".
تلك القضية التي طرحها الفيلم المصري "أميرة" للمخرج محمد دياب، الذي يعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة من جديد، عبر تناوله لقضية "أطفال النطف" التي ظهرت في عام 2012، حينما قرر الأسرى الفلسطينيون أن يقوموا بالإنجاب عبر تهريب النطف خارج المعتقلات، وإطلاق اسم "أطفال الحرية" على أبنائهم.
مادة اعلانية
الفيلم الذي يشارك في بطولته علي سليمان وصبا مبارك وتارا عبود ويشارك بالمسابقة الرسمية لمهرجان الجونة، التقت "العربية.نت" بمخرجه الذي تحدث في البداية عن التحضير له، بعد أن قرأ خبرا في الصحف قبل 9 سنوات عن قصة "أطفال النطف" فوجد أنها تحمل معها الكثير من الدراما، مشيرا إلى أن الفيلم حمل في البداية اسم "خديجة" وبعدها "سارة"، ولكنه حاول التعرف على أكثر اسم فلسطيني يرتبط به الجميع، فتم الاستقرار على اسم "أميرة".
وأوضح دياب أنه تأثر في تقديمه لفيلم فلسطيني بتجربة الإيراني أصغر فارهادي الذي ذهب إلى فرنسا وقدم فيلم "الماضي" عابرا لكل الحدود، حيث أشار دياب إلى كونه كتب العمل باللهجة المصرية، وبعدها قام المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد بالمراجعة وعاونته في الأمر أميرة دياب.
كما كان هناك مراجع لهجة يحول كل ما هو مكتوب إلى لهجة فلسطينية، كما أن الممثلين كانوا يجيدون تقديم التعبير الصحيح لغويا، وهو ما اعتبره دياب تأكيدا على أن المؤلف قادر على عبور الحدود.
قلق فلسطينيقضية الفيلم قد تثير الشكوك والمخاوف تجاه هؤلاء الأبناء، خاصة أن العمل يطرح قصة يقوم فيها الحارس الإسرائيلي بتغيير العينة الخاصة بالأسير ووضع العينة الخاصة به، وهو ما قد يخيف البعض ويجعله يشكك في نسب الأبناء.
وهو ما علق عليه دياب قائلا "خوفت جدا من إثارة الأمر"، مؤكدا أن عددا من الفلسطينيين تواصلوا معه في ظل حساسية الأمر، ما جعله يكتب في النهاية أن الفيلم خيالي، وأن كافة الأطفال تم إثبات نسبهم فيما بعد.
كما أوضح أنه قدم في الفيلم فتاة عمرها في الـ 17 من عمرها، في حين أن أكبر طفل من أطفال الحرية لا يتجاوز عمره الـ 10 سنوات، معتبرا أن كل ما يهمه في الأمر هو أن يعيش هؤلاء الأطفال الحياة التي يستحقونها ويلقوا المعاملة اللائقة.
إدانة للجانب الفلسطيني؟وقت أن علم الجميع بقصة الفتاة، وأن النطفة التي لقحت بها إسرائيلية شاهد الجميع تحولا في الأحداث، ووضعت النجمة السداسية على المنزل الذي تتواجد به الفتاة، على الرغم من كونها عاشت معتزة بنسبها لأسير بطل، فهل حمل الأمر إدانة للجانب الفلسطيني في الأحداث بسبب هذا التحول.
ذلك الأمر الذي رد عليه المخرج مؤكدا أن التساؤل مطروح في الفيلم ومتروك للمشاهد، عما إذا كان الأمر متعلقا بالنطفة أم التربية والتعامل، ولكنه أشار إلى أن التخوف الشديد معظمه ظهر في تخوف الأب والأم فقط.
والدليل على ذلك أننا لم نر سوى مشهد النجمة السداسية، وظل باقي الأبطال إلى جوار الفتاة باستثناء شخص واحد فقط، كما أن التصرفات التي أقدمت عليها الفتاة كانت نابعة من ضغوط تعيشها هي وحدها، فصارت دائما تبحث عن إجابة السؤال "من أنا؟".
اختيار الأبطالتصوير الفيلم تم بالأردن في ظل الصعوبات المتواجدة، وعدم القدرة على مرور طاقم الفيلم عبر الحدود، مشيرا إلى كونه وقت كتابة الفيلم لم يكن في مخيلته سوى الفنان علي سليمان لتقديم دور الأب.
وحينما عرض الفيلم على صبا مبارك لقراءته وقت أن كانا يقدمان معا مسلسل "طايع"، أخبرته هي بكونها من سيقوم بتقديم دور الأم، ولكن دياب كان يرى أنها أصغر من أن تكون الأم.
فما كان من صبا مبارك سوى الإصرار على تقديم الشخصية، وأثبتت له بالتجربة على كونها قادرة أن تكون أما لفتاة في الـ 17 من عمرها.
وأبدى دياب انبهاره من التوافق التمثيلي الذي ظهر بين علي سليمان وصبا مبارك، وعلى الرغم من كونه مخرجا يهوى الإعادة في التصوير كثيرا، إلا أن الأمر والتناغم في التصوير كان يدفعه للتصفيق في كثير من الأحيان.
إجازة الرقابةالفيلم يحوي مشهدا جريئا، اعتبره المخرج أكثر ما يبكيه في الفيلم، بسبب عدم قدرة الفلسطينيين على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، لذلك قدمه بهذا الشكل، ولكنه سينتظر إجازة الرقابة للفيلم قبل عرضه تجاريا، وتمنى ألا يكون هناك اعتراض على المشهد، مشيرا إلى أن التصريح بالعرض في المهرجانات مختلف عن العرض للجمهور العام.
مختتما حديثه بكونه يرى أن الفيلم تجاري، وعلى الرغم من عدم وجود فيلم مصري يتحدث بلهجة غير مصرية ويحقق إيرادات مرتفعة، إلا أنه يراهن على نجاح العمل لدى الجمهور، ويوجه التحية لمنتجيه على الإيمان به.