خبر

«تسوية العصر»: هل تُعاد سوريا من بوابة بيروت أو تونس؟

مرلين وهبة – الجمهورية

 

 

بعد «صفقة العصر» وانشغال الدول العظمى في حياكة سجادة الشرق الأوسط الجديد، يبدو الإتجاه الحالي لبوصلة الحياكة سوريّاً، بعدما هبّت التسويات الإقليمية التي تترقّبها الدولة المنكوبة بحذر وصمت بسبب إدراك دمشق انها لم تعد المقرّرة اليوم في إبرام التسويات بعدما تركت لروسيا مرغمة مهمة المفاوضة والقرار عنها. فهل تصح المعلومات التي تتحدّث عن انّ «صفقة العصر»، قد تتمخّض عنها ما يمكن تسميتها «تسوية العصر» ؟
بدأت روسيا بتقديم الضمانات، وأبرزها «صك ضمانة» للسعودية المتريثة حتى الساعة في إعادة سوريا الى حضن الجامعة العربية قبل تأكدها فعلياً وعملياً من الضمانات الروسية «الدسمة».

وفي معلومات «الجمهورية» انّ قرار عودة سوريا الى حضن الجامعة العربية المؤجّل الى جلسة اللجان على مستوى المندوبين الأربعاء المقبل، لم يُلغ، وبالتالي لا يمكن الجزم في أنّ القمة الإقتصادية لن تنعقد في لبنان أو ستتأجّل! والسؤال: لمن المصلحة اليوم في عرقلة انعقاد القمة العربية الإقتصادية؟
الجميع يدرك انّ سوريا لن يكون في استطاعتها العرقلة لأنها أساساً غير مدعوّة وليست عضواً أو لاعباً أساسيّاً في الوقت الراهن، وتبقى السعودية اللاعب الأكبر والمحرِّك الأكبر لهذه القمة وهي وحدها القادرة على المضي في القمة أو تأجيلها، فيما تبدو حتى اليوم مترقّبة ومتريّثة بانتظار حدث ما!

يأتي ذلك في وقت تكشف أوساط واسعة الاطلاع أنّ السفارة السعودية ستفتح ابوابها في دمشق بعد ما يقارب الأسبوعين، وأنّ صورة تاريخية مفاجِئة قد تجمع قريباً في الرياض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وشخصية سورية يتردد انها اللواء السوري «علي المملوك». وإذا ما صحّت المعلومات، تكون السعودية بذلك قد مهّدت «لتسوية العصر»، وهي تستعد خلال 10 ايام كحد أقصى الى إعادة فتح سفارتها في دمشق.

يبقى القول انّ اجتماع اللجان العربية المقرِّرة والمؤجل للأربعاء المقبل، يعتبر الاجتماع الأهم والحاسم، إذ تشير المعلومات الى أنّ قرار عودة سوريا اتّخِذ وليست العقبة في القرار وفي الدول التي تعارض القرار أو تؤيّده، بل ان التريّث هو سعودي لأنّ السؤال بالنسبة للسعودية هو الضمانات المرتقبة، والتي سيقدّمها الرئيس بشار الأسد بحسب توقعاتها.

والسؤال السعودي هو الى أي حد يمكن للأسد أن يلتزم علناً بإخراج إيران سياسيّاً من الملف السوري؟

أوساط مراقِبة تثمّن موقفاً متقدّماً للرئيس السوري من خلال حديث لأوساطه الإعلامية يقول فيه: «اذا حصلت مشكلة بين إيران وبين أي دولة عربية نحن نقف مع الدولة العربية!» هذا ما نقل عن أوساط الأسد الإعلامية، في وقت تريد السعودية من الأسد موقفاً علنياً في هذا الخصوص قبل إعلان موافقتها على عودة انضمام سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية.

وتشير المعلومات الى أنّ تَريّث السعودية حتى اليوم هو بسبب عدم حسم قرارها حتى الساعة اذا ما كانت تريد إعادة سوريا من بوابة بيروت أو بوابة تونس في القمة التي ستنعقد هناك في آذار.

في الحالتين تستبعد مصادر متابعة ان يتحمل اي طرف خارجي مسؤولية عرقلة القمة الإقتصادية في بيروت أو تأجيلها، لأنه بذلك يكون كمَن يوقّع ورقة نَعوة الجامعة العربية كمؤسسة.

واذا ما تمت الموافقة على دعوة سوريا إلى القمة في بيروت، فإنها لن تتمثّل بالرئيس الأسد شخصياً في الأغلب بل ستُرسل رئيس حكومتها بغية إرسال إشارة سنّية ممهدة للتسوية.

مصادر موثوقة ومتابعة تؤكد انّ الإنقسام الداخلي اللبناني حول انعقاد القمة في موعدها هو انقسام ممَوّه، لأنّ للجميع مصلحة في انعقادها لاسيما انها ستعزز نسبة التفاؤل لوضع لبنان اقتصادياً، ولا يمكن للبنان سوى أن يكون مستفيداً من انعقادها مهما تشعبت الأهداف والدوافع والأسباب! فكيف إذا شاركت السعودية أيضاً في هذه القمة؟!

امّا اذا تم التوافق على دعوة سوريا الى لبنان، فتؤكد المصادر انّ الحكومة اللبنانية ستتشكّل في خلال ربع ساعة.

ويبقى الأهم في «تسوية العصر»، بحسب مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، أنّ روسيا هي المهندس الأول لتفاصيلها، كاشفةً أنّ العودة السورية الى حضن الجامعة ينظّمها هذه المرّة الراعي الأكبر وهو ليس دبّاً كسولاً في المفاوضات إنما هو محترف روسيّ أصيل، يسعى بالإضافة الى توسيع مكاسبه في المنطقة، الى انتزاع ضمانات كبيرة للسعودية، والضمانات بحسب المعلومات… دسمة.

فهل تكون هذه الضمانات أهم من المليون شهيد الذين سقطوا سهواً في الحرب السورية فلم يدركوا أن تسويات العصر ستَسبق توثيق شهاداتهم؟