خبر

عون يفتح باب التشاور لتسريع تشكيل الحكومة… ونصرالله يحصر التفاوض بأصحاب العلاقة

الرياض تحبس أنفاسها بانتظار ما سيقوله ترامب غداً بعد لقائه أردوغان في باريس
عون يفتح باب التشاور لتسريع تشكيل الحكومة… ونصرالله يحصر التفاوض بأصحاب العلاقة
اللقاء التشاوري يفرض حضوره من بوابة بعبدا… والهجمات الحريرية بالونات هوائية

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

لا تكاد الرياض تتلقى صدمة حتى يكون عليها الاستعداد للتالية، وبعد الأنباء السيئة التي وردت لوزارة الدفاع السعودية عن الخسائر الضخمة في معارك الحديدة، والتراجعات التي فرضها اليمنيون على المهاجمين السعوديين والإماراتيين، تتجه الأنظار لما سيجري على هامش الاحتفالات الباريسية بمئوية الحرب العالمية الأولى التي سيحضرها الكثير من قادة العالم وتغيب عنها السعودية، حيث سيكون للقاءات التي سيعقدها الرئيس التركي رجب أردوغان، أهمية خاصة في مسار قضية قتل جمال الخاشقجي، بعدما أعلنت أنقرة أن أردوغان سيتيح للقادة المشاركين في باريس الإطلاع على الأدلة التي باتت بحوزة التحقيق التركي والتي تلتقي عند توجيه الاتهام المباشر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإصدار أمر قتل الخاشقجي وتقطيع جثته وإذابتها بالأسيد، لكن يبقى بالنسبة للرياض ما سيقوله الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وعد بموقف قوي من قضية الخاشقجي بعد لقائه أردوغان، هو الأهم.

في لبنان شهد الجمود السياسي اختراقاً أشاع الأمل بوضع العقد على طريق الحلحلة، فقد شكل استقبال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لنواب اللقاء التشاوري ثغرة في جدار الأزمة، وما نقله النواب عن الرئيس عون بعد اللقاء أشاع المزيد من الأمل ببدء مسار الحلحلة للعقدة الحكومية، رغم عدم تداول صيغ معينة للحل القابل للسير به، بعدما صدرت مواقف منسوبة للرئيس المكلف تشكيل الحكومة ضمن مقدّمة نشرة أخبار تلفزيون المستقبل لا توحي بالتفاؤل، عبر اللغة الهابطة التي استعملها في وصف زملائه النواب الذي ينتمون لخيار مخالف، بوصفهم «ودائع المخابرات السورية»، ما أثار الاستغراب والدهشة من هذا المستوى من الإسفاف السياسي الذي لا يليق برئيس حكومة، خصوصاً أنّ هذه اللغة المبتذلة لم تلقَ مثلها ولا حتى الردّ المناسب عليها من نواب اللقاء التشاوري التزاماً بما وعد به النواب من هدوء في لقائهم معه، معتبرين التطاول عليهم واستعمال لغة نابية في الخطاب السياسي يأتي رداً تعوزه اللياقة على استقبال رئيس الجمهورية للنواب، رغم ما قدّمه الرئيس من دعم للحريري في إطلالته الأخيرة، وما يمثله هذا الكلام من جحود بما قدّمه رئيس الجمهورية، ولا مسؤولية في التعامل مع قضية تشكيل الحكومة. وقالت مصادر على صلة بالمشاروات الجارية لحلحلة العقدة الحكومية إنّ الحريري بعد عودته سيجد نفسه مضطراً لتغيير موقفه، ولن تكون عنتريات ما نسب إليه سوى بالونات هوائية، فهو يعلم أن لا مصلحة له بالاعتذار وبات يعلم ان لا حكومة بدون تمثيل اللقاء التشاوري.

