خبر

مخزومي: إذا كان الجميع يحاربون الفساد فمن هو الفاسد؟

 

أكد النائب فؤاد مخزومي أن اللبنانيين انتخبوا النواب ليعملوا بشكل جدي على تحسين وضعهم الاقتصادي والمعيشي، لذا من غير الممكن أن تستمر المناورات على صعيد الحصص الوزارية والمواقع، الأمر الذي يعطل تشكيل الحكومة. واعتبر أنه من الضروري أن نمدّ الرئيس المكلف سعد الحريري بالدعم المطلوب لأننا مقبلون على مرحلة اقتصادية صعبة. وأكد أنه حورب من قبل العديد من الجهات السياسية خلال فترة الانتخابات لكنه نجح بأصوات ناخبيه، لافتاً إلى أنه لا يعتبر نفسه طرفاً في العقدة السنية لأنه مستقل وقد قدم نفسه منذ البداية كنائب وليس كوزير. ولفت إلى أن الحريري لم يقبل بتمثيل أحد من نواب “اللقاء التشاوري”، لذا طرحنا أن يكون التمثيل من بين الناجحين من دون تحالفات انتخابية، وهم مخزومي في بيروت والرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس والنائب أسامة سعد في صيدا. هذا وانتقد مخزومي تصريحات غالبية السياسيين الذين نادوا قبل الانتخابات بمحاربة الفساد، بالرغم من أن معظمهم ساهم في إرسائه من خلال مراكمة الدين العام، متسائلاً إذا كان الجميع يحاربون الفساد فمن هو الفاسد؟ واعتبر أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود رؤية اقتصادية سليمة من شأنها تطوير البلد وخلق الوظائف للشباب.

كلام مخزومي جاء خلال مقابلة أجراها عبر محطة “NBN” ضمن برنامج “السياسة اليوم” مع الصحفي عباس زلزلي، لفت فيها إلى أن لبنان صمد برغم كل الظروف الصعبة التي مرّ بها، إلا أن مشكلته الأولى والأخيرة تكمن في سوء الإدارة، مشيراً إلى أن اللبنانيين الذين عايشوا حرباً أهلية في العام 1975 لا زالوا يعانون من تبعاتها وآثارها حتى اليوم، فمرحلة ما بعد الحرب هي مرحلة وقف اقتتال فحسب. ولفت إلى أن المواطن سئِم حال البلد فاستقال من دوره بسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة المهترئة من الداخل.

وعن ملف التمثيل السني في الحكومة، أكد مخزومي أن الانتخابات النيابية الأخيرة أظهرت الأحجام الحقيقية لكل فريق وأعادت توزيع الأدوار السياسية، مشيراً إلى أن جميع الطوائف خلصت أخيراً إلى الاعتراف بالمعطى الجديد، فمثلاً على صعيد الموارنة اعترف التيار الوطني الحر بوجود كل من “القوات اللبنانية” و”تيار المردة” و”الكتائب”، وحصل الأمر نفسه عند الشيعة والدروز. أما بالنسبة للطائفة السنية فإن الانقسام العامودي الحاصل على صعيد ما كان يسمى 8 و14 آذار كان سبباً بعدم اعتراف الرئيس سعد الحريري بالتعددية التي كرستها الانتخابات وعدم حصرية التمثيل السني. وقال أن الحريري يعتبر أن النواب السنة الستة الذين شكلوا “اللقاء التشاوري” وطالبوا بمقعد وزاري ليس من حقهم المطالبة بالتوزير لأنهم ينتمون إلى تكتلات سياسية لها علاقة بالثنائي الشيعي وليسوا مستقلين.

