مانشيت الجمهورية
يتنقّل التصعيد في الساحات الاقليمية، وقد حَط رحاله أمس في السودان بعد ليبيا والجزائر، إثر انقلاب الجيش السوداني على رئيس النظام عمر البشير وإزاحته عن السلطة، ومطالبة المحكمة الجنائية الدولية السلطات السودانية بتسليمه تنفيذاً لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، والدعوات الاميركية والاوروبية الى عقد جلسة مشاورات لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في السودان، وانقسام السودانيين إزاء بيان القوات المسلحة باعتقال البشير والتحفّظ عنه في مكان آمن، وبدء الفترة الانتقالية لمدة عامين.
لم تحجب التطورات الاقليمية والدولية الجارية، على أهميتها، ترقّب المعنيين في لبنان الخريطة السياسية الجديدة واستشفاف معالم المرحلة المقبلة وتداعياتها على ساحته، خصوصاً بعد توسّع العقوبات الاميركية على ايران وشمولها الحرس الثوري، ورد «حزب الله» على الخطوة الاميركية، واعلانه انه ومحور المقاومة لن يخضعا.
وإتهم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، أمس، اللبناني قاسم شمس وشركته للخدمات المالية في شتورة، بتبييض المال، كشبكة تابعة لـ»حزب الله» وفقاً لقانون تعديلات منع تمويل «حزب الله» الدولي» (HIFPAA).
وجاء في الاتهام الاميركي: «ينقل قاسم شمس وشبكته الدولية لغسل الأموال عشرات الملايين من الدولارات شهرياً من عائدات المخدرات غير المشروعة نيابة عن أصحاب المخدرات، ويسهّلون تحركات الأموال لـ»حزب الله».
وقال سيغال ماندلكر، وكيل وزارة الإرهاب والمخابرات المالية: «إننا نستهدف البنية التحتية المالية لمهرّبي المخدرات هؤلاء كجزء من حملة غير مسبوقة لهذه الإدارة، لمنع «حزب الله» وشركاته الإرهابية العالمية من الاستفادة من العنف والفساد وتجارة المخدرات. وتواصل وزارة الخزانة استخدام أدواتها بقوة لقطع شبكات الدعم العالمية التي يستخدمها «حزب الله» لتمويل أنشطته الشائنة». وأضاف: «انّ شمس هو صاحب «بورصة شمس»، التي تغسل عائدات المخدرات في كل أنحاء العالم نيابة عن منظمات تهريب المخدرات، وتسهّل حركة الأموال لـ»حزب الله». يقوم Chams بتحويل الأموال من وإلى أستراليا وكولومبيا وإيطاليا ولبنان وهولندا وإسبانيا وفنزويلا وفرنسا والبرازيل والولايات المتحدة، كجزء من أنشطته المتعلقة بغسل الأموال».
وادّعت وزارة الخزانة الأميركية «انّ Chams Exchange تعمل بموجب ترخيص وإشراف البنك المركزي اللبناني (BdL)، على رغم من أنّ السلطات الأميركية تشتبه منذ فترة طويلة في أنها عملية كبيرة لغسل الأموال. وزارة الخزانة ملتزمة العمل مع BdL لمنع الوصول إلى النظام المالي اللبناني من قبل تجّار المخدرات وغاسلي الأموال والجماعات الإرهابية مثل «حزب الله».
شهر دقيق
والى الاهتمام بما يجري في الخارج، يمضي لبنان قدماً في إنجاز ملفاته الداخلية، تحضيراً لملاقاة المطالب الدولية والاصلاحات التي طلبتها مجموعة «سيدر».
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري: «إنه شهر دقيق جداً للقيام بإجراءات اقتصادية، أوّلها موضوع الموازنة». وإذ اعتبر انّ «خطة الكهرباء هي خطوة على الطريق الصحيح»، قال: «وإن كانت ضرورية فإنها غير كافية على الاطلاق». ورأى «أنّ المهم هو ان نعبّر عن خطتنا المستقبلية في موضوع الموازنة حتى يعود البلد الى الاستقرار».
الحريري
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة سعد الحريري «انّ أفضل قرار اتخذناه في لبنان هو القيام بإجراءات معالجة العجز والتقشف في الموازنة، قبل أن تقع الأزمة، بينما اضطرّت دول أخرى إلى اجراءات اصعب وأقسى وأكثر ألماً، لأنها انتظرت وقوع الأزمة قبل البدء بالمعالجة». وأكد «انّ وضعنا في لبنان يبقى مطمئناً، والثقة في اقتصادنا واستقرارنا المالي والنقدي ومستقبل النمو في بلدنا تبقى قائمة، طالما نتخذ الإجراءات اللازمة». وقال في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي أمس: «هذه مسؤولية تقع علينا جميعاً في مجلس الوزراء، والمجلس النيابي، وأساسها التوافق بين جميع القوى السياسية الممثلة في الحكومة على الإجراءات التي ستتضمنها الموازنة، وعلى حسن تنفيذها».
وعلمت «الجمهورية» انّ النقاش في موضوع الموازنة دخل في إجازة حتى مطلع الاسبوع المقبل، حيث يتوجّه الحريري الى الشمال اليوم لمتابعة التحضيرات للانتخابات النيابية الفرعية.
