مطر لطلاب “الحكمة”: حاولوا أن تبنوا وطنًا متماسكًا يرتكز على المحبة المتبادلة

مطر لطلاب “الحكمة”: حاولوا أن تبنوا وطنًا متماسكًا يرتكز على المحبة المتبادلة
مطر لطلاب “الحكمة”: حاولوا أن تبنوا وطنًا متماسكًا يرتكز على المحبة المتبادلة


سلّم رئيس أساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر، شهادات التخرج لأكثر من 500 طالبة وطالب في مدارس الحكمة الآكاديمية والمهنية، في بيروت وبرازيليا – بعبدا وجديدة المتن وعين الرمانة وعين سعادة، خلال احتفالات حاشدة ألقيت فيها كلمات لرؤساء المدارس ولممثلي الهيئات التعليمية والإدارية والطالبية.

وألقى المطران مطر كلمات، توجه فيها إلى الخريجين، داعيًا فيها الى “التسلح في حياتهم وفي مستقبلهم الآتي بالإيمان والعلم والمحبة”، وقال: “جميلة هذه السهرة، مفرحة هي. نرى فيها براعم واعدة تتفتح لتملأ الوطن والجوار عبقا طيبا. كل الذين تكلموا من تلامذة وإداريين قالوا لنا أمورا أساسية وجميلة، ولكني توقفت على كلام الطلاب وقلت في نفسي، صارت لهم شخصيتهم، لهم كلمتهم، لهم مواقفهم، لهم قدراتهم نشكر الله عليها، ينضمون اليوم إلى عالم الكبار، يحملون المسؤوليات ويستعدون لبناء الوطن من جديد، فليوفقكم الله”.

اضاف: “نحن صنعنا ما صنعنا في هذا الوطن وله. ربما كانت لنا إخفاقات، ربما عملنا أمورًا جيدة. اليوم وغدا الكلام لكم. حاولوا أن تبنوا وطنا أفضل، وطنا متماسكا، وطنا يرتكز على المحبة المتبادلة بين كل اللبنانيين بكل أطيافهم، مسيحيين ومسلمين. ثقوا بعضكم ببعض واقبلوا بعضكم بعضا، سافروا الواحد نحو الآخر، لا تنعزلوا كل في زاويته أو في مكانه أو في حيه. الوطن لا يكفينا لنثبت حقيقتنا. نحن ملأنا الدنيا أهل لبنان. يكفينا أن يكون هذا الوطن على قدر قيمة اللبنانيين، هذا ما نريده. نحن والأهل والمربين صلاة من أجلكم، اليوم، لتنجحوا ولتبنوا جسورا بعضكم مع بعض. وأقول لكم لكل واحد منكم طاقة، لكن إن كانت هذه الطاقة منفردة ماذا تعمل؟ تبنون ربما بيتا جميلا، تعيشون حياة رغد، ولكن كل واحد لوحده، الدنيا ليست جميلة بهذه الطريقة. الحياة جميلة أن نعيشها معا. كلنا نستفيد بعضنا من بعض ونبني وطنا جميلا للجميع. لذلك الرب يريدكم متضامنين ومتميزين. طبعًا، وإذا تنافستم، تنافسوا للخير”.

وتابع: “أشكر من كل قلبي هذه الدفعة الجديدة من الخريجين، وقد ملأوا قلوبنا هذا المساء فرحًا كبيرًا. نهنئهم. وكان للخطباء في ذلك دور وللخريجين المحتفلين دور أبرز، شكرًا أيها الشباب، تعيدون الشباب للوطن وتعدون بأن هذا الوطن سيبقى، وطن الألفة والمحبة والإبداع والعيش المشترك والحرية والسلام”.

وذكر “عندما وصلت إلى الحكمة منذ حوالى نصف قرن، كان عمر الحكمة 90 عامًا. فوجئت بانها كانت فتية، والآن وبعد خمسين سنة وقد اشتعل الرأس شيب، نحن نمر والحكمة تبقى أم البنين وتبقى فتية. وأقول لكم أن شاء الله بعد خمسين سنة تكونون هنا أهل وتخرجون أولادكم في الحكمة التي ستبقى لكم وفية وتكونون أنتم لها أوفياء. هذه المدرسة، الحكمة، أيها الأحباء، لا تطلب الجميل إنما الوفاء جميل لها. ساهمت في بناء لبنان وفي بلورة وحدته الوطنية بين أطيافه على مدى 143 عامًا، كانت حاضرة تملأ الدنيا أدبا وشعرا وفكرا وثقافة ومحبة. الآن الحكمة تتألق كما في الأمس، وتكمل معكم المشوار وإلى جانبها جامعتها الجديدة. فقد صرنا ونبقى مرجعا للثقافة في لبنان، نريدها من أجل كل لبنان وكل اللبنانيين”.

