كيف اشترى الإسلاميون رمز القوميين العرب في الكويت؟

بمبلغ مليون و800 ألف دينار كويتي، اشترى عميد كلية الشريعة في الكويت، د. فهد الدبيس الرشيدي، مبنى مجلة "الطليعة"، في "المزاد" الذي أقرته المحكمة، ليُعلن بذلك نهائياً طي صفحة المجلة التي كانت صوتا للتيار العروبي والتقدمي في الكويت، منذ صدورها في 22 يونيو 1962، بحسب ما نقل موقع جريدة "القبس" الإلكتروني.

المالك الجديد، ذو التوجه الإسلامي، المناقض لأفكار "الطليعة" التي عملت على التأسيس لها طوال عقود، سوف يقوم بالاستفادة من المبنى تجاريا!

"القبس" نقلت عن مصادرها أن الرشيدي "سيعمل على استثمار المبنى، ويحوله إلى تجاري، نظرا لموقعه المتميز بشارع الصحافة، ووقوعه على مدخل منطقة الشويخ".

"الطليعة" التي كان أحد أبرز رؤساء تحريرها النائب الراحل سامي المنيس، حصل خلاف بعد موته بين ورثته و"جماعة الطليعة"، ومن بينهم عبد الله النيباري وأحمد الخطيب، ما دفع أحمد المنيس، نجل النائب سامي، إلى رفع دعوى قضائية، حيث صدر حكم قضائي كويتي في 22 نوفمبر 2015 بحل المجلة، وهو الحكم الذي اعتبرته "جماعة الطليعة" يحمل "صبغة سياسية"، نظرا لتاريخ المشاكل والمعارض للمطبوعة.

من جهته، كتب حينها النائب السابق في مجلس الأمة، وأمين عام "المنبر الديمقراطي"، عبد الله النيباري، عقب صدور الحكم، مقالاً بعنوان "إعدام الطليعة"، اعتبر فيه أن "الطليعة على امتداد تاريخها" كانت "شعلة تضيء طريق الكفاح الوطني، للتمسك بمكاسبه، وحماية الدستور، والسعي لتحقيق التحول الديمقراطي، الذي قال عنه المغفور له الشيخ عبدالله السالم في خطابه لإقرار الدستور إنه خطوة لاستكمال شروط الديمقراطية". وفي ذات المقال، انتقد النيباري موقف وزارة الإعلام، قائلاً "نحن في الطليعة، إذ ينتابنا شعور بقسوة الأحكام القضائية التي صدرت بحق الطليعة، وآخرها تغريمها بـ 20 ألف دينار، على خلفية تقارير نشرتها، كانت قد تناولتها صحف أخرى، إلا أنها لم تُحاسب عليها، وذلك لأنه ربما لم تتقدم وزارة الإعلام بتحريك قضايا ضد هذه الصحف، مثلما ترصدت لجريدة الطليعة، فالحكم الذي صدر بتهمة المساس بالقضاء لم يصدر بناء على دعوى منه، وإنما بتحريك من قِبل وزارة الإعلام".

أحمد الخطيب، الرمز البارز في التيار القومي الكويتي، وأحد المؤسسين لـ"الطليعة"، كتب في 25 نوفمبر 2015، مقالاً حمل عنوان "إلى رفيق الدرب وقائد المسيرة الشيخ عبدالله السالم.. ظُلمنا.. لكن الفرج قريب"، وجه فيه رسالة إلى الأمير الذي حصلت الكويت في عهده على استقلالها، جاء فيها "نبلغك.. لقد أصبحنا في عين العاصفة التي تجتاح المنطقة، وبدأنا نشعر بخوف شديد، بعد انفراط اللحمة، التي جمعت كل أطياف المجتمع، وحمتنا من الكوارث.. لقد كنتَ الأب الحنون للجميع، نلجأ إليك وقت الشدائد، فأنت الحكم العادل الذي يثق به الجميع"، مضيفاً "اليوم جاء دور "الطليعة"، المنبر الحُر لكل الوطنيين، لدعم الديمقراطية والحرية، وهي في طريقها لكي تُباع بالمزاد، كالبضاعة الفاسدة".

ورغم صدور الحكم في نوفمبر 2015، إلا أن العدد الأخير من "الطليعة"، والذي حمل رقم 2135، صدر في 32 مارس 2016، وتضمن مقالا لافتا "الطليعة.. صوت لن يغيب"، كتبه أحمد النفيسي.

العام 1962، شهد ميلاد "الطليعة"، كمجلة أسبوعية – تحولت تاليا إلى جريدة أسبوعية - تصدرها "شركة الطليعة للطباعة والنشر"، وكان ترخيصها باسم النائب عبد الرزاق الخالد، ثم انتقل من بعده إلى النائب سليمان الحداد، وتاليا النائب سامي المنيس. وكانت المطبوعة تعبر عن صوت "التيار الوطني"، الذي تشكلت منه "جماعة الطليعة"، وضمت أسماء بارزة، مثل: أحمد النفيسي، وعبد الله البعيجاني، وأحمد الخطيب، وعبد الله النيباري، وجاسم القطامي وغيرهم.

وسرعان ما شكلت "الطليعة" ظاهرة في المشهد الإعلامي الكويتي، نظرا لما امتلكته من آراء جريئة، ونقد سياسي، وهو ما حولها تاليا لمنبر استقطب "اليساريين" و"القوميين" في الخليج عامة، وحقق لها شهرة واسعة وتأثيرا كبيرا.

إلا أن هذا النجاح السياسي، سبب لها مشكلات مع الجهات الرقابية والحكومية، وأوقفت عن الصدور أكثر من مرة، ورفع ضدها العديد من القضايا. وكان رئيس تحريرها الراحل سامي المنيس، تعرض للمساءلة ورفع الحصانة البرلمانية أكثر عدة مرات، بسبب نشره لمقالات نقدية اعتبرت "متجاوزة في جرأتها".

يشار إلى أنه بعد وفاة المنيس في أغسطس 2000، تولى رئاسة تحريرها الدكتور عبد الله النيباري.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى