خبر

وزير المال لـ«البناء»: نثق برؤية عون الاقتصادية وفرص التعاون مع الحريري جديّة

انقلاب عسكري يقوده وزير الدفاع يُنهي حكم البشير في السودان… والشارع يرفض التجاوب
وزير المال لـ«البناء»: نثق برؤية عون الاقتصادية وفرص التعاون مع الحريري جديّة
لأول مرة ستكون لدينا موازنة شفافة 100 وتخفيض العجز لن يمسّ بمحدودي الدخل

 

كتب المحرّر السياسي – البناء

فشل الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع السوداني في إنهاء الحراك الشعبي وكسب تأييده، بينما نجح الانقلاب في إقصاء الرئيس عمر البشير ضمن الصراع القطري السعودي الإماراتي، وفقاً لما قاله قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان بأن البشير دفع ثمن تحالفه مع قطر، بينما يكشف سجل وزير الدفاع الذي قاد الانقلاب أنه قائد التدخل السوداني في حرب اليمن لحساب التحالف السعودي الإماراتي.

في ساحة الاعتصام بقي عشرات الآلاف رغم حظر التجوّل، بعدما أعلن المجلس العسكري حكماً انتقالياً لسنتين وفرض حال الطوارئ لثلاثة شهور وحظر التجوّل من العاشرة ليلاً، وكانت أغلب الأحزاب المعارضة قد رفضت صيغة المجلس العسكري ودعت لحكم ثنائي مدني عسكري تشاركي لأربع سنوات، بينما دعا تجمع النقابات المهنية الذي يقود الاعتصام إلى مواصلة الاعتصام الذي ترددت فيه هتافات تستهدف رموز المجلس العسكري وقائد الانقلاب عوض بن عوف بعدما تثبت سقوط عهد الرئيس عمر البشير، فيما ركزت البيانات الصادرة من العواصم الغربية على المطالبة بحكم مدني وصيغة انتقالية مختصرة تسبق الانتخابات، ودعت الأمم المتحدة قادة الانقلاب إلى تسليمها البشير كمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.

لبنانياً، تصدّرت المشهد السياسي الزيارات الرئاسية التي يشهدها لبنان، خصوصاً زيارتي رئيسي بلغاريا واليونان والنقاشات المتصلة بقضية النازحين وحقوق لبنان في النفط والغاز من مياهه الإقليمية، وفرص التعاون اللبناني اليوناني القبرصي على هذا الصعيد، وإمكانية مساهمة بلغاريا واليونان أوروبياً في دعم دعوات لبنان للمساعدة في عودة النازحين السوريين.

على الصعيد الحكومي من المنتظر أن تشكل الموازنة موضوع الأسبوع الحكومي المقبل، وفي حوار مع هيئة تحرير البناء قال وزير المال علي حسن خليل إن الموازنة محاولة توافقيّة لسد الفجوات المتراكمة من غياب سياسة اقتصادية واضحة تحقق توازناً مفقوداً في ميزاننا التجاري من جهة، ومن فوضى سياساتنا المالية التي قامت لسنوات على تمويه العجز والاعتماد على إخفاء أرقام الإنفاق الفعلية وتضخيم الواردات، من جهة ثانية، ومن الكلفة العالية لسياستنا النقدية التي تقوم بحماية سعر الصرف عبر تجفيف السيولة من الأسواق برفع أسعار الفائدة وهندسات مالية مكلفة.

وقال وزير المال إن تصويب المسار الذي تعبر عنه الموازنة يبدأ بقيود صحيحة وواضحة للواردات والمصروفات. وهذا ما فعلته وزارة المال في الموازنة المقترحة لهذا العام، التي تعتبر أول موازنة شفافة بنسبة مئة بالمئة، حيث كل الإنفاق وارد في أرقامها بلا استثناءات على الإطلاق والواردات قدّمت بواقعية مستمدّة من أرقام السنة الماضية وتقديرات الزيادة والنقصان بدقة.

وأضاف الخليل لـ«البناء» أن إعادة النظر بأكلاف الموازنة طالت التدقيق بكل البنود بما في ذلك التفاصيل الصغيرة للتحقق من جدواها، وقد ظهرت عبر التدقيق الكثير من الحالات التي تحتاج الإصلاح، ومسيرة الإصلاح ليست بكبسة زر، لكننا بدأنا وبجدّية.