ولفت مخزومي إلى أنه إذا كان لا بدّ من تمثيل هؤلاء النواب الستة، على الثنائي الشيعي أن يطالب بحصة أكبر من 6 مقاعد له في الحكومة، فبعملية حسابية سريعة نجد أن التكتل الذي يجمع حزب الله وحركة أمل يضم نواباً من مختلف الطوائف، مقترحاً انضمام النواب الستة إلى التكتل الشيعي الذي سيزداد عدد نوابه ليصبح ما بين 33 إلى 35 نائباً وعندها يحق له المطالبة بـ7 مقاعد وزارية عملاً بمعادلة “وزير لكل 4 نواب”. ولفت إلى أن هؤلاء النواب الزملاء نجحوا بأصوات ناخبيهم لكنهم يرتبطون بكتل سياسية، فالنائب فيصل كرامي ومعه النائب جهاد الصمد انضموا إلى “تيار المردة” الذي يفاوض بدوره على موقع له في الحكومة، متسائلاً عما إذا كان هذا التيار له الحق بالمطالبة بمعقد وزاري بناء على أعداد المسيحيين فقط، مؤكداً أن المشكلة تكمن في عدم تطبيق المعايير التي تحكم اختيار الوزراء بالطريقة ذاتها داخل الطوائف بشكل يلغي الحصرية ويحفظ التعددية وحق الجميع بالتمثيل.

ولفت مخزومي إلى أن المعايير التي حكمت حلّ العقدتين المسيحية والدرزية اختلفت، واليوم نقف أمام العقدة السنية التي ستكون معاييرها مختلفة أيضاً، معتبراً أنه بمعزل عن أي عقد أو عقبات من الضروري الإسراع في تشكيل الحكومة لأن خطراً اقتصادياً كبيراً يهدد البلد، خصوصاً بعدما وصل العجز المالي إلى حدود الـ7 مليار دولار والخوف من أن يتطور هذا الرقم ليتجاوز الـ9 مليار دولار بسبب المصاريف المتزايدة التي تطالب بها اللجان النيابية. ولفت إلى أنه لا يوجد اليوم سيولة في وزارة المال، الأمر الذي يحتم علينا اللجوء إلى الاستدانة التي لا نشجع عليها لكن كونه لا مفر من اعتماد هذا الخيار فمن الضروري وجود حكومة للقيام بذلك.

ولفت مخزومي إلى أن اللبنانيين انتخبونا كنواب لنعمل بشكل جدي على تحسين وضعهم الاقتصادي والمعيشي، لذا من الغير الممكن أن تستمر المناورات على صعيد الحصص الوزارية والمواقع، الأمر الذي يعطل تشكيل الحكومة، معتبراً أنه من الضروري أن نمدّ الحريري بالدعم المطلوب لأننا مقبلون على مرحلة اقتصادية صعبة، مبدياً تخوفه من أن يؤثر تأخير إنجاز التشكيلة سلباً على إصدار سندات الخزينة.

وفي ردّ على سؤال حول سبب التوصل إلى حلّ للعقدة الدرزية وعدم التمكن من فعل ذلك في ما يخص العقدة السنية، لفت مخزومي إلى أن شخصية القائد السياسي للطائفة تحدد كيفية التفاوض معه، معتبراً أن الحريري يعتقد حتى تاريخ اليوم أنه يملك حصرية التمثيل السني، بالرغم من أن “تيار المستقبل” فاز بـ17 نائباً فقط من أصل 27. وأضاف: الرئيس المكلف يحاول تشكيل حكومة لتستمر مدة 4 سنوات لتواجه التحديات الاقتصادية المقبلة، معرباً عن اعتقاده أن هذه التحديات أكبر بكثير من أن نستطيع الوقوف بوجهها حتى لو اجتمعنا أخيراً واتفقنا على تشكيلة حكومية نهائية. وأكد أنه كان الأجدى بنا أن نشكل الحكومة سريعاً منذ البداية وإذا ما طرأ في ما بعد أي جديد على الاستحقاقات في المنطقة، عندها من الممكن أن نعيد تشكيل الحكومة بما يتماشى مع التغيرات الإقليمية.