بالتوازي يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد ظهر اليوم، ويتناول أبرز القضايا المحلية والإقليمية، وستكون له وقفة خاصة مع العقد الحكومية. وتوقعت مصادر سياسية مطلعة على موقف حزب الله من تمثيل نواب اللقاء التشاوري أن يجدّد السيد نصرالله ما سبق وأبلغه حزب الله لجميع المعنيين، من رفض مطلق للتفاوض حول هذا الشأن والاكتفاء بدعم وقبول ما يقبل به نواب اللقاء، الذين يمثلون أنفسهم بأنفسهم ولا يسمح حزب الله لنفسه بالتفاوض نيابة عنهم، مؤكداً حصرية التفاوض حول العقدة الحكومية بهم، ودعم حزب الله لهم في ما يقرّرون وما يقبلون وما يرفضون.

عون يكلّف باسيل حلّ العقدة السنيّة…

لم يعُد باستطاعة الرئيس المكلف سعد الحريري تجاوز سُنة المعارضة بعد الهجمات المرتدّة الذي نفذها اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تمكّن من دفع الكرة الى ملعبه وتسجيل نقاطٍ في مرماه، ما دفع بعض المقرّبين من «زعيم بيت الوسط» الى إسداء النصائح له بالعودة السريعة الى بيروت قبل أن يستكمل خصوم «البيت الواحد» الاجتياح السياسي للمقار الرسمية والصروح الدينية والتقدّم على محاور التأليف، فرئيس المستقبل قد يجد بعد عودته من عزلته الحكومية أن تمثيل السنة خارج تياره قد بات أمراً واقعاً. وبحسب المعلومات فقد تأكدت عودة الحريري الاثنين المقبل للمشاركة بالجلسات التشريعية في المجلس النيابي بعد مشاركته في الاحتفال بالذكرى المئوية للحرب العالمية الثانية في باريس.

وعلى رغم الحراك السياسي على خط تذليل العقدة السنية إلا أن لا حل على الباب، فالاقتراحات المتداولة بحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» لم تتضح معالمها التفصيلية ولم تُتَرجم عملياً على الأرض الحكومية، غير أن مؤشرات إيجابية لاحت من بعبدا أمس، ألمح اليها أمس الأول من عين التينة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، فقد أحال رئيس الجمهورية ميشال عون أمر العقدة القائمة الى رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل وكلفه إيجاد الحل المناسب لها، هذا ما تمخّض عن اجتماع وفد اللقاء التشاوري مع الرئيس عون في بعبدا، والذي ضمّ النواب: عبد الرحيم مراد، فيصل كرامي، الوليد سكرية، قاسم هاشم، جهاد الصمد وعدنان طرابلسي. وقال مراد بعد اللقاء: «نحن نمثل 6 نواب وحصلنا على 30 من أصوات السنة وعندما يقول الرئيس المكلف لن أسمّي أحداً من خارج تيار المستقبل فهذا يتعارض مع ما تم العمل عليه سابقًا»، مضيفاً «الرئيس عون دعا الى التعاطي بهدوء ونحن نحاول ان نوضح وجهة نظرنا لكل القوى التي نلتقيها». وأشار الى «أننا طرحنا حلاً يقضي بأن يتمثّل أحد النواب الستّة ولا حل آخر غيره والمخرج يجب ان يكون عند الرئيس الحريري»، متمنياً «ان تتشكل حكومة في أسرع وقت ممكن ولا يجوز أن نكون الضحية والرئيس وعد خيراً»، اما النائب سكرية فقال «نحن نُمثّل خطًّاً معيّنًا ضمن الطائفة السنّيّة ووصلنا إلى المجلس النيابي لنُعبّر عن ناخبينا السُّنّة وتحالفنا لنُعبّر عن هذا النهج ومتمسّكون به ومتمسّكون بأن يكون أحدٌ من الستة وزيرًا ويُمثّل هذا النهج».