وأشار الخليل إلى أن التصحيح الاقتصادي يبدأ بتفعيل قطاعات الإنتاج وتطويرها وخلق فرص عمل وتحقيق نسب نمو. وفي هذا المجال يجب القول بوضوح إننا نثق برؤية رئيس الجمهورية الاقتصادية التي نتلاقى معها في التركيز على تنمية الإنتاج لردم الفجوة بين الاستيراد والتصدير وبالتالي العجز في الميزان التجاري. وأضاف الخليل أن رئيس الحكومة سعد الحريري يظهر جدية في مسعاه لمعالجة الوضع المالي بروح توافقية توفر التغطية السياسية للإجراءات التي سيحتاجها لبنان للخروج من عنق الزجاجة، منوّهاً بالتمسك بعدم تحميل الفقراء وذوي الدخل المحدود والطبقات الوسطى أكلاف تخفيض العجز كاشفاً عن اعتماد الضريبة التصاعديّة على الدخل للمرة الأولى في لبنان بعدما كانت الضريبة على أرباح المصارف تدخل للمرة الأولى في موازنتي العامين الماضيين.

الموازنة على نار تخفيض العجز 9 !

بعد نجاح حكومة «الى العمل» بإقرار خطة الكهرباء بتوافق سياسي جامع، يبدو أن مشروع موازنة 2019 يحذو حذو الكهرباء ويطبخ على نار حامية مع جملة إجراءات تقشفية وتخفيضات قاسية للوصول الى نسبة عجز 9 أو 9,5 كما تطالب الجهات المانحة في مؤتمر سيدر أي معدل 1.5 تخفيض، وأكد وزير المال علي حسن خليل من السراي الحكومي أمس، في ردّه على سؤال أن «الموازنة أصبحت في عهدة الحكومة وهي على النار».

وقال الوزير خليل لـ«البناء» إن «مشروع موازنة 2019 أُنجز ويتضمّن مجموعة كبيرة من الإجراءات التقشفية وسيخضع للنقاشات بين القوى السياسية الأساسيّة للاتفاق على البنود المطروحة قبل طرح المشروع على مجلس الوزراء لدراسته»، ولهذه الغاية سيُعقد اجتماع موسّع في بيت الوسط الأحد المقبل بحسب ما علمت «البناء» بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال ووزير الخارجية جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل ونائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان ممثلاً رئيس القوات سمير جعجع وذلك لنقاش الفصول الأساسية في الموازنة لتأمين الحد الأدنى من التوافق السياسي على المشروع قبل بدء اللجنة الوزارية التي سيشكلها مجلس الوزراء لدرس المشروع لا سيما التخفيضات التي يلحظها المشروع وتضمّ هذه التخفيضات، بحسب مصادر معنية لـ«البناء» ولا سيما بقاعدة الموازنة محاور عدة أهمها:

تخفيض النفقات غير الضرورية في مختلف الإدارات والمؤسسات العامة بشكل موضوعي وليس انتقائياً، وتصل قيمة هذه التخفيضات الى 1500 مليار ليرة.

إلغاء عدد من الإعفاءات للضرائب على الأرباح.

توسيع الوعاء الضريبي بشكل لا يصيب الطبقتين المتوسطة والفقيرة.

تعديل نظام الغرامات واضافة مواد جديدة وفرض ضرائب على الأملاك المبنية تصاعدية لا تطال المكلفين من الطبقات المتوسطة والفقيرة.

ومن أهم التخفيضات في عجز الموازنة هو خطة الكهرباء ومجموعة الإجراءات التي تضمنتها».

وقال وزير المال إن «مشروع الموازنة هو أول موازنة حقيقية ويتضمّن أرقاماً فعلية ولا شيء مخفيّ بما فيها نفقات البلديات وقد بُنيت الموازنة على إنفاق العام 2018».

ويكشف خليل لـ«البناء» عن «احتمال التوصل الى تخفيض لعجز الموازنة الى حدود 9 في المئة. وهذا انجاز يسجل لوزارة المال وإن لم تناهز النسبة متطلبات مؤتمر سيدر».

وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إن «هذا الشهر مصيريّ، ولكنه دقيق وأول الإجراءات هي الموازنة ولا خوف على لبنان»، مضيفاً بعد لقائه الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس «الشهر الحالي دقيق من ناحية الإجراءات الاقتصادية وخطة الكهرباء خطوة على الطريق الصحيح إنما ليست كافية والأهم هو الموازنة».