ولفت مخزومي إلى أنه لا يمكن الحديث في لبنان عن وحدة وطنية لأن جلّ ما في الأمر هو وحدة المصالح، إذ إن مختلف المشاريع تترسى بما يتناسب مع مصالح السياسيين في ملفات الكهرباء والنفط وغيرها. وأضاف: ما لمسته هو أن المصلحة الوطنية تغيب كلياً عن أذهان القوى السياسية.

وأشار إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أخذ على عاتقه تمثيل النواب السنة الستة، ولكن من جهة أخرى يتفق رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري على أنه من المستحيل أن تتشكل حكومة تضم أياً من هؤلاء النواب، الأمر الذي نصل معه إلى طريق مسدود، متمنياً على النواب السنة الستة أن يتفهموا أن اللبنانيين انتخبوهم لكي يباشروا العمل الجدي ويبتعدوا عن كل ما يمكنه أن يعرقل تشكيل الحكومة لتسيير أمور البلد.

وعن الدور الذي يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال: الرئيس بري يقرأ السياسة بميزان ذهب ولو سمعنا ما طرحه في العام 2016 لحُلت 70% من مشاكلنا السياسية، علماً أن بري كان قد قدم مبادرة السّلة المتكاملة القائمة على انتخاب رئيس للجمهورية وإجراء الانتخابات النيابية قبل اقتراب موعد نهاية المجلس الممدد له، والاتفاق على تشكيل الحكومة على غرار ما حصل في الدوحة.

وعن إمكان توزيره، أكد مخزومي أنه حورب من قبل العديد من الجهات السياسية خلال فترة الانتخابات النيابية لكنه نجح بأصوات ناخبيه، لافتاً إلى أنه لا يعتبر نفسه طرفاً في العقدة السنية لأنه مستقل وقد قدم نفسه منذ البداية كنائب وليس كوزير. وتابع: أتفهم أن هنالك الكثيرون ممن لا يحبذون أن أكون وزيراً، وذلك لأنني صريح وواضح وأملك الملفات الكاملة ومتمكن من عملي، كما أنني أتفهم أنه من الممكن أن تكون شخصيتي غير مطلوبة في هذه المرحلة ولكن ذلك لا يعني أنني غير قادر على المشاركة والدخول طرفاً في العمل الجدي لتغيير الواقع الذي يقوم عليه البلد.

وجدد التأكيد أن هنالك 10 نواب سنة من خارج “تيار المستقبل” لهم الحق الكامل أن يتمثلوا في الحكومة، مشدداً على أنه لم يعد هنالك حصرية في التمثيل السني لصالح “تيار المستقبل”. وقال: لأن الحريري لم يقبل بتمثيل أحد من نواب “اللقاء التشاوري”، طرحنا أن يكون التمثيل من بين الناجحين من دون تحالفات انتخابية وهم أنا في بيروت والرئيس نجيب ميقاتي في طرابلس والنائب أسامة سعد في صيدا. وأضاف: أقدم اليوم الطرح التالي: إذا وجد شخص قريب من فكرنا السياسي الذي ينص على أن الاقتصاد أولاً فإننا مستعدون لدعمه ولإعطاء صوتنا للرئيس الحريري لتشكيل الحكومة سريعاً لأن الخطر الاقتصادي بدأ يداهمنا ولن نستطيع الانتظار لأشهر إضافية.

ولفت مخزومي إلى أن العقدتين المارونية والدرزية حُلتا وأصبحنا الآن في إطار ما يسمى بالعقدة السنية، قائلاً: لمست من لقائي بالرئيس عون استعداده للمساعدة في حلّ أي عقدة لتسهيل تشكيل الحكومة، لكن في المقابل كل المؤشرات والمعطيات السياسية تدلّ على أن الحريري غير مستعد للتنازل عن أي مقعد من حصته لصالح النواب السنة من خارج “تيار المستقبل”. وشدد على أنه من غير المنصف القول أن النواب السنة الستة هم السبب في التأخير الحاصل في التشكيل، مشيراً إلى أن السبب يعود إلى التوقيت، مستغرباً تأخرهم في المطالبة بمقعد وزاري إلى هذا الوقت.