واردف: “أقول لكم أيها الأحباء، بعض كلمات من قداسة البابا فرنسيس، الذي وصل إلى السدة البطريركية منذ سبع سنوات ووجه إلى العالم رسائل جميلة أذكر منها: أول رسالة عن فرح الإنجيل، فرح المعرفة، هذا فرح عظيم أن يعرف الإنسان، أن يعرف ربه، أن يعرف وطنه، أن يعرف رفاقه، أن يعرف الحياة، وما من فرح أكبر من هذا الفرح. أتمنى لكم فرح المعرفة أيها الشباب الطالع الى الحياة. وكتب رسالة ثانية عن العائلة أعطاها عنوانا إسمه فرح الحب، فرح المعرفة وفرح المحبة. أتمنى لكم أن تعيشوا هذا الفرح فرح المحبة والتضامن بعضكم مع بعض. أهنئكم وأشكركم أنكم ذكرتكم الرفيق الغالي مارون قزي، نحن نتعزى بكم اليوم وأهله يتعزون بأن عينيه تعيش في عيونكم ويديه تعملان في أيديكم. أنتم تبتسمون للحياة، أنتم تكملون حياة هذا الشاب، أتمنى لكم حياة جميلة من كل قلبي. والفرح الثالث الذي تحدث عنده قداسة البابا، هو فرح الكمال والقداسة. أن يكون الإنسان كاملا، أي أن يبلغ طاقته الكبرى وقامته العليا. لن تكونوا صغارا بعد اليوم، إلا في القلب يبقى هذا القلب محبا صغيرا، لكن بهمتكم ومعرفتكم وإبداعكم ستكونون كبارا إن شاء الله. هذا الكبر هو زهو للحياة، كما علمنا ذلك إبن الحكمة الشاعر الكبير سعيد عقل. بين جدران هذه الحكمة كتب سعيد عقل قدموس، وقال عن التلامذة الذين يذهبون ويعودون، أو عن أي عائد من المهجر: بين طير وعشها أسباب، كل يوم لها طواف بدنيا والطواف الأشهى إليها الإياب”.

وقال: “أنتم تتركون الحكمة، لكن الحكمة لن تترككم. عشتم فيها خمسة عشر سنة، هي ستعيش فيكم إلى الأبد. لتكن رفيقتكم بحكمتها بمحبتها وذكرياتها، فتبقون أوفياء لها، أوفياء للحياة. من كل قلبي أتمنى لكم كل التوفيق. وأشكر الأباء رؤساء مدارس الحكمة والمعلمات والمعلمين على جهودهم. أشكر أهلكم الذين أولونا ثقة كبيرة عندما الحكمة مدرسة لكم وعلى تضحياتهم، ولهم أقول: سنبقى معكم وإلى جانبكم في تعليم أولادنا وأولادكم. الدولة اللبنانية مقصرة بواجباتها، قلت للرؤساء جميعًا إصنعوا كما صنعت فرنسا، نقلد فرنسا في كل شيء. فرنسا تساعد التلامذة في المدارس الخاصة، هذا أمر معروف، مدوا يدكم للتلامذة وأهلهم، خصوصا في الأيام الصعبة”.

اضاف: “نلنا وعودا لم تترجم حتى اليوم، وهذا أمر مؤسف. سنتكلم مع المجلس النيابي الجديد ونقول لأعضائه، كونوا على المستوى المطلوب من التشريع إلى الفكر والمستقبل وبنائه، إحملوا مسؤولياتكم، لا تهربوا من الواجبات ومن الواقع، عليكم تقع مسوؤلية الوطن الجديد والمجدد، نتمنى ذلك. وسنصلح الدولة إلى أن تصلح وتصبح أما وأبا لهذا الشعب الذي له حقوق علينا ومن دون هذا الشعب لا ضرورة لوجود الدولة”.

وختم مباركًا للطلاب التخرج، وقال: “كان الله معكم ونحن نصلي لكم كل يوم. عودوا إلى الحكمة تلقوا فيها المحبة ذاتها وأنتم أهل عرفان”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى