خبر

مانشيت “الجمهورية”: معاونو مرجعيات يُعوِّقون تنازلات الحلّ.. وعون ينتظر الحريري للجَوجلة

صحيفة الجمهورية

شاعت في الأوساط السياسية، أمس، مناخات حيال الاستحقاق الحكومي راوحت بين تفاؤل حذر بدرجة دنيا، وتشاؤم بمقدار كبير. وبَدا لكثيرين انّ الحكومة اذا لم تولد قبل نهاية الشهر الجاري، فإنّ ملفها سيرحّل حتماً الى السنة المقبلة، من دون التكهّن بموعد محدد لولادتها، إذ انّ الفلسفة التي قامت عليها المبادرة الرئاسية لحل الأزمة الحكومية، تقضي بأن يقدّم الجميع تنازلات، في الوقت الذي يؤكد كثيرون انّ هذه التنازلات مطلوبة فقط من أولياء الشأن، دون سواهم. وعلمت «الجمهورية» انّ محيطين ببعض المراجع الكبيرة لا يستسيغون أن تبادر هذه المراجع الى تنازلات، يدرك الجميع أنّ من شأنها ان تؤمّن ولادة الحكومة، وبعض هؤلاء يمنع عملياً حصول هذه التنازلات.

فيما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» إنّ القوى السياسية والرأي العام توقّع ان ينتج تسلسل اللقاءات في قصر بعبدا ولادة حكومية أكيدة، من اللقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ومن ثم اللقاء بين عون والرئيس المكلف، واللقاء بين الاول وكل من وفد «حزب الله» و«اللقاء التشاوري السني»، وصولاً الى اللقاء بين الحريري والوزير جبران باسيل في لندن امس الاول.

لكنّ الرأي العام أصيب بصدمة عندما لاحظ تناقضاً بين ما صدر من مواقف في الداخل والخارج، عن مرجعيات وقوى معنية مباشرة بالاستحقاق الحكومي، وكانت النتيجة انّ ايّ حلحلة في الازمة لم تحصل، وانّ اي اختراق في أفقها المسدود لم يتحقق، الى درجة انّ البعض اكد انّ اللقاء بين عون ووفد «حزب الله» لم ينته الى نتيجة عملية، لأنّ «الحزب» ليس في وارد ممارسة دور المُقنع في اقتراح حل ما، وإنما يرى انّ لـ«اللقاء التشاوري» حقاً في التمثيل الوزاري وأنه يقبل ما يقبل به أعضاؤه، ونقطة على السطر. فالحزب، حسب المصادر نفسها، ليس هو«أم الصبي» وإنما المرجعيات المعنية. ويعتبر أنّ هناك أصولاً لتأليف الحكومة وتمثيل القوى فيها، وهو ليس في وارد تخطّي هذه الأصول».

وأضافت المصادر انه «بغضّ النظر عن أي مواعيد، فإنّ الأزمة الحكومية تراوح مكانها، وانّ الترجيحات بالتوَصّل الى حل ما تزال نسبتها دون العشرين في المئة».

وأكدت «انّ العوامل الاقليمية كانت ولا تزال غير مساعدة على ولادة الحكومة، وقد بدأت تتفاعل سلبياً اكثر منذ نشوء موضوع تمثيل «سنّة 8 آذار»، الذين كان آخر اقتراح طُرح لتمثيلهم قبَيل المشاورات الرئاسية يقضي بأن يُسلّم هؤلاء الى رئيس الجمهورية 3 أسماء، فيُسلّمها بدوره الى الرئيس المكلف ليختار أحدها، لكن هذا الاقتراح سقط برفض الحريري وآخرين».

هدفان للمبادرة

بدورها، أكدت مصادر مطّلعة على المشاورات الجارية لـ«الجمهورية» انّ الهدف الاول من مبادرة الرئيس ميشال عون تحقق، وهو تحريك الجمود وإحياء ملف تأليف الحكومة بعدما كان دخل في سبات عميق، وفتح قنوات ليتحدث الناس بعضهم مع بعض.

أمّا الهدف الثاني فلا يبدو أنه حقق اختراقاً، لأنّ الجبهة الحكومية باتت أكثر صلابة بعدما تَمترس كل فريق خلف موقفه، قاطعاً الطريق امام أي محاولة لتقريب المسافات أو التنازل المتبادل. فالنواب السنّة الستة أبلغوا الى رئيس الجمهورية إصرارهم على تمثيل أحدهم داخل الحكومة، وهذا الإصرار دفع برئيس الجمهورية الى عدم تقديم اقتراح باختيار اسم يرضون عنه لإدراكه مسبقاً أنّ هذا الاقتراح سيفشل.

والرئيس المكلف سعد الحريري، وفي آخر تواصل حكومي معه، كان موقفه حاسماً وحازماً برفض توزير أيّ من النواب السنّة الستة في حكومته، حتى لو تبرّع فريق سياسي بهذا المقعد من حصته، وهنا لبّ المشكلة. فلماذا إلهاء الناس بسيناريوهات وأقاويل من هنا وهناك؟ فالمشكلة ليست في حجم الحكومة، إن كان تقليصاً او توسيعاً، عدا عن ان لا أحد في وارد العودة الى نقطة الصفر في موضوع التأليف».