وعن موقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من إعطاء مقعد وزاري لنواب “اللقاء التشاوري”، لفت مخزومي إلى أن سماحته حاول منذ لحظة انتخابه أن يكون جسر تلاقي وحوار بين كل الجهات، كما أن مواقفه تعبر دائماً عن الإيجابية. في وقت توقع أن يطول أمد العقدة السنية لأسبوعين أو أكثر قبل ظهور الضغوطات التي من شانها حلحلة الأمر، فموقف الحريري حاسم في هذا الإطار ورئيس الجمهورية داعم له لذا لا مجال للتراجع، والمخرج سيكون فقط من خلال تفهم النواب السنة الستة بضرورة التنازل على مطلبهم لمصلحة تشكيل الحكومة، بالرغم من أن المطلب هو حق مشروع لهم.

وعن دور السياسي اللبناني، أكد مخزومي أنه أصيب بصدمة لدى دخوله المجلس النيابي الذي من المفترض أن تكمن مسؤولياته في الرقابة والمحاسبة والتشريع، إلا أنه لا يستطيع القيام بأي من هذه المهام لأن الحكومة لم تشكل منذ ستة أشهر. ولفت إلى أنه لمس خلال حضوره جلسات اللجان النيابية المشتركة أن هنالك العديد من الشخصيات الجديدة التي دخلت الندوة البرلمانية والتي تتمتع بنفس جديد وإقبال على التغيير، فهي تطرح التساؤلات الجدية، الأمر الذي يدلّ على أن بإمكانها أن تكون منتجة.

وأشار إلى أنه شخصياً يحاول أن يكون حاضراً في جلسات غالبية اللجان لكي يتعلم ويكتسب الخبرة اللازمة ليتمكن من المشاركة الفاعلة، لأنه كنائب يعتبر نفسه مسؤولاً أمام من انتخبه من المواطنين وأمام اللبنانيين ككل. وتابع: لكن صدمتي كانت حين اكتشفت أنه لم يتم وضع حدّ للاستدانة وصرف المال، بالرغم من أن وزير المالية علي حسن خليل كان قد أكد أن لبنان لا يملك المال الكافي لإدارة الاستثمارت التنموية. وتابع : جلّ ما نقوم به هو إقرار المصاريف في غير مكانها، و50% من المصاريف تذهب إلى سداد خدمة الدين العام والكهرباء. بالرغم من أننا بحاجة لهذا المال لتنفيذ المشاريع التي تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر “سيدر”، داعياً إلى أخذ القرار الحاسم من قبل السلطة التنفيذية لإدارة الملفات بجدية وحرص.

وأشار إلى أنه تمّ طرح ملف سلسلة الرتب والرواتب في العام 2013 وأقرّ في العام 2014. وأضاف: ليومنا هذا نحن لا نعرف كم يبلغ عدد موظفي الدولة، مشيراً إلى أنهم عندما اتجهوا إلى إقرار السلسلة قيل أن كلفتها 800 مليون دولار في حين أن كلفتها الفعلية تبلغ 1.8 مليار دولار.

ولفت مخزومي إلى أنه من الضروري إقرار مشروع قانون الفصل بين الوزارة والنيابة، وهذا الأمر يعتمد على نموذج الحكم الذي نريد أن يطبق في البلد. وأكد أن التأخير المستمر والمتكرر في تشكيل الحكومات منذ العام 2005 إلى اليوم سببه عدم تطبيق الرقابة والمحاسبة، إذ إن الحكومات المتعاقبة تأخر تشكيلها تمهيداً لتكون نموذجاً مصغراً عن المجلس النيابي.

