خبر

الهجوم على سلامة وَتّر «سيدر» وسوق القطع.. وتصحيح لعون.. وموقف قريب للحريري

مانشيت «الجمهورية»

فيما تتركز الأنظار على القصر الجمهوري، الذي سيشهد بعد غد الاثنين جلسة استثنائية لمجلس الوزراء ستُعرض خلالها خطة الكهرباء وستسبقها اتصالات ومشاورات حول بعض بنود هذه الخطة، تفاعل في الاوساط السياسية والاقتصادية والمالية الهجوم الذي شنّه وزير الاقتصاد منصور بطيش على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من موقعه كوزير وكعضو في تكتل «لبنان القوي» و«التيار الوطني الحر»، فيما صدرت مواقف تبدي استياء كبيراً من هذا الهجوم الذي كان لبنان في غنى عنه نظراً للأزمات المالية والاقتصادية المتفاقمة.
إستغربت مصادر مسؤولة ما وصفتها «الحملة المفتعلة» على حاكم مصرف لبنان، وقالت لـ«الجمهورية» انها «لم تجد حتى الآن ما يبررها لا من حيث الشكل ولا من حيث التوقيت ولا من حيث المضمون».

وعبّرت هذه المصادر عن شكوكها في «أن يكون خلف الأكمة ما خلفها»، وسألت: «هل ثمة جهات معينة في الدولة تقف خلف هذا الهجوم المفاجىء؟»، وقالت: «حتى الآن لم نجد ما يبرر هذه الحملة». واعتبرت «أنّ ما يثير الريبة هو انّ الهجوم على حاكم مصرف لبنان، من شأنه أن يوجّه رسالة شديدة السلبية الى الخارج، وخصوصاً للجهات الدولية المانحة او للمعنيين بمؤتمر «سيدر»، إذ ماذا نقول لهؤلاء؟ ألا يمكن لهذه الحملة أن تزيد شكوك الخارج بنا، وأن يرسم ظلالاً من الشك حول صدقيتنا في توجّهنا نحو الانقاذ المالي الذي نحتاجه بشدة، ويتطلب عدم الدخول في أي مطبّات او افتعال أي عراقيل او نثر أي غبار حول وضعنا الداخلي، خصوصاً حول المؤسسات المالية في البلد؟».

ورداً على سؤال عما إذا كانت الحملة تنطوي على أهداف ترمي إلى تغيير كامل في حاكمية مصرف لبنان، قالت المصادر المسؤولة نفسها: «لا نعرف، ولكن بصرف النظر عمّا إذا كان هذا الهدف صحيحاً او غير ذلك، التغيير في حاكمية مصرف لبنان غير مطروح، فضلاً عن انه غير ممكن، نظراً إلى أنّ هذا الامر، أي التغيير، ينبغي أن تتوافر خلفه موافقة القوى السياسية الأساسية عليه، وهذا غير متوافر، إضافة إلى أنّ التمديد للحاكم رياض سلامة قد تم منذ فترة غير بعيدة، وليس هناك ما يوجب فتح هذا الملف الآن. ثم انّ هناك تعقيدات ماثلة امام تعيين نواب الحاكم، فتكفينا هذه التعقيدات. ولسنا بحاجة إلى تعقيدات أكبر».

موقف للحريري
وعُلم في هذا الاطار أنه سيكون لرئيس الحكومة سعد الحريري موقف من الهجوم على سلامة قريباً، فقد سبق له أن حصل تفاهم بينه وبين الدول المانحة على تحييد مصرف لبنان بشخص حاكمه عن المعارك السياسية الدائرة في البلاد، لأنّ هذه الدول تعتبر سلامة محاورها الاساسي في القضايا المالية والاقتصادية في لبنان الى جانب رئيس الحكومة ووزير المال.

وعلمت «الجمهورية» انّ مرجعيات دولية لم تتأخر أمس في ابلاغ لبنان أنّ مسار مؤتمر «سيدر» يرتكز اساساً على صدقية حاكم مصرف لبنان، وانّ اي مسّ باستقرار الحاكمية المصرفية سيكون له انعكاسات سلبية على مؤتمر «سيدر»، الذي تصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لانعقاده، وما أصدره من قرارات لدعم لبنان إقتصادياً ومالياً مشروطة بإصلاحات مالية واقتصادية على الحكومة اللبنانية أن تجريها.

وذكرت مصادر سياسية مساء امس أنّ أطرافاً سياسية مشاركة في الحكومة ستثير الهجوم على سلامة في مجلس الوزراء، خصوصاً انّ هناك معلومات موثقة تفيد أنّ بطيش، حين كان مديراً عاماً لأحد المصارف اللبنانية، زار حاكم مصرف لبنان يرافقه صاحب المصرف لكي يطلبا منه إشراك مصرفهما في الهندسة المالية التي انتقدها أمس.

وإذ رفض سلامة الردّ على هجوم بطيش «لأنه لا يدخل في سجالات سياسية»، حسب ما أفادت مصادره، فإنّ هذا الهجوم كان له انعكاس سلبي على سوق القطع طوال يوم امس بحيث ارتفع الطلب على الدولار مقابل الليرة، ما اضطرّ مصرف لبنان الى تغطية الأمر.