وأشارت مصادر الوفد لـ«البناء» الى أن الرئيس عون لم يعترض على تمثيلنا بل استمع الى مطلبنا ووجهة نظرنا وكان إيجابياً ولم يجر التداول مع عون بتفاصيل اي اقتراح بل عرضنا عليه أن نمثل بوزير من النواب الستة ومن الحصة السنية»، وتلفت المصادر الى «أننا لسنا بصدد الموافقة على حلول وسطية تأتي على حساب تمثيلنا، ونحن نترك الخيار للرئيس المكلف باختيار وزير من اللقاء التشاوري»، وأكدت المصادر بأننا سنقوم بزيارة الى البطريرك الراعي فور عودته الى بيروت ورؤساء الحكومات السابقين وقد نزور الوزير باسيل كما سنطلب موعداً من الرئيس الحريري وإن رفض فحينها المسؤولية تقع على عاتقه ويظهر عندئذ مَن يعطّل تأليف الحكومة، علماً أننا تأملنا أن يبادر هو الى دعوتنا والتشاور معنا». وقد أشارت قناة «أو تي في» إلى حركة لقاءات ومشاورات ناشطة تدور وراء الكواليس حول تشكيل الحكومة من دون أن يعني ذلك تقديم أي مبادرة أو إحراز أي تقدم حتى الآن، لافتة الى أنه «طُرح توزير شخصية سنيّة كحل وسط من خارج سنّة 8 آذار وقريبة منهم في الوقت نفسه، كما طُرح توزير سنّي مستقل من حصة رئيس مجلس النواب نبيه بري لكنّ بري رفض». ونفت وجود مبادرة روسية لحل العقدة الحكومية، ورأت أن «المبادرة الروسية لا تعني أن روسيا ستقدّم أي حلول أو ستتدخل على صعيد عقدة معينة»، مشيرة إلى «احتمال زيارة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى لبنان في الأسابيع المقبلة».

وتشير مصادر نيابية مقربة من الرئيس بري لـ«البناء» الى أن «رئيس المجلس يدعم توجه اللقاء التشاوري وتمثيله وسبق وأبلغ الحريري بذلك، لكن الثنائي الشيعي كان يعلم استعصاء العقدتين المسيحية والدرزية فانتظر حلها لطرح العقدة السنية. كما يعتزم بري، بحسب المصادر التأكيد للرئيس المكلف عند لقائه به في الجلسة التشريعية الاثنين المقبل على ضرورة حل هذه العقدة بالطريقة المناسبة والإسراع بإعلان ولادة الحكومة قبل انفجار الوضع الاجتماعي والاقتصادي في وجهنا جميعاً». كما أكدت المصادر بأن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سيجدّد موقف الحزب بالوقوف خلف حلفائه السنة والموافقة على ما يرتضونه وأن أي تفاوض لإيجاد الحل فسيكون معهم لا معنا». وعن موضوع تفعيل حكومة تصريف الاعمال أوضحت المصادر أن «رئيس المجلس يفضل انتظار تأليف حكومة جديدة لانتظام عمل المؤسسات، لكن جدول الأولويات الاقتصادية والحياتية يتّسع لكثير من الملفات ما يتوجّب عقد جلسات تشريعية وعقد جلسات محدّدة لحكومة تصريف الأعمال حتى تأليف الحكومة العتيدة».

وأكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، الذي كان البطريرك الماروني حمّله رسالة الى حزب الله، الى «محاورة النواب المستقلين والبحث معهم في الحلول المعقولة والمقبولة، التي تؤمّن خروجاً آمناً وعادلاً ومنصفاً يضمن قيام حكومة شراكة وطنية فعلية».