ولفت إلى أن مبدأ رفع اليد في المجلس النيابي لم يعد يجدي لأن اللبنانيين ملّوا من هذا الواقع، متوقعاً أن يشهد المجلس إعادة توزيع للكتل بعد تشكيل الحكومة مباشرة لتظهر الكتل الاقتصادية التي اعتبرها ضرورة ملحة في المرحلة المقبلة. وأكد أنه من الضروري تغيير الصورة السائدة، والتي أصبحت بمثابة عرف، عن أن وظيفة النائب تقتصر على تقديم الخدمات فقط، وتكريس مبدأ أن وظيفته هي التشريع والرقابة والمحاسبة. ولفت إلى أنه رجل مؤسساتي اهتم منذ عشرين عاماً بالخدمة الاجتماعية على كافة الصعد من خلال حزب الحوار الوطني ومؤسسة مخزومي، لكن بعد دخوله المجلس النيابي أصبح منحازاً لمبدأ التشريع، مشيراً إلى أنه ليس وحيداً في هذا الإطار، فقد لمس خلال مشاركته في جلسات اللجان النيابية جدية العديد من النواب وتمسكهم بالتشريع. والدليل أن الرئيس بري دعا في أولى جلسات المجلس الجديد إلى تشريع الضرورة ثم ما لبث أن انتقل إلى ضرورة التشريع.

وعن وضع البلد ومسؤولية الدولة، أكد مخزومي أن المواطن مسؤول منذ البداية عن الصوت الذي يدلي به خلال الانتخابات، مشيراً إلى أن التذمر المستمر للمواطنين من الدولة يظهر بعد الانتخابات، في حين أنهم قبل ذلك يتناسون تاريخ المرشحين ويصوتون للأشخاص عينهم نتيجة للشحن الطائفي والمذهبي. وتابع: نحن من أتينا بهذه الطبقة الحاكمة التي ساهمت بتردي الوضع الذي يشهده لبنان.

ولفت إلى أن الانتخابات الأخيرة أرست تغييرات لا بأس بها في تركيبة المجلس النيابي، صحيح أنها لا تكفي لرسم خريطة الطريق جديدة، لكن على الأقل يمكن القول أن وجوهاً مختلفة دخلت مؤخراً إلى المجلس وهي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتبقي التواصل قائماً بينها وبين المواطنين.

وأشار إلى أنه شخصياً يستخدم خيار الحوارات المفتوحة ويستقبل المواطنين نهار الجمعة من كل أسبوع ليستمع إلى همومهم ومشاكلهم وينقل لهم أجواء الجلسات النيابية ومختلف الملفات التي يتم بحثها ومناقشتها، لافتاً إلى أن مطالب اللبنانيين لم تعد تقتصر فقط على طلب الخدمات إنما على ما معرفة ما يدور في كواليس السياسة، إذ إنهم أصبحوا وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي على درجة كبيرة من الوعي والإدراك لضرورة الانخراط في العمل السياسي على الأقل عبر الاطلاع على كل مجريات الأحداث لأنهم ملوا من الكذب والنفاق.

وذكر مخزومي أنه في العام 2009 وصل حجم الدين العام إلى حوالي 51 مليار دولار في حين أنه وصل اليوم إلى حدود 82 مليار دولار بسبب عدم إيجاد سياسة اقتصادية تنهض بالبلد، آسفا إلى أننا لا نملك نظرة اقتصادية ولا خطة جيدة تنهض بالاقتصاد. وشدد على ضرورة الاهتمام بالبلد ككل والتركيز على التنمية وصرف النظر عن الاستدانة وصرف المال في غير مكانه المناسب. وأكد أنه غير راضٍ عن السياسة الاقتصادية المعتمدة في البلد، مشيراً إلى أن 9340 ألف شخص يملكون ما نسبته 48% من أصول البلد و25% من دخله، بحسب ما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز”.

ولفت إلى مكامن الخلل في الاقتصاد، مشيراً إلى أن الدولة ركزت فقط على ضبط البنك المركزي لسعر صرف الليرة ورفع سندات الخزينة من خلال الفوائد والدخل لكي يكون هنالك تمويل للسوق العقاري الذي يسيطر عليه أصحاب المصارف، معتبراً أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود رؤية اقتصادية سليمة من شأنها تطوير البلد وخلق الوظائف للشباب.