توتر عوني ـ «قواتي»
وكان مجلس الوزراء عقد جلسة عادية خَلت من البنود الدسمة، لكنها لم تحجب التوتر المُستدام بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، ولو انه أتى هذه المرة على خلفية بند عادي، لم يُلتَفَت إليه مسبقاً.
وقد دفع النقاش الوزيرة مي شدياق الى القول لدى خروجها من الجلسة: «ما يغرّكم الجو، من الظاهر هادىء، ولكن في الباطن كلّو نكايات».
وعلمت «الجمهورية» انه عند الوصول الى البند رقم 9، بند عقود الحكومة الالكترونية، الذي تطلب فيه شدياق تجديد تفويضها تأليف لجان عمل من الاختصاصيين، جُوبِهت باعتراضات عدد من الوزراء خصوصاً وزراء «التيار»، إذ برز تخوّف من الذهاب الى التوظيف مجدداً بنحو يخالف القرار 46. وسألها الوزيران جبران باسيل والياس بوصعب عن العدد، وفي أي اختصاصات، وعن حدود العقود التي تريد إبرامها. فلم يكن لدى شدياق أجوبة، في اعتبار انها ستدرس الموضوع لاحقاً. وتأجّل النقاش في هذا البند، فيما بَدا التوتر واضحاً جداً على وجهها.
وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» انّ «الاسئلة التي وجّهت الى شدياق كانت مشروعة، لأنها لم تقدّم لنا دراسة وتقريراً واضحين، كما انه لا يمكن لها ان تغضب مباشرة لأنّ هناك دائماً هوامش للأخذ والرد والنقاش داخل مجلس الوزراء، علماً انّ هذا البند كان قد رُفض ايضاً للوزيرة عناية عز الدين في الحكومة السابقة».
وعند طرح تمديد اتفاقات وقروض ومشاريع، طالبَ وزراء «القوات» من رئاسة مجلس الوزراء إعداد لائحة بكل هذه المشاريع والقروض لكي يتم تحديد الأولويات على أساسها، فقال الوزيران كميل أبو سليمان وريشار قيومجيان انه في ظل الأوضاع المالية التي تمرّ بها الدولة لا بد من وضع استراتيجية واضحة بهذا الخصوص، وعلى رغم من إصرار «القوات» فقد مَرّت كل هذه المشاريع التي ترتّب أعباء على الدولة حتى لو كانت قروضاً.
60 دقيقة مجانية
بند آخر استحوذ على نقاش واسع داخل مجلس الوزراء، وهو طلب وزير الاتصالات محمد شقير إلغاء مدة الـ 60 دقيقة المجانية على الخطوط الخلوية الثابتة، ومعظم الوزراء الذين شاركوا في مناقشة هذا البند أبدوا رفضهم له في اعتبار انه بند غير مدروس.
وعلمت «الجمهورية» انّ باسيل قدّم لشقير مطالعة تقنية وبالأرقام، أظهر فيها انّ هذا البند «يتيم»، وسيحدث بلبلة لدى المواطنين إن لم يدخل في دراسة خطة شاملة لقطاع الاتصالات ومعرفة الاسباب الرئيسية خلف تراجع وارداته. وقال له: «يمكنك اتخاذ إجراءات عدة، خدماتية تقنية اختيارية تستفيد منها وترفع مردود الاتصالات». واضاف: «قدّم لنا خطة متكاملة تكون مُقنعة للناس وتبيّن لهم انك أوقفت الهدر العالي في هذا القطاع، والمقدّر بـ 60 مليون دولار، وتظهر فيها لهم انّ هذا القطاع يقدم لهم خدمات عالية وتستفيد منه الدولة بأكثر من 25 في المئة، وهي النسبة المتفق عليها مع شركتي الخلوي التي تستفيد بـ 75 في المئة، وتَقدَّم بها الى مجلس الوزراء ونحن جاهزون للمناقشة». وقال: «أنا اقترح عليك 10 إجراءات يمكن اتخاذها وتؤمن مردوداً مالياً مباشراً على الخزينة من قطاع الاتصالات، مدخلها وقف الهدر والتركيز على «الداتا»، لأنّ التواصل تَحوّلَ «داتا» اليوم أكثر من تَخابر».
شهيّب لـ«الجمهورية»
ورداً على سؤال حول البلبلة التي رافقت طلب وزارة التربية والتعليم العالي الى مديرية التعليم الثانوي والمناطق التربوية في المحافظات، في شأن تركيب كاميرات مراقبة في المراكز المعتمدة لإجراء الإمتحانات الرسمية، أكد وزير التربية اكرم شهيّب لـ»الجمهورية» صحّة هذا الامر، وأنه هو من طلب ذلك لأنّ الطالب الذي يدرس ينجح، أمّا من يَعتمد «النَقل» فلن ينجح، ولا يمكن ان يسري التقشّف على هذا الامر لأننا نريد شهادة محترمة». كذلك اكد «انّ أسئلة الامتحانات الرسمية لن تكون إلّا من داخل المنهج».