أما تيار المستقبل فلم يخرج من سجن موقفه برفض تمثيل معارضيه في الساحة السنية متسلّحاً بموقف رئيس الجمهورية، وقالت أوساط نيابية في المستقبل لـ»البناء» إن «الرئيسين الحريري وعون واضحان ومتفقان في هذا الأمر. وعبر الأخير عن موقفه في الذكرى الثانية لانتخابه ولا نعتقد أنه سيُبدل موقفه بعد زيارة وفد سنّة 8 آذار الى بعبدا»، مشيرة الى أن «إشكالية تمثيلهم تكمن في توزيع هؤلاء النواب على كتل مختلفة، وليس السبب كما يقولون بأن الحريري يريد احتكار التمثيل السني»، مشيرة الى أن «الوضع داخل الطائفة السنية مختلف عن الوضع في الطائفتين المسيحية والدرزية، حيث معروف خريطة الكتل بين الطرفين المسيحيين والطرفين الدرزيين، أما عند السنة فليس هناك تكتل واضح مقابل لكتلة المستقبل»، ولفتت الأوساط الى أنه «في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه، فإن الحكومة لن تبصر النور في الأمد المنظور والرئيس المكلف لن يوقع على مرسوم فيه سنة المعارضة»، ونفت موافقة الحريري على توزير نائب من سنة 8 آذار من حصة الرئيس عون الذي حسم أمره بتوزير سني من فريقه السياسي». وأكدت أن «الحريري سيجري لقاءات ومشاورات مع الرئيسين عون وبري، لكن الأمر عنده محسوم»، وعن استقبال الحريري للنواب المستقلين قالت الأوساط: «هذا الأمر يعود له». وعن تعويم حكومة تصريف الأعمال قالت: «نفضّل تأليف حكومة جديدة لفتح مرحلة جديدة على كافة المستويات، لكن إذا تأخرت ولادتها فنحن مع عقد جلسات لحكومة تصريف الاعمال مخصصة لمتابعة الملفات الداهمة وتسيير شؤون المواطنين أو على الأقل اجتماعات بين الرئيس المكلف والوزراء المختصين».

تهديدات إسرائيلية عشية إطلالة نصرالله

وعشية إطلالة السيد نصرالله بمناسبة يوم الشهيد أطلق العدو الإسرائيلي تهديدات جديدة للبنان حملت تهديداً مباشراً للحكومة اللبنانية، وذكرت صحيفة «هآرتس » الإسرائيلية في مقال نشرته، أن «الأراضي اللبنانية قد تكون هدفاً جديداً للهجمات الإسرائيلية بدلاً من سورية بسبب عملية تسلّح حزب الله بالصواريخ التي تهدد إسرائيل علناً». وأكدت الصحيفة أن «هذه الصواريخ تهدّد بشكل علني إسرائيل، وإذا واصلت الحكومة اللبنانية السماح لحزب الله بإقامة مصانع لتحسين دقة صواريخه، فإنها بنفسها ستصبح هدفاً، أي أن لبنان سيحل محل سورية كهدف للهجوم»، لافتة إلى أن «سيناريوات تأثير العقوبات على الاقتصاد اللبناني وعلى مكانة حزب الله فيه، ما زالت بانتظار قرار الحكومة الإيرانية ، في ما يتعلق باستمرار توسيع وجود حزب الله في جنوب سورية». ما يؤكد بشكل لا يرقى الى الشك بحسب مراقبين ضلوع إسرائيل بإصدار قرارات العقوبات الأميركية على إيران وحزب الله. وتأتي هذه التهديدات للبنان بعد الطوق الذي فرضته روسيا على الحركة الجوية العسكرية الإسرائيلية بعد حادثة إسقاط «إسرائيل» للطائرة الروسية، كما تأتي الادعاءات الإسرائيلية غداة تقديم المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل داهلر كارديل تقريراً حول مراحل تنفيذ القرار 1701 امام مجلس الأمن.

وأكد الرئيس عون لكارديل خلال استقباله لها، ان «الادعاءات الإسرائيلية عن وجود مصانع اسلحة ومخابئ سرية في عدد من الاماكن اللبنانية لا اساس لها من الصحة، وأن اركان السلك الدبلوماسي المعتمدين في لبنان رافقوا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في جولة تأكدوا خلالها من عدم صحة هذه الادعاءات. كذلك فإن قيادة «اليونيفيل» نفت أن تكون هناك أسلحة في مناطق وجود منظمة الأخضر بلا حدود. ولفتها الى ان لبنان ملتزم بالمحافظة على الاستقرار على طول الحدود وتطبيق القرار 1701، في وقت تواصل فيه «إسرائيل» انتهاك السيادة اللبنانية في البر والبحر والجو غير آبهة بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن والامم المتحدة».