وشدد على أن الإنماء لا يكون سوى بوجود وزارة اقتصاد، لافتاً إلى أن الثروة الوحيدة الموجودة في لبنان هي اللبناني بحد ذاته، داعياً إلى الاستثمار الصحيح للموارد الطبيعية التي نملكها، وأهمها المياه التي من الممكن أن تدر علينا مبلغ 3 مليار دولار سنوياً في حال ترشيدها ووضع حدّ لتلوثها، إضافة إلى النفط والغاز. وتساءل في هذا الإطار عن سبب البدء بعمليات حفر الآبار النفطية في البحر علماً أن كلفتها تبلغ 30 مليون دولار في حين أنها تبلغ 6 مليون دولار فقط في البر؟ وتابع: بيئة بلدنا تعتبر أيضاً عاملاً استثمارياً جاذباً للسياحة إذا ما أحسنا التعامل معها وحافظنا عليها. وأضاف أن الخطوة الأهم لحماية اقتصاد بلدنا تكمن في تشكيل الحكومة، فما من مستثمر سيعرض أمواله واستثماراته للخطر في بلد لا تستطيع دولته تشكيل حكومة.

وعن تلوث الليطاني، وصف مخزومي الأمر بالكارثة الوطنية، إلا انه أكد أن الجميع على علم بأن المصانع المحمية من السياسيين هي المسؤولة عن إيصال الليطاني إلى ما هو عليه، مشيراً إلى أن الأرقام التي يتم تداولها مبالغ فيها، إذ إن كلفة تنظيفه لا تصل إلى حدود الـ980 مليون دولار كما يروّج. وتساءل كيف نمدّ الشركة التي فشلت في الإدارة والإشراف على مشروع الليطاني بالمال وهي لم تقم أصلاً بواجبها في تنظيف وإصلاح النهر. وشدد على ضرورة وقف كل هذه الممارسات وإعادة النظر بالأمور وتلزيم الشركة المناسبة لإدارة هذا المرفق الحيوي لإعادة إصلاحه.

وتطرق مخزومي إلى ملف النفط والغاز، فأشار إلى أنه كان من أولى الملفات التي تبناها منتدى الحوار الوطني بالتعاون مع الـESA في العام 2013، كما دعا المنتدى في العام 2016 المبعوث الأميركي الخاص لشؤون النفط أموس هوكستين إلى لبنان. وتابع: يملك لبنان 10 بلوكات نفطية اتفق على اثنين منها مع شركتي “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية، الأمر الذي أعاد النزاع اللبناني – الإسرائيلي إلى الواجهة، لأن العدو يدعي أن البلوك 9 يقع داخل حدودها. وتساءل لمَ تم التركيز على هذين البولكين بالذات وصرفنا النظر عن كل البلوكات الأخرى؟ وشدد على ضرورة اللجوء إلى المحاكم الدولية في ما خصّ البلوكين محط النزاع مع العدو الإسرائيلي والمطالبة بحق لبنان. وأضاف: إن انطلاقة دورة التنقيب عن النفط والغاز وفتح الباب أمام ائتلاف الشركات الدولية تعتبر خطوة إيجابية اليوم لأن هذا الملف هو الأمل الجديد للبنانيين ويجب التعامل معه بشفافية وإبعاده عن الفساد والمحاصصة. وأشار إلى أن: القطاع النفطي بحاجة لوقت وجهد كبيرين، لافتاً إلى أنه لا يجوز صرف المال من قبل الحكومة على المداخيل قبل أن يُستخرج النفط ويُستفاد منه.