وحول الافكار الاخرى والطروحات البديلة، قالت المصادر نفسها: «كل طرح جديد سيحتاج الى وقت لمناقشته، وربما تظهر تعقيدات اجتازتها الصيغة الحالية المقدمة من الرئيس الحريري، فلماذا المخاطرة؟».

وأضافت: «الحل واضح ولا لبس فيه، وهو أن يقتنع الرئيس المكلف بتوزير أحد النواب الستة، وان يكون هذا التوزير من حصة رئيس الجمهورية».

وكشفت هذه المصادر «انّ ما يزيد الامور تعقيداً، هو النقاش الذي تخطّى عملية التأليف، إذ يجري الحديث خلف الابواب المغلقة عن تسويات لا تنقل الخلاف من ملف التشكيل الى مجلس الوزراء، وهذا يتطلب الجلوس الى الطاولة وطرح كل الملفات على المكشوف، وإلّا سيبقى الدوران في حلقة مفرغة».

طيش سياسي

من جهته، أكد مرجع معني بالاستحقاق الحكومي «انّ معالجة أزمة تأليف الحكومة تنتظر ما سيتخذه رئيس الجمهورية من خطوات، في ضوء المشاورات التي يجريها الى حين عودة رئيس الحكومة من لندن، في الوقت الذي يتابع رئيس مجلس النواب نبيه بري المشاورات التي يجريها بعيداً من الاضواء، للمساعدة على تأمين المناخات اللازمة لتأليف الحكومة».

وأكد هذا المرجع «انّ الكرة تبقى في ملعب الرئيس المكلف الذي عليه أن يحسم خياره وقراره، في اعتبار انه المعني الاول والأخير بتأليف الحكومة، ولا يجوز للبلاد ان تنتظر أكثر ممّا انتظرت».

وأضاف: «انّ على الجميع ان ينظروا الى الارض، فنحن في شهر أعياد والمشكلة انّ صرخة الناس باتت مكتومة لديهم لأنهم يئسوا من المسؤولين، فضلاً عن انّ هناك طيشاً سياسياً يتحكم ببعض العقول».

وحذّر من انّ «الوضع الاقتصادي ينحدر الى الأسوأ اكثر فأكثر، وانّ الخبراء والمعنيين يؤكدون انّ هذا الوضع بات يتحمّل بضعة اسابيع وليس أشهراً».

عون

وكان عون، الذي ينتظر عودة الحريري ليجوجل المعطيات معه، أعلن أمس انه يسعى جاهداً لوضع حد للأزمة الحكومية من خلال مباشرته هذا الاسبوع لقاءات مع المعنيين، على أن يتخذ بعدها القرار المناسب.

وأكد انّ «الوضع الاقتصادي صعب»، وقال: «الامور ليست بمستحيلة، وسنتخذ التدابير المناسبة ونجري إصلاحات بنيوية في إطار النظام الاقتصادي، كذلك سنُطلق مشاريع إنمائية بمساعدة أوروبية لكي نبدأ إعمار لبنان من جديد، الى جانب تطبيق الخطة الاقتصادية الجديدة».

الحريري

ومن لندن، أعربَ الرئيس المكلف عن أمله في ان يتمّ تشكيل الحكومة قبل نهاية السنة، مشيراً الى «انّ معظم العقد التي كانت تؤخّر تأليف الحكومة قد ذلّلت، باستثناء عقدة واحدة نعمل على حلها».

وأمل في «تحسّن الوضع الاقتصادي في لبنان بعد تشكيل الحكومة، وتسريع الخطى لتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، والبدء بورشة النهوض الاقتصادي، وتطوير البنى التحتية، وخَلق فرص العمل للشباب، والاستعداد للمرحلة المقبلة في المنطقة».

وأكد الحريري تمسّك لبنان بتنفيذ القرار 1701 بحذافيره، مُستبعداً حدوث أي تصعيد في الوضع في جنوب لبنان، ولافتاً الى «انّ الجيش اللبناني يتعاطى مع ما أثير حول موضوع الأنفاق على الحدود الجنوبية.

جنبلاط

من جهته، إعتبر رئيس الحزب «التقدّمي الإشتراكي» وليد جنبلاط أن «‏لا حكومة لأنه لا يمكن كسر سعد الحريري وفرض عليه أحد النواب الستة، لكن إذا كان الحريري أب السنّة عليه أن يبدأ ‏باستقبالهم».

وقال جنبلاط: «‏لم أتعنّت للحصول على 3 وزراء دروز، لأنه يجب أن نظهر مرونة في السياسة»، مشيراً الى أنه «‏لم نر إصلاحاً في هذا العهد ومثالنا على ذلك الكهرباء».

وقال إنّ «السيد حسن نصرالله طلب منه تحييد إيران عن هجومه»، موضحاً ‏في المقابل أنّ «نظام الأسد وحده يقوم بغارات مثل غارة المختارة، ومن الممكن أن يخطط لاختراق الساحة الدرزية كما خططوا في الماضي، وبعد شريط ‏الـYouTube‏ لسليمان الفارسي أرادوا إثارة الشارع».

وأكد أنه «لم يندم على التسوية الرئاسية، خصوصاً أنّ عون هو زعيم في جبل لبنان، وأنا ضدّ التصادم بين المسيحيين والمسلمين».