يتنافسون، الأربعاء، في مزاد نظمته دار Drouot الفرنسية، على دفع الغالي من الدولارات لشراء المسدس الذي انتحر به واحد من كبار الرسامين الانطباعيين، وهو الهولندي Vincent van Gogh الراحل بعد يومين من إطلاقه رصاصة في 27 يوليو 1890 على خصره من مسدس طراز Lefauchaux بلجيكي الصنع، كان ذلك الوقت من أرخص المسدسات، لأن "فان غوغ" الذي لم يبع إلا لوحة واحدة في حياته، كان بائسا وفقيرا، ومات بائسا معدما كما عاش.
بالمسدس الذي تتوقع دار المزادات أن ترسو مطرقة الدلال على أحدهم يدفع 60 ألف دولار ليشتريه، أنهى الرسام حياته في بلدة جاءها يوم 20 مايو 1890 ليقيم فيها، هي Auvers-Sur-Oise البعيدة 27 كيلومترا عن باريس، وبعد 70 يوما رحل فيها عن الدنيا بعمر قصير، بالكاد كان 37 سنة و5 أشهر، إلا أنه كان "مصنع فنون متنوعة" إلى درجة ترك معها 2100 عمل فني، بينها 860 لوحة من الأجمل والأرقى، وسعر الأرخص بينها عشرات الملايين من الدولارات، ويسيل لها لعاب أصحاب المليارات ولا يحصلون عليها إلا بمنافسة في مزاد.
بعد إطلاقه الرصاصة في خصره، بقي المسدس مرميا طوال 75 سنة في الحقل الذي كان فان غوغ يرسم فيه إحدى لوحاته، ثم يترك اللوحة فجأة ويقدم على الانتحار، وهي لحظة مهمة من فيلم أنتجته هوليوود بعنوان Lust for Life أو "رغبة الحياة" الذي قام بدور البطولة فيه الممثل الأميركي كيرك دوغلاس، ومعه مواطنه أنطوني كوين بدور الرسام الفرنسي الانطباعي بول غوغان، ونرى دوغلاس في الفيديو الذي تعرضه "العربية.نت" الآن، يقوم بدور فان غوغ، ويشعر في الحقل بالاكتئاب يحتدم عليه من مضاعفات مرض الصرع الذي كان يعاني منه، فينزوي إلى شجرة، ويطلق الرصاصة.
وعثر عليه مزارع بالصدفة
فقط في 1965 عثر مزارع بالصدفة على المسدس، فعرضوه في 2016 لأول مرة في "متحف فان غوغ" بالعاصمة الهولندية أمستردام، مع شبه تأكيد رسميّ بأنه المسدس الذي استخدمه الرسام للانتحار، لأنه قديم وكان في الحقل نفسه، وعيار 7 ملم، تماما كالرصاصة التي أدت مضاعفاتها إلى مقتل الرسام الشهير، لذلك سلمه من عثر عليه إلى مالك البيت الذي كان فان غوغ يقيم فيه بالبلدة، فبقي مع عائلته نفسها منذ ذلك الوقت.
بعدها أخضعوا المسدس المصاب بأضرار نراها في صورته أعلاه، لتحاليل متنوعة، ظهر من نتائجها أنه بقي في تراب الحقل نفسه في وقت تزامن مع العام الذي استخدمه فان غوغ فيه، على حد ما قرأت "العربية.نت" بسيرة المسدس الذي خرج باحثون أميركيون بفرضية نشروها في 2011 ملخصها أن الرسام لم ينتحر، بل أصابته رصاصة طائشة أطلقها شابان كانا يلهوان بمسدس، وهو من نقلته وكالة الصحافة الفرنسية ذلك الوقت عنهم، إلا أن خبراء دار Art Auctionالبريطانية للمزاد، لم تعر اهتماما للفرضية، لأنه لو كانت الرصاصة طائشة من لهو شابين بالمسدس، فإنه يبقى السلاح الذي قتل فان غوغ، وهنا أهميته التي جعلت المتحف بأستردام يعرضه، كما حملت الدار الفرنسية على بيعه اليوم بالمزاد.