خبر

«حزب الله» ينتزع «الصحة»: قُضي الأمر

عماد مرمل – الجمهورية

 

 

أوحى الرئيس المكلّف سعد الحريري، خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة، بأنّ منح «حزب الله» حقيبة الصحة ليس محسوماً، ربطاً بالتداعيات التي قد يرتّبها استلامه تلك الحقيبة في ظل الحصار المضروب عليه والعقوبات المتّخذة بحقه، وإن كان الحريري قد أوضح أنّه لا يعارض حصول الحزب على هذه الحقيبة.
هل هذا يعني أنّ مصير وزارة الصحة لا يزال غامضاً بانتظار توزيع الحقائب في ربع الساعة الأخير، أم أنّ المسألة منتهية بالرغم من القيل والقال؟

تجدر الإشارة الى أنّ موقف الحريري الذي بدا في ظاهره ملتبساً وقابلاً للتأويل، يأتي معطوفاً على تحذيرات متفرّقة من تجيير «الصحة» الى «حزب الله»، تبوح بها تارة السفارة الأميركية في لبنان، وطوراً بعض الأوساط اللبنانية، الأمر الذي أعطى هذه الحقيبة الحساسة أبعاداً تتجاوز إطارها الانساني، وتزجّ بها في قلب التجاذبات السياسية والحسابات الدولية!

لكنّ الصورة تبدو مغايرة تماماً في حارة حريك، حيث لا أثر ولا صدى لهذا الأخذ والرد. القريبون من «الحزب» يجزمون بلهجة قاطعة وثقة تامّة أنّ القرار حُسم باكراً ولم يعد قابلاً للنقاش: «حقيبة الصحة ستكون لـ»حزب الله» ونقطة على السطر. لقد قُضي الامر منذ فترة، وأصبح خلفنا، ومن يعتقد أنّه لا يزال ممكناً البحث في ذلك إنما يُضيّع وقته».

ويوضح المحيطون بدائرة القرار في «الحزب» انّ الرئيس نبيه بري إتفق مع الحريري منذ بدايات مشاورات التأليف على انّ «المالية» ستكون من حصّة «حركة أمل» و»الصحة» ستؤول الى «حزب الله»، لافتين الى أنّ هذا التفاهم لا يزال ساري المفعول، وليس هناك ما يستدعي تعديله. ويشير هؤلاء الى أنّ ضغوط البعض للحؤول دون حصول الحزب على «الصحة» أعطت مفعولاً عكسياً، بحيث انّ حارة حريك أصبحت اليوم متمسّكة بوزارة الصحة أكثر من أي وقت مضى، وليس وارداً لديها بتاتاً المفاوضة عليها.

ويعتبر «الحزب» انّ التشويش على حقّه في استلام حقيبة محدّدة لا ينفصل عن الحملة الخارجية الموجّهة ضدّه لمحاصرته، وكذلك بهدف إحراج الحريري وحكومته المقبلة ووضعهما تحت الضغط السياسي والنفسي. وضمن هذا السياق تحديدا، يُدرج الحزب المظاهر التصعيدية الأخيرة، بدءاً من ترويج بنيامين نتياهو لوجود مخازن صواريخ في محيط المطار، مروراً بالدفعة الجديدة من العقوبات الاميركية التي استهدفت شخصيات شيعية لا علاقة لها بالحزب، وصولاً الى همس السفارة الاميركية في أذن البعض لإبعاد «الحزب» عن وزارة الصحة وإلّا تأثّرت الخدمات الصحية للبنانيين سلباً.

ويعتقد «الحزب» انّ الحملة التي يتعرّض لها هي للتعويض عن فشل أعدائه في مواجهته عسكرياً، وتأليب اللبنانيين عليه وإشعارهم بأن الحزب بات عامل عدم استقرار، ويشكّل عبئاً عليهم وتهديداً لهم، سواء عبر الزعم بنشره صواريخ قرب أحياء سكنية ومرافق حيوية، او من خلال إيذاء مصالح رجال أعمال يجري تلبيسهم تهمة دعم «الحزب» من دون ان يكون لهم صلة به، او بالتلميح الى انّ علبة الدواء ستصبح في خطر إذا أصبحت برسم حارة حريك.

وعلى رغم ذلك، لا يقلق «الحزب» على وزارة الصحة تحت مظلته، ولا تخيفه التسريبات عن حصار او تضييق على الوزارة بفعل تصنيفه منظمة إرهابية من قبل بعض الدوائر الاقليمية والدولية التي قد ترفض التعامل مع وزيره المفترض.

ويلفت القريبون من «الحزب» الى أنّ التعاون بين وزارة الصحة والاميركيين محدود، ومقاطعة واشنطن لها لن تترك آثاراً وخيمة، وهناك من هو جاهز ليملأ أي فراغ.

ويستشهد أصحاب هذا الرأي بما حصل مع «الاونروا» التي قررت الولايات المتحدة حجب مساهمتها المالية عنها، فما كان من الاوروبيين إلّا أن قرروا زيادة مساهماتهم. وعليه، يعتبر الحزب انّ مصالح الدول والمؤسسات الدولية تفرض عليها التعامل ببراغماتية مع الواقع، وليس أدلّ على ذلك من انّ جمعيات أميركية سبق أن عرضت التعاون مع بلديات واتحادات بلديات محسوبة على «حزب الله»، لكن العرض رُفض.

وأيّاً يكن الأمر، فإن المعنيين في «حزب الله» يتساءلون: كيف لمن يتشدق بالشعارات الرنانة ان يعاقب الناس باسم فرض العقوبات علينا؟ وهل وزارة الصحة هي من ممتلكات «الحزب» ام انّها حقيبة للخدمة العامة وهي على تماس مباشر مع المواطنين؟

ويؤكد هؤلاء أنّه مهما اشتدت الضغوط والعقوبات، على أنواعها، فإن مناعة «حزب الله» لا تضعف، واحتضان الناس للمقاومة لا يتزعزع، وقد أثبتت التجارب هذه الحقيقة التي ستتأكّد في كل مرّة وعند كل استحقاق.