من العادي بعالم السينما أن تتجاوز الصداقة بين الممثلين الشاشات لتتجسد بالحياة العامة. وخلال القرن الماضي، شهد العالم واحدة من أشهر علاقات الصداقة بين شخصيتين بارزتين بعالم الكوميديا. فإضافة لشخصية تشارلي تشابلن التي أضحكت الكثيرين، وجسدت العصر الذهبي للسينما الصامتة بالقرن الماضي، برز كل من البريطاني ستان لوريل (Stan Laurel) والأميركي أوليفر هاردي (Oliver Hardy) حيث جمعت الأقدار بمحض الصدفة بين هذين الرجلين اللذين سرعان ما تحولا لوجهين لامعين بعالم الكوميديا، بفضل شخصيتي الثنائي لوريل وهاردي.
وقبل تحقيقهما هذا النجاح الباهر في مجال الكوميديا، سلك كل من ستان لوريل وأوليفر هاردي طريقين مختلفين، حيث عمل الرجلان معا عقب تجاوز كليهما للثلاثين وقد سجّل نشاطهما الثنائي المتميز بدايته في حدود سنة 1927 بفصل بعض الأفلام السينمائية الكوميدية الصامتة مثل Duck Soup وThe Battle of the Century.
ولد ستان لوريل يوم 16 من شهر حزيران/يونيو سنة 1890 بمنطقة أولفيرستن (Ulverston) بإنجلترا لعائلة مولعة بفنون المسرح وقد سجّل لوريل بدايته على خشبة المسرع بغلاسكو وهو في 16 من عمره قبل أن يرافق خلال السنوات التالية متعهد المسرح البريطاني فريد كارنو (Fred Karno) أثناء جولته بالولايات المتحدة الأميركية، وقد تلقى ستان لوريل حينها تعليمات بتقليد دور تشارلي تشابلن.
ومع اتخاذه قرار البقاء بأميركا، حصل ستان على عدد من الأدوار بأفلام ومسرحيات قبل أن يلتقي بالصديق الذي سيحقق معه الشهرة.
في غضون ذلك، ولد أوليفر هاردي يوم 18 من شهر يناير سنة 1892 بمدينة هارلم بولاية جورجيا الأميركية لعائلة لا تمت بصلة لمجال المسرح والفنون. وبعد فترة وجيزة قضاها في دراسة القانون، فضّل أوليفر هاردي تغيير وجهته نحو المسرح ليفتتح بناء على ذلك مسرحا سينمائيا عمل به كمدير وبائع تذاكر وعامل نظافة، وعند مشاهدته للأعمال الفنية آمن هاردي بقدرته على تقديم عروض أفضل من تلك التي قدّمها ممثلو تلك الفترة.
في بداية تحقيقه حلمه بالتمثيل، حصل أوليفر هاردي على العديد من الأدوار بفلوريدا أثناء فترة عمله مع مؤسسة لوبين (Lubin Company) تقمّص خلالها بسبب حجمه دورين أساسيين تراوحا بين الرجل الأخرق والرجل الشرير.
ظهر ستان لوريل وأوليفر هاردي لأول مرة بنفس الفيلم خلال العام 1921 عقب مشاركتهما بالفيلم الكوميدي القصير الصامت The Lucky Dog المصنّف كواحد من أول أعمال المخرج هال روتش (Hal Roach).
وأثناء هذا الفيلم، التقى كل من ستان لوريل وأوليفر هاردي بمحض الصدفة قبل أن تظهر الشخصيتان الظريفتان لوريل وهاردي.
سنة 1926، التقى ستان لوريل وأوليفر هاردي في فيلم ثاني، لكن دون أن يتشاركا في أي مشهد.
وخلال نفس العام، كان من المقرر أن يظهر أوليفر هاردي بفيلم Get ‘Em Young لكن بسبب تعرضه لوعكة صحية اضطر المخرج هال روتش لتعويضه بستان لوريل.
وانطلاقا من ذلك، اقترح المسؤول باستديو روتش ليو مكاري (Leo McCarey) على ستان لوريل الظهور بفيلم آخر رفقة أوليفر هاردي ليلاحظ حينها تشابه الحس الفكاهي والكوميدي للرجلين.
وخلال العام التالي، ظهر ستان لوريل وأوليفر هاردي معا بفيلمي Duck Soup وSlipping Wives وأثارا إعجاب الجماهير بدورهما وهو ما دفع بهال روش لوضعهما معا بفيلم Putting Pants on Philip الذي حقق نجاحا مذهلا ليظهر على إثر ذلك الثنائي لوريل وهاردي.
تدريجيا، تحوّل كل من ستان لوريل وأوليفر هاردي لصديقين مقربين، حيث تجاوزت صداقتهما استوديو التصوير لتمتد للحياة العادية وخلال مسيرتهما السينمائية المشتركة ظهر الرجلان معا في 107 أفلام كوميدية ما بين عامي 1921 و1950.
سنة 1950، قرر لوريل وهاردي وضع حد لمسيرتهما السينمائية بسبب تقدمهما في السن والمرض، وباشرا إثر ذلك بتقديم عروض في العديد من الدول الأوروبية.
عرفت صداقة لوريل وهاردي والتي امتدت لنحو 3 عقود نهايتها يوم 7 آب/أغسطس سنة 1957 حيث فارق أوليفر هاردي الحياة عن عمر يناهز 65 سنة عقب إصابته بجلطة. وحال سماعه لهذا الخبر، انهار ستان لوريل الذي كان مريضا حينها لدرجة أنه لم يتمكن من حضور جنازة صديقه.
وخلال ما تبقى من حياته، لم يتمكن ستان لوريل من التأقلم مع خبر وفاة صديقه فاعتزل التمثيل نهائيا ورفض الظهور مجددا بأي عرض دون صديقه هاردي.
ومن خلال رسالة لجماهيره، أعلن لوريل أنه يشعر بالضياع دون صديقه الذي عمل معه ثلاثين سنة.
وإلى حدود تاريخ وفاته يوم 23 شباط/فبراير سنة 1965، خصص ستان لوريل وقته للمعجبين ليحدثهم عن فترة عمله مع أوليفر هاردي ويجيب على رسائلهم المتعددة التي انهمرت عليه.