نتنياهو يستعدّ لحكومة لمّ شتات اليمين… ونخالة يعلن جاهزية المقاومة لكلّ الاحتمالات
مجلس النواب والحكومة في تمرين أول باهت… والموازنة على خطى الكهرباء
نصر الله: جاهزون للمواجهة ونملك أوراق قوة نستخدمها بالمقدار والتوقيت المناسبين
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
العيون المشدودة صوب فلسطين بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية والفوز الضعيف لبنيامين نتنياهو، رصدا حال الهزال السياسي في المشهد الانتخابي حيث الناخبون إلى عزوف وعدم ثقة بالشعارات المرفوعة، وحيث التشظي السياسي نحو الكتل الصغيرة وتراجع الأحزاب الكبرى، بما فيها الليكود الذي كاد يخسر موقعه المتقدّم بفارق مقعد واحد أمام حزب أبيض أزرق المولود قبل شهور قليلة بشعارات تشبه شعارات الليكود، ما كشف أزمة القيادة التي يعانيها كيان الاحتلال وعلاقتها بأزمة الخيارات، حيث التقدم نحو خيار جدي لصناعة التسويات دونه أثمان مكلفة لحد الاستحالة والذهاب إلى الحرب فوق طاقة الكيان أمام تجارب المواجهات التي كشفت محدودية قدرة جيش الاحتلال على اعتماد القوة لحسم جبهة غزة وحدها، فيكف بجبهات لبنان وسورية وإيران.
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة استبق ولادة الحكومة الجديدة لنتنياهو بالإعلان عن جهوزية قوى المقاومة في غزة لكل الاحتمالات، محذراً من أي عبث بالتهدئة، لأن الرد سيكون قاسياً وقواعد الاشتباك التي ستفرضها المقاومة ستكون أشدّ قسوة مرة بعد مرة.
في لبنان، حيث زيارات رئاسية بلغارية ويونانية تحمل التحذيرات الأوروبية من خطورة الوضع المالي وتتزامن مع لقاءات وزارية يستثمرها لبنان لعرض رؤيته لملف النازحين السوريين ومشروعه لعودتهم طالباً الدعم والمؤازرة، وحيث المجلس النيابي والحكومة قدّما تمرينا أولَ لجلسات المساءلة، لم يكن بمستوى الجدية وبدا باهتاً بقياس الوعود التي قدّمها النواب حول ما ستحمله جلسات الرقابة البرلمانية للحكومة، حيث الأسئلة لم تتبلور كمشاريع مساءلة وبقيت أقرب للاستفسارات المدرسية، بدلاً من المحاسبة السياسية، والأجوبة حملت استخفافاً فخلت من أي سعي لانتزاع قناعة الرأي العام بجدية الحكومة، فكان المشهد الباهت في المجلس أمس، إشارة سلبية لجلسات المساءلة اللاحقة، بانتظار ما تحمله مناقشات الموازنة التي بدت الحكومة متسارعة الخطى تحت ضغط داخلي وخارجي لإقرارها، بما تحمل كما قال رئيس الحكومة سعد الحريري من إجراءات تقشفية قاسية، وما تمثله من عزم رئاسي وسياسي على السير على خطى إقرار خطة الكهرباء تحت مظلة التوافق.
في لبنان كان الاهتمام لما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في قراءة المشهد الإقليمي ونتائج الانتخابات الإسرائيلية، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب الأميركية، حيث قارب السيد نصرالله الانتخابات الإسرائيلية على قاعدة، كلهم مثل بعض، فلم نحاول التأثير مع أننا قادرون، ولم يرَ نصرالله مؤشرات حرب لكنه لم يستبعد الذهاب للتصعيد إذا تمادى الأميركيون والإسرائيليون في الاستفزازات، فقوى المقاومة تملك الكثير من أوراق القوة، وستستخدمها في التوقيت والإطار والمقدار، وفقاً لحساباتها عندما تكون هناك خطوات تصيب أي من قوى المقاومة بأذى لا يمكن احتماله.
نصر الله: سنردّ في كلّ الساحات
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن محور المقاومة سيردّ على أي خطوات أميركية في كل الساحات والميادين.