مجلس الوزراء

وكان مجلس الوزراء عقد جلسة عادية في السرايا الحكومي برئاسة الحريري لم تخلُ من التوتر السياسي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، على خلفيّة طرح وزيرة التنمية للشؤون الإدارية مي شدياق يتعلق بتوظيف في وزارتها ما لاقى اعتراض وزراء التيار لا سيما وزيري الخارجية جبران باسيل والدفاع الياس بو صعب، لكون شدياق لم ترفق طلبها بتفاصيل حول عدد الموظفين وحاجة الوزارة والكلفة المترتبة، ما أثار غضب شدياق واتهمت وزراء التيار بالتصرّف بالنكاية، معتبرة أن الأجواء إيجابية في الشكل فقط، رغم أن زميلها وزير العمل كميل ابو سليمان أقرّ بعد نقاش مع باسيل وبو صعب بأن التوظيف يجب أن يرفق بتفاصيل كي يتمّ نقاشه ومعرفة مدى جدواه وحاجته».

وأرجأ المجلس النقاش بالبند المتعلق بطلب وزارة الاتصالات إلغاء الـ60 دقيقة المجانية للخطوط اللاحقة الدفع. ولاقى هذا البند اعتراضات من كتل سياسيّة عدة كلبنان القويّ وحزب الله، حيث أكدت مصادر وزارية في التكتل والحزب أنهما «ضد المسّ بحقوق المواطنين وإذا كان هناك من تقشف يجب أن يكون من الشركات الكبرى والمصارف والضرائب،

وليس من حق المواطن في 60 دقيقة في الهاتف الثابت»، وأشار بو صعب ، في تصريح بعد الجلسة على أنّ «طرح بند الاتصالات خلال جلسة مجلس الوزراء لم يكن واضحًا ولم نوافق على إلغاء 60 دقيقة اتصالات من حقّ المواطن اللبناني».

وأعلن وزير الإعلام جمال الجراح بعد الجلسة أن «مشروع الموازنة سيُعرض في وقت قريب جداً على الحكومة»، وقال: «يتمّ وضع اللمسات الأخيرة عليه بين الحريري ووزير المالية». ورأى الجراح أن «الأجواء كانت جيدة جداً»، وأضاف أن ما صدر عن شدياق هو شعورها الخاص.

ولفت الحريري في مستهلّ الجلسة إلى «الإيجابية التي أرخاها إقرار خطة الكهرباء على الأسواق المالية والنقدية، وعلى ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد اللبناني، بصفته الإشارة الأولى على جدية الحكومة في خفض العجز في الموازنة ومكافحة الهدر في المال العام، وتنفيذ ما التزمنا به في مؤتمر «سيدر».

وأكد ان «وضعنا في لبنان يبقى مطمئناً والثقة في اقتصادنا واستقرارنا المالي والنقدي ومستقبل النمو في بلدنا تبقى قائمة، طالما نتخذ الإجراءات اللازمة».

وأقرّ المجلس جدول الأعمال المؤلف من 34 بنداً باستثناء طلب شدياق وبند الاتصالات.

عون: مستمرّ في عملي

ونقل زوار رئيس الجمهورية ميشال عون قوله لـ«البناء» إنه «مستمر في ما يقوم به في ملفات عدة على صعيد تطبيق مشروعه الإصلاحي لا سيما إقرار خطة الكهرباء في مجلس الوزراء»، مؤكداً أنه سيتابع مع المعنيين تنفيذها حتى تأمين الكهرباء للبنانيين 24 / 24»، أما بشأن الموازنة فرئيس الجمهورية مصرّ على إقرارها في وقت قريب وأبلغ المولجين بهذا الملف ضرورة إنجازها مع تخفيض العجز قدر الإمكان، لكن مع عدم المس بالمواطنين ذوي الطبقات الفقيرة وتحميلهم الأعباء». ولفت الزوار الى أن الرئيس عون مطمئن الى ثبات الليرة واستمرارية النظام المصرفي لوجود استقرار سياسي داخلي وضمانات دولية يعبّر عنها المسؤولون الدوليون الذين يزورون لبنان».

أما بشأن الخلاف بين القضاء والأمن فإن رئيس الجمهورية، بحسب زواره لن يتدخل بل يترك للقضاء كسلطة مستقلة معالجة الأمر مع الجهاز الأمني المعني».

وأشار عون بحسب الزوار الى أن مواقفه في المحافل الدولية ثابتة ولن تتغيّر لا سيما حق لبنان في المقاومة لاسترجاع أرضه والدفاع عن لبنان ورفضه المساومة على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر ولا سيما حقوقه النفطية».