هذا وأكد مخزومي أن كلمة انهيار اقتصادي مبالغ بها، والأصح القول أن لبنان يعاني من عجز اقتصادي، مشيراً إلى أن هنالك توافق دولي على إبقاء الإستقرار الاقتصادي والأمني في البلد لأسباب غير لبنانية تتعلق بمنع النازحين من الذهاب إلى الدول الأوروبية وإبقائهم في لبنان. وأشار إلى أن الـ11 مليار دولار التي خصصها مؤتمر “سيدر” للبنان هدفها دعم اليد العاملة السورية.

وعن أزمة الكهرباء، أشار إلى أن اللبناني يدفع فاتورتي كهرباء، مشيراً إلى وجود مجموعات في كل منطقة من لبنان تسيطر على مشروع المولدات الكهربائية وقد أصبحت أقوى من الدولة. واعتبر أن الحل يكون عبر إيقاف الدولة تدخلها في هذا القطاع. وأوضح أن كلفة إنشاء معمل كهرباء يساوي كلفة استئجار باخرة تمول لبنان بالطاقة لمدة سنة. وأضاف أن الشبكة في لبنان لا تحتمل التوزيع إلى كل المناطق لكونها قديمة. واعتبر أن أصحاب المولدات الكهربائية أبدوا موقفاً حين أوقفوا الاشتراكات عن الناس لكن طريقتهم بالتعبير كانت خاطئة، مشيراً إلى أن مطالبة أصحاب المولدات بتركيب عددات للمواطنين أمر مرفوض تماماً لأنه تشريع للكهرباء غير الرسمية وتثبيت لفاتورتي الكهرباء التي يدفعها المواطن.

إلى ذلك، انتقد مخزومي تصريحات غالبية السياسيين الذين طالبوا قبل الانتخابات ونادوا بمحاربة الفساد، بالرغم من أن معظمهم ساهم في إرسائه من خلال مراكمة الدين العام، متسائلاً إذا كان الجميع يحاربون الفساد فمن هو الفاسد؟ ولفت إلى أن مشاركته في اللجان النيابية المشتركة جعلته على اطلاع مباشر بكيفية تمرير الملفات والمشاريع وطرق إدارتها، مستغرباً ضخامة المبالغ التي تصرف على مشاريع من الممكن أن تنفذ بأقل من التكاليف التي تخصص لها. وانتقد عدم وجود فنيين وتقنيين داخل اللجان لمحاولة معالجة الملفات بطريقة مهنية.

ورأى مخزومي أن الفساد السياسي هو أساس المشاكل، مذكراً أنه في العام 2011، وصل الدين إلى حوالي 54 مليار دولار وصار يشكل نسبة 134% من الناتج المحلي وحتى اليوم لم نشهد أي حلول من الطبقة السياسية. وأضاف: المواطن يواجه اليوم الطبقة السياسية التي انتخبها وعليه تحمّل المسؤولية.

على صعيد آخر، أشار مخزومي إلى أن لبنان احتل المرتبة الأولى بين دول غربي آسيا بعدد الإصابات بالسرطان قياساً بعدد السكان، ولم نشهد أي قانون يحد من الكوارث البيئية حتى اليوم.

وإذ استبعد فكرة حصول ربيع عربي في لبنان، شدد على أن هذا البلد بحاجة إلى انتفاضة شعبية دستورية واضحة تمهيداً للتغيير، وعلى الإعلام تقديم المساعدة في هذا الشأن، فالسياسي اليوم أصبح يخاف الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير.

وتحدث مخزومي عن ملف تم طرحه في المجلس النيابي حول العناية الأولية، مشيراً إلى أن من يغطي حاجات المواطن الصحية والطبية منذ الحرب الأهلية حتى اليوم هي الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني كمؤسسة مخزومي وغيرها. وتابع: اللبنانيون يرغبون في العيش سوياً، لذا فهم يجدون الطرق التي من شأنها أن تبقيهم تحت سقف السلم الأهلي والعيش المشترك. وقال: اليوم الاستثمار يجب أن يكون عبر تعليم الأجيال القادمة والتركيز على قدراتهم لأنهم وحدهم المسؤولين عن النهوض بالبلد وأخذه إلى بر الأمان. ولفت إلى أن المواطن اللبناني لم يعد يثق بدولته، فانصرف إلى إدارة أموره بنفسه، في وقت أكد أن هذا الأسلوب لا يمكن أن يساهم في بناء بلد كما أنه يبعد المستثمرين.