وقال نصر الله: «امام العقوبات نكتفي حتى الآن بالصبر وشدّ الأحزمة وإدارة الوضع، لكن هذا لا يعني أننا لا نملك أوراق قوة أساسية»، مشيراً الى أننا «في محور المقاومة وخط المقاومة، لم نقم برد فعل، وهذه ليست سياسة دائمة»، معلناً أن هناك خطوات اذا اتخذها الاميركي فلن تبقى بلا أجوبة قوية. وهنا أتحدث عن كل الساحات والميادين التي تتصور أميركا انها تستطيع أن تستبيحها، والميدان ليس خالياً».
وفي سياق ذلك، أوضحت مصادر مطلعة لــ«البناء» أن «حركة محور المقاومة ستبقى محصورة في المواجهة السياسية طالما الحرب الاميركية في اطارها السياسي، لكن إذا انتقل الأميركيون الى الميدان فلن يكونوا وحدهم». وإذ أشارت المصادر الى «ارتياح السيد نصر الله الى الواقع العسكري في جبهات لبنان وسورية والعراق واليمن في مواجهة التنظيمات الإرهابية و»إسرائيل» وأميركا، وبالتالي إفشال المخططات الأميركية السعودية الاسرائيلية في المنطقة»، لفتت الى أن «السيد قد يكون قصد في حديثه عن الخطوات الأميركية المفترضة، هو تدخل أميركي عسكري في مضيق هرمز لإغلاقه أمام الصادرات النفطية الأميركية أو ممرات أخرى لتطبيق العقوبات الأميركية النفطية بالقوة العسكرية أو استهداف مواقع للحرس الثوري الايراني»، وأوضحت أن «الردّ سيكون بالتنسيق بين المحور في أكثر من ساحة منها القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط وعددها 52 قاعدة، بحسب خبراء عسكريين».
كما اعتبرت المصادر أن «تحذير السيد نصر الله حول إقدام الرئيس الاميركي على خطوة ما ضد مزارع شبعا والأراضي اللبنانية المحتلة وحقوق لبنان البحرية والنفطية هو رسالة استباقية تندرج في إطار رد محور المقاومة على أي خطوة في هذا الصدد، وبأنه في حال تم المس بالواقع القانوني لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، فيكتفي لبنان بموقف سياسي طالما الوضع الميداني لم يتغيّر، وبالتالي المقاومة لن تتحرك ميدانياً إلا ضمن الاستراتيجية العامة ضمن الأولويات والظرف المناسب».
وأدان الأمين العام لحزب الله «القرار الأميركي حول الحرس الثوري»، معلناً «الوقوف الى جانب أحبائنا في حرس الثورة»، معتبراً ان تصنيف الولايات المتحدة الحرس منظمة ارهابية حماقة ووقاحة»، مشدداً على أن «حرس الثورة لديه فضل كبير في الدفاع عن الشعوب في المنطقة وقدم عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى».
أما بشأن الحرب السعودية على اليمن، فأشار نصر الله الى انه «عندما بدأت ما سميت عاصفة الحزم كان هناك رهان كبير أن يستطيع محمد بن سلمان او قيادة السعودية حسم المعركة خلال شهر او شهرين، وكان سيقدم هذا النصر بشكل مضلل ومضخم جداً وسيقدم هذا الرجل كقائد للأمة العربية والإسلامية، ومن هذا الموقع سيُقال تفضلوا يا فلسطينيين لتوقّعوا، أما هزيمته فتحمي القدس وفلسطين والقضية الفلسطينية وكل أرض عربية لا تزال تحت الاحتلال».
واعتبر نصر الله ان «وزير الخارجية الاميركي بومبيو يصرّ على تحريض اللبنانيين على بعضهم والتهويل»، كاشفاً ان «ليس هناك اي معطى حول جدية الكلام عن وضع بعض الحلفاء على لوائح الإرهاب»، مشيراً إلى انه «يبدو ان هناك لبنانيين في واشنطن يعملون في هذا الاتجاه». وشدّد على ان «مصلحة اللبنانيين عدم الاستجابة للتحريض الاميركي».
