عن دار (ميسلون) للطباعة والنشر، صدر ديوان جديد للشاعر السوري ياسر الأطرش، بعنوان: (في هجاء البلاد). ويحمل مجموعة من القصائد التي عكس فيها الشاعر، مأساة السوريين، سواء بالحرب أو اللجوء، أو مجمل الآلام الدفينة التي لا يعبّر عنها سوى بلغة الشعر التي توحّد بين الفردي والجماعي، خاصة في شأن أصبح أشهر مأساة تتصدر الخبر العالمي، وهي الأزمة السورية.
ولد الشاعر ياسر الأطرش الذي فاز بعدد من الجوائز الشعرية، منها جائزة (أثير) للشعر العربي من سلطنة عمان عام 2016، وجائزة سعاد الصباح للإبداع الأدبي عام 1995، عام 1973، في مدينة (سراقب) التابعة لريف إدلب. وقام النظام السوري بحذف قصائده من المنهاج الرسمي، بسبب موقفه المعارض، حيث أصدرت وزارة التربية في حكومة النظام السوري، عام 2017، قرارا يقضي بحذف قصائد الأطرش من منهاج التلاميذ الرسمي، انتقاماً من مواقفه المعارضة للنظام السوري.
واختار الأطرش، أن يتقدّم بطلب لجوء، في آخر قصيدة في كتابه الجديد، إنما ليس لجوءاً لدولة أو أرض، بل إلى دولة القلوب، في إشارة عميقة المغزى للمأساة السورية وضع لها عنواناً هو (طلب لجوء): "لا تتركونا وحدنا لليل والبحار/ لا تطردوا أطفالنا من رحمة النهار/ لا تعرضوا أشلاءنا في معرض الأسى/ وحاوِلوا عسى/ لا تتركونا وحدنا كغيمة نذوب/ ولتعلموا بأنني أريد ظِلّ منزلٍ في حارة قديمةٍ في دولة القلوب".
مأساة السوريين تتوزّع الكتاب، من أوله إلى آخره، ما خلا قصيدة قديمة أدرجها في المتن. أمّا الخبر السياسي الذي يتصدر الشاشات عن موت ومقتل السوريين، فهو في (هجاء البلاد) يتحول إلى مشهد جنائزي عنيف الدلالة: "يا حزن يعقوب يا حزناً على ولد/ ماذا تقول لمن يبكي على بلد؟/ أشلاؤنا بعضها في الأرض مندثرٌ/ وبعض أشلائنا يصبو لملتحدِ/ نَمضي قوافل موتى كل مرحلة/ لها نصيب من الأموال والولدِ".
والجنائزية تظهر بأكثر من شكل ومكان في الكتاب: "لم يبق فينا سوى أجداث من رحلوا/ نحن المقابر نحن اليتمُ والثّكَلُ".
مأساة السوريين التي ضربت أكثر من جيل وفئة عمرية، كان الأطفال ضحيتها الممتدة. فمن لم يقتل بآلة الحرب وتمكّن من اللجوء، فهو مهدّدٌ بروحه، وبصفته طفلاً (بلا وطن) و(بلا أهل). يقول في مقطوعة قصيرة باسم (بائعة): "قد ضيَّعَت أهلها كُونوا لها وطنا/ كونوا لها الدفء والإحسانَ والسكَنا/ كونوا لها الأرض إن الأرض باردة/ ووجهها الطفل ما في وردتيه جنى/ أو فاشتروا يا عباد الله "بَسطتها"/ من قبل أن تشتري بالبسطة الكفنا!".
ويشير الكتاب، شعرياً، إلى أحد أوجه مأساة السوريين، وهي حاجتهم الماسة إلى من يناصر قضيتهم، ولا يجدونه: "يا حزن يعقوب قف بالرسم وابكِ به/ شعباً وحيداً بلا أهل ولا سندِ". ذلك أن الكثيرين لا يعلمون شدة ما يقاسي منه اللاجئ السوري: "لو تعلمون/ كم يتوق لاجئٌ لاسمه". أو عندما تكون أنا الشاعر هي التي تنوب عن الجماعة: "عساي أصنع من حبل الدموع يداً/ تُمَدُّ لي إذ أنا وحدي بلا أحدِ".
وصدر لياسر الأطرش عدة كتب شعرية، منها: (لمهيار أرجوحة من حمام) عام 1996، و(بين السر وما يخفى) عام 2000، و(قلبي رغيف دم مستدير) عام 2002، و(أنا إنسان) عام 2013، و(قاموس الضوء، قصائد في حب محمّد) عام 2015. وسبق له أن فاز بجائزة (اليونيسيف) لأدب الأطفال عام 2002، فضلا من جوائز عديدة أخرى.