أما بشأن ملف النازحين فلفتت مصادر سياسية مقربة من بعبدا لـ«البناء» الى أن الرئيس عون قرّر تكليف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم رسمياً التواصل مع الحكومة السورية لحل أزمة النازحين لأن لا حلّ بديل حتى الآن في ظل الخلاف الدولي الحاصل حول تنفيذ المبادرة الروسية والانقسام الداخلي حول العلاقة مع سورية»، موضحين أن «عون محل ثقة كبيرة لدى المسؤولين السوريين»، أما بشأن زيارة عون الى سورية قالت المصادر «سيقوم بها في في الوقت المناسب».

وكان عون أجرى محادثات مع رئيس اليونان بروكوبيوس بافلوبولوس، الذي زاره في بعبدا تمحورت حول النفط والاقتصاد والنزوح، وأعلن عون في مؤتمر صحافي مشترك «أنني أكدت حق لبنان باستخراج النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، وشدّدت على رفض الانضمام الى أي منتدى أو آلية تعاون تشارك فيها إسرائيل لا سيما منتدى غاز شرق المتوسط». وأشار الى اننا «نتطلع الى لقاء القمة بين لبنان واليونان وقبرص الذي ستستضيفه العاصمة القبرصية لتوطيد مختلف أوجه التعاون».

وقال: «استعرضنا ملف النازحين الشائك، فأطلعت الرئيس على الأعباء التي يتحمّلها لبنان نتيجة وجود أكثر من مليون و800 ألف نازح التي تضاف الى ملف اللجوء الفلسطيني المــزمن، الأمر الذي يستلزم مسؤولية مشتــركة تقوم على العمل السريــع لإقفــال الملف بتسهيل عودتهم الى المناطق الآمنة في سورية».

بدوره انتقد الرئيس اليوناني، الدور الأوروبي في ملف النزوح، معتبراً أن «أوروبا لم تكن حاضرة كما يجب منذ بدء الأزمة في سورية».

وإذ أشارت مصادر وزارية تعليقاً على زيارة وزير الزراعة حسن اللقيس الى سورية بأن الطريق كانت وستبقى مفتوحة ولا أحد يمكنه وضع العصي في دواليب هذه العلاقة الجيّدة علمت «البناء» أن وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب بصدد الانتهاء من إعداد ورقة تتضمّن خريطة طريق لإعادة النازحين الى سورية على أن يعرضها على مجلس الوزراء قريباً».

ولفت نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إلى أن «النازحين في لبنان ورقة ابتزاز لا إنسانية تستخدمها أميركا والغرب تعويضًا عن الخسارة الميدانيّة، هم لا يريدون عودتهم إلى سورية كي لا يُقال بأن سورية في أمن وأمان في المناطق التي يسيطر عليها النظام، هم يريدون استخدام النازحين كورقة لأي حل سياسي وهذا خطر كبير، لذا دعونا دائمًا إلى ضرورة عودة النازحين من أجلهم ومن أجلنا. من أجلهم لأنه من حقهم أن يعودوا إلى بلدهم أعزة وكرماء، ومن أجلنا من أجل أن نعالج جانبًا من جوانب الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، والحل بحوار بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وتنظيم العودة الآمنة».

وفي مجال آخر، عقدت في وزارة الخارجية والمغتربين محادثات موسّعة بين لبنان وقبرص، شارك فيها عن الجانب اللبناني الوزير جبران باسيل ووزيرة الطاقة ندى البستاني، وركزت المحادثات على موضوع النفط والاستثمارات اللبنانية في قبرص. ودعا باسيل الى «عدم تفويت مزيد من الفرص في موضوع النفط والغاز».

وقال: «علينا أن نستعجل في اتفاقياتنا الثنائية، وحددنا موعداً أولياً في 7 أيار لعرض أولي ثمّ في حزيران لتقييم أدق، ونأمل أن نكون وصلنا إلى نتيجة في أول أيلول». وقال «أضعنا فرصاً ووقتاً ولا مجال لأي خسائر إضافية وسنسعى إلى تعزيز تعاوننا مع قبرص وصولاً الى حلف نفطي وغازي كما نأمل». وأكد وزير الخارجية القبرصي أن «قبرص لن تشارك في أي عمل يخرق السيادة اللبنانية». وشدّد على أن «قبرص ماضية بدعم لبنان في مواجهة التحديات، خصوصاً موضوع اللاجئين السوريين وسنقف الى جانبكم».