ولم يكد نصر الله ينهي خطابه حتى بدأت الردود الأميركية الإسرائيلية المحمّلة بالتحريض ضد حزب الله، حيث رأى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن « إيران قد تلجأ إلى وضع أنظمة صواريخها داخل لبنان وخطر التصعيد بين حزب الله و إسرائيل حقيقي». بينما وصف المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي حزب الله «منظمة إرهابية أيديها ملطّخة بدم العرب من كافة أنحاء الشرق الأوسط ».
مساءلة في ساحة النجمة
الى ذلك، وفي موازاة العمل الحكومي المكثف عقد المجلس النيابي أول جلسة لمساءلة الحكومة برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، تضمنت 13 سؤالاً نيابياً، أبرزها التوظيف العشوائي في القطاع العام.
وفيما لفت بري الى أن الموضوع معلق لمزيد من الدرس، قال الحريري «الموضوع شائك وهذا لم يكن توظيفا انتخابيا أو سياسيا وكل القوى السياسية تدخلت ووظفت وخصوصاً في أوجيرو، كما تم توظيف 3000 شخص في الاجهزة العسكرية والأمنية، لكن هناك اقتراحات في الحكومة لإجراء مناقلات داخل الادارة». وقال «لا شك في أن أخطاء حصلت في التوظيف لذلك أقفلنا باب التوظيف الاستثنائي عبر الحكومة في الموازنة المقبلة». وردّ بري على الحريري قائلاً «ما تخلّي حدا يغشك»، ولدى مجلس النواب ارقاماً زودني بها النائب ابراهيم كنعان تشير الى توظيف 5000 شخص بمعزل عن العسكريين. وسيتم التأكد من التزام قرار عدم التوظيف».
وكما كان متوقعاً كانت الجلسة باهتة جداً لأسباب عدة، أهمها غياب الكثير من الوزراء بداعي السفر، لا سيما وزير الاقتصاد منصور بطيش، وأُثيرت تساؤلات نيابية حول ضرورة عرض المؤتمر الصحافي الأخير لوزير الاقتصاد عن المصرف المركزي وأن على الحكومة عقد جلسة بأسرع وقت للاستماع الى ما قاله بطيش، وتوقف بعض النواب عند ردّ الحريري، مشدّدين على أنه غير متماسك، علماً أن بري يتبنى ورقة كنعان حيال التوظيف غير القانوني، لكنه يرى بأنه من الصعب اتخاذ إجراءات قانونية بحق الموظفين ويعتبر أن قرار توظيفهم بات نافذاً وعلينا البدء بوقف التوظيف منذ الآن، علماً أن «نواباً آخرين طرحوا إخضاع الموظفين الى امتحانات يجريها مجلس الخدمة المدنية سواء في وزارة التربية أو غيرهم وتثبيت الفائزين وصرف الآخرين، أما الاشكالية في هذا الطرح بحسب نواب فوز العدد الأكبر منهم من طائفة واحدة، وبالتالي تكرار قضية الناجحين في حراس الأحراج وموظفي الطيران المدني الذين لم ينفذ مرسوم تثبيتهم لعدم مراعاة التوازن الطائفي».
وطالب بعض النواب بمقاربات أخرى لطريقة الأسئلة والأجوبة، معتبرين أنها لم تكن عملية ومنتجة لا سيما أن الحكومة لم تقارب كل الملفات وتحديداً النفايات الذي طرح من قبل النائبين شامل روكز وفريد الخازن. كما طرح ملف مزارع شبعا وأكد الرئيسان بري والحريري وعدد كبير من النواب على ملكية لبنان لهذه المزارع وامتلاكه وثائق تثبت ذلك، وكان تشديد على الموقف اللبناني المتمسك بلبنانيتها وتحريرها بكافة الوسائل ورفض أي قرار أميركي بضمّها الى إسرائيل».
لقاء على نيّة الموازنة
وعقب الجلسة عقد في المجلس النيابي لقاء بين الرئيسين بري والحريري على نية الموازنة لمدة ساعة، بحضور وزير المال علي حسن خليل، ودعا بري الى جلسة تشريعية الاربعاء المقبل.