وأعلن مخزومي أن حزب الحوار الوطني الذي تبنى منذ العام 2013 ملف النفط والغاز سيضع في سلم أولوياته الترويج لما يسمى الاقتصاد الجامع والإيجابي، معتبراً أن السياسة هي تصحيح مسار، وهو سعى إلى دخول المجلس النيابي ليطرح الأسئلة ويبيّن الحقائق. وأضاف أنه كمواطن لبناني بالدرجة الأولى يهمه أن يؤمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة. وتابع: بعد أن كان لبنان الأول في المنطقة على صعيد القطاعات الصحية والمصرفية والتعليمية تراجع لتصبح كل دول المنطقة متقدمة عليه، مشيراً إلى أن كل بلاد العالم التي تعاني من وضع اقتصادي متردٍ تلجأ إلى تخفيض الضرائب والاستثمار في الصحة والتعليم.

وقال: في الماضي تلقى شبابنا نوعية تعليم متميزة عن تلك التي كانت تقدم في المنطقة، وكانت تؤهلهم للحصول على فرص عمل كثيرة. أما اليوم، أصبح الطالب يتخرج بشهادة عاطل عن العمل لأن نوعية العلم التي يتلقاها لم تعد تتماشى مع متطلبات القرن الواحد والعشرين. ولفت إلى مركز مخزومي للابتكار الذي أسسه في جامعة LAU والذي يهتم بتطوير قطاعات الهندسة والطب والمال والتواصل والمعلوماتية، مشدداً على أن من شأن ذلك إعادة الإعتبار لنوعية التعليم التي يتلقاها اللبناني ليكون من أول المطلوبين للوظائف في منطقة الخليج.

إلى ذلك، لفت مخزومي إلى أن القطاع الصحي من أهم القطاعات التي يجب الإنفاق عليها من الموازنة لأن صحة المواطن هي الأساس، معتبراً أن من واجب الدولة تأمين البطاقة الصحية لكل مواطن، وبالتالي لا يمكن التأخر بالبطاقة الصحية الموحدة خصوصاً أن هذا الموضوع يعتبر من الأولويات لأنه يتعلق بالصحة لكل الناس.

ولفت مخزومي إلى أنه إذا تمّ التخفيف عن كاهل المواطن في ما يخص قطاعي الصحة والتعليم، فإن المواطن سيوفر حوالى 65% من دخله.

وعن العمالة الأجنبية في لبنان، أشار إلى وجود القوانين التي تمنع توظيف الأجنبي في لبنان، لكننا نفتقد للهيئة الرقابية التي من شأنها أن تفرض على رب العمل تطبيقها، معتبراً أنه من الضروري إلزام رب العمل بإعطاء الراتب نفسه للأجنبي واللبناني عندها تعود الوظائف إلى اللبنانيين بعد أن كان مئات الألوف من العاملين غير اللبنانيين يسيطرون على سوق العمل اللبناني. ولفت إلى أنه كان يجب منذ العام 2011 أن تغلق الحدود اللبنانية – السورية للحدّ من كل ما نعيشه من أزمات سببها تفلت الحدود، مؤكداً أن هذا الأمر لا علاقة له بالإنسانية، فمؤسسة مخزومي رائدة في مجال المساعدات الإنسانية للنازحين السوريين بالتعاون مع الأمم المتحدة ولا يمكن لأحد بأن يزايد عليها، ولكن من غير المقبول أن نحتمل كل مشاكل النازحين على حساب اللبنايين.

وختم مخزومي بالتأكيد على أن تشكيل الحكومة سريعاً سيعود بالخير على لبنان واللبنانيين خصوصاً على صعيد الاقتصاد وإعادة الإعمار.