وذكرت مصادر سياسية أنها تنتظر أن يصحّح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقف وزير من تيّاره في أقرب وقت، خصوصاً انّ حاكم مصرف لبنان كان قد زار القصر الجمهوري قبل أقل 48 ساعة.

وعلم في هذا الاطار انّ الحاكم تحفّظ عن اسمين طُرحا لنيابة الحاكمية، نظراً لكونهما لا يتمتعان برضى المرجعيات المالية والدولية، وكان من شأن تعيينهما ان يؤثر على صدقية مصرف لبنان تجاه المجتمع العربي والدولي.

في هذا الاطار، علمت «الجمهورية» انه كان من المقرر ان تحصل زيارة لبنانية رسمية لغرفة التجارة والصناعة ورجال الاعمال في باريس «ميديف» MEDEF، وقد أرجأت الهيئات الفرنسية تلك الزيارة بناء على توجيه المراجع الفرنسية الرسمية، عطفاً على ما ذكرته «الجمهورية» أمس الاول.
نقاش متشعّب

وعلى خلفية الاستحقاقات المقبلة وما هو مطروح منها على الحكومة في قابل الأيام والحاجة الى معالجتها والتنسيق المسبق لعبورها بأقل الخسائر الممكنة، التقى عون امس المستشار السياسي لرئيس الحكومة الوزير السابق غطاس الخوري، في لقاء وصف بأنه كان حافلاً بما ادرج في جدول أعماله.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ البحث تناول سلة من الملفات العالقة بين عون والحريري، وشكّل العلاقة القائمة بينهما على خلفيات النظرة المختلفة الى عدد منها. وأوضحت انّ البحث تناول تفصيلاً التعيينات الإدارية المطروحة والمواقف المتناقضة منها، وخصوصاً ما يتصل منها بتعيينات نواب حاكم مصرف لبنان، كذلك بالنسبة الى ما أثاره هجوم وزير الاقتصاد على الحاكم وتوقيته غير المناسب في ظل الصعوبات الإقتصادية التي يواجهها لبنان، وخصوصاً تلك المتصلة بالوضع النقدي والضغوط التي تتعرّض لها العملة الوطنية.

وتَشعّب البحث خلال اللقاء ليشمل، بالإضافة الى خطة الكهرباء المطروحة على الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء بعد غد الإثنين، المواقف التي منعت اللجنة الوزراية من البَت ببعض الجوانب المهمة في هذه الخطة، ولاسيما منها تلك المتصلة بدور المديرية العامة للمناقصات في التفتيش المركزي وموضوع تشكيل الهيئة الناظمة الذي ترفضه وزيرة الطاقة.

لا جلسة عادية
وتبيّن من جو الاجتماع انّ جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية المقبلة قد تكون يتيمة، بعدما تبيّن انه من الصعب التفاهم على عقد جلسة عادية للمجلس الأسبوع المقبل بسبب ما سيرافق زيارتي الرئيسين البلغاري واليوناني لبنان، ما بين التاسع والثاني عشر من الشهر الجاري، من ترتيبات ومواعيد مكثفة.
كذلك ستشكّل اجتماعات وزراء خارجية لبنان وقبرص واليونان ومعهم وزراء السياحة، المقررة في العاشر من الجاري، سبباً إضافياً لعدم انعقاد الجلسة الحكومية الّإ في حال حصول التفاهم المنشود على التعيينات في مصرف لبنان ومواقع إدارية مختلفة.

عون يطمئن
وكان عون طمأن أمس الى «ان لا خوف على الوحدة الوطنية لأن لا خطر علينا من الداخل، بل الأخطار تأتي من الخارج». ورأى «أنّ لبنان تجاوز حالة الانقسام الحاد، لأننا اختلفنا في السياسة لكننا لم نختلف على الوطن، فربح الوطن في النهاية». وشدد على أنه «يمارس صلاحياته على أكمل وجه».

إبراهيم: ناقوس الخطر
الى ذلك، اعتبر المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم خلال اجتماع للهيئات الاقتصادية «أننا أمام أزمة بلغت حدّ دقّ ناقوس الخطر ما لم يتم تدارك الأمور»، واعتبر «أنّ الخروج من الأزمة ما زال مُتاحاً ويقع في حقل الممكن». وحَضّ على «التداعي الى حوار وطني يشمل الجميع، ليس من باب المساجلة او المزايدة، بل من منطلق البحث في كل الملفات بدءاً من الانفاق العام وأولوياته المُلحة، مروراً بملف الموازنة، وصولاً الى خفض جدي ومسؤول للمستويات المرتفعة لموازنات الوزارات».

واعتبر «أنّ استمرار تضخّم حجم الدين العام والعجز في الموازنة من دون استثمار في القطاعات المنتجة والصناعات الخفيفة يعني البقاء في مربّع العجز»، مشيراً الى «أنّ الانتقال الى مرحلة الفائض أشبه بالاستحالة إذا ما استمر الوضع الحالي على ما هو عليه». ونَبّه الى «أنّ أي انهيار اجتماعي يعني إطاحة الاستقرار السياسي والأمني».