وقال الحريري بعد اللقاء: «علينا ان نتخذ قرارات صعبة، وأعمل مع معظم الاطراف السياسية من اجل ان يكون هناك إجماع كامل على الموازنة، لأن خوفي ان يحصل هنا كما حصل في اليونان، وهذا ما لا يجب ان يحصل، فلا يخاف أحد لأننا سنقوم بإجراءات تنقذ البلد من اي مشكل اقتصادي».
عقدة دستورية أمام الكهرباء!
وبعدما اجتازت الحكومة امتحان إقرار خطة الكهرباء، برزت عقدة دستورية مستجدّة أمام طريق تنفيذها تمثلت بمخالفة مشروع القانون الذي أحالته الحكومة بتمديد العمل بالقانون 288 الخاص بتنظيم قطاع الكهرباء، للمادة 89 من الدستور وتعدّ على صلاحيات السلطة التشريعية.
وقالت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لــ«البناء» ان «موافقة رئيس المجلس على عقد جلسة تشريعية لا تعني موافقته على مشروع القانون المحال من الحكومة الى المجلس، لأن كل مشروع سيحال الى اللجان قبل عرضه على الهيئة العامة، وبحسب المصادر فقد أحيل المشروع الى لجنة الأشغال العامة لدرسه على أن يطرح في الجلسة التشريعية المقبلة إن انتهى درسه».
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية اليوم في السراي الكبير، وعلى جدول أعمالها 36 بنداً لا يتضمن أيّ تعيينات لا سيما في حاكمية مصرف لبنان لغياب أي توافق سياسي على خيار التجديد لنواب الحاكم لا سيما الدرزي، وسط النزاع الذي طفى على السطح بين وزير الاقتصاد والحاكم.
وفيما أشارت مصادر قواتية لـ«البناء» الى أن «الحملة على الحاكم رياض سلامة غير مبررة بهذا الشكل»، نفت مصادر التيار الوطني الحر أن «يكون موقف وزير الاقتصاد يعبّر عن اتجاه لدى رئيس الجمهورية بطرح تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي»، مشيرة لـ«البناء» الى أن «لا رابط بين موقف بطيش والحرب المشتعلة بين مفوض الحكومة وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي»، مؤكدة على العلاقة الإيجابية بين الرئيسين عون والحريري التي تشهد أقصى درجات التعاون والتنسيق في معالجة مختلف الملفات مشيرة الى توافق بين الرؤساء الثلاثة على تمرير آمن لعدد من الملفات الاقتصادية والمالية الملحة لا سيما الموازنة لإنقاذ الاقتصاد وكسب ثقة ودعم المجتمع الدولي والجهات المانحة لمؤتمر سيدر».
وأمل الرئيس عون في أن يكون الاجتماع الثلاثي القبرصي اليوناني – اللبناني الذي انعقد أمس على مستوى وزراء الخارجية والسياحة والطاقة، بداية إيجابية للتعاون بين البلدان الثلاثة لما فيه خير شعوبها وتطوير اقتصادها.
وخلال استقباله في قصر بعبدا وزير الشؤون الخارجية في قبرص نيكوس كريستودوليديس لفت عون إلى «وجود مصلحة مشتركة للتعاون بين لبنان وقبرص واليونان في المجالات كافة، لا سيما في مجال دعم لبنان في سعيه لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سورية».
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى غياب الخطوات العملية للمبادرة الروسية لإعادة النازحين الى سورية، لافتة الى أن «عملية إعادتهم تقتصر على جهود الامن العام اللبناني»، مشيرة الى أن اعادتهم بشكل كامل يتطلب قراراً أميركياً روسياً والأمر غير متوفر حالياً»، لكنها أكدت بأن «تجاوز لبنان العقبات الأميركية يمكنه حل أزمة النزوح وذلك من خلال التواصل مع الحكومة السورية»، لكن ذلك غير مسموح به حالياً من قبل اميركا والخليجيين بحسب المصادر، وبالتالي هناك انشطار للقرار الداخلي في هذا الملف نتيجة ضغط أميركي على رئيس الحكومة والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي».
إلى ذلك يقوم الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولس اليوم بزيارة رسمية الى بيروت ويلتقي خلالها المسؤولين.