بعد تركه مجلس النواب وجه أمين عام المجلس عدنان ضاهر الى النائب السابق أنطوان زهرا الرسالة التالية:
سعادة النائب أنطوان زهرا
لا أعرف من أين أبدأ، لا تسلني إلا إذا أجبتني كيف تبدأ الريح وكيف تتحول الى إعصار؟ أو كيف يتساقط المطر عندما ينتصب قوس قزح؟
أتأذن لي يا سعادة النائب أن أقول لك أخي أنطوان؟ ولا أخالك برافض. وعليه أخي أنطوان:
سمعت عنك أنك كنت مغوارًا في “القوات اللبنانية”، واليوم رأيتك مغوارًا في المجلس النيابي، والعين تعشق قبل الأذن أحياناً، وفي كلا الحالين هذا مجد للبنان.
عشت مناضلاً مكابرًا عصاميًا تنشد لبنان قبل أي شيء آخر، ولا تنتمي إلا له وحده قبل الإنتماء الى الأحزاب أو التيارات، لأني أعرفك فما كنتَ يومًا حزبيًا منغلقاً على ذاتك. ومن خلال تجربتي معك لمست ذلك بجوارحي حيث أذكر يوم أتيت، وأطلعتك على بريدي، ورجوتك التدقيق والسؤال عن أي هفوة أو خلل، فرفضت بكبرياء أن تدقق أو تعيد من بعدي ما أعرضه عليك، وهذه ثقة أعتز بها ولا أنساها طوال حياتي.
أخي أنطوان
إن لكلماتك نفاذاً الى أبعد مواطن الحس، كما في نبلة شُدَّت الى وتر، وأطلقت بتصويب من يد موهوب بالرماية فتسقط في قلب الهدف وتخرج معها مرحى من الأعماق، ولا شك أن القدرة على التجدد هي أهم أنواع القدرات، ومن يمتلكها يضع إصبعه على سر الأسرار في لعبة البرلمان.
أخي أنطوان
لو كانت الرجال كمن عرفنا لفُضّلت الرجال على الأحزاب، فأنت حزب قائم بذاته، لا أراك إلا بنياناً عزيزًا أديت دورك في خدمة الوطن من خلال التشريع في المجلس النيابي على أتمّ وجه، تقدم مصلحة لبنان والمجتمع على مصلحة حزبك ومنطقتك ومصالحك، فجاء عملك دقيقاً صادقاً مخلصًا بعيدًا من الانفعالات والغوغائية والشعبوية.
أخي أنطوان
حقاً، لقد كنت أراك مدافعًا شرسًا عن الحق كفارس رهن ذاته لإعلاء شأن القيم على ما عداها، غير آبه بالآثار المباشرة على ذاتك، لأنك تنظر الى البعيد في ذلك إنصاف لك ممن نظر إليك كما تنظر الى الأمور.
تقلّبت عليك صروف الدهر، والدهر قاهر، وخضت غمار السياسة والسياسة مصاعب، فما هُنت ولا لِنْتَ ولا بعتَ ولا اشتريتَ، بقيت مؤمناً بمبادئك، وفيًا لأهلك خادمًا لبنان، وفي هذا تكون الرجال.
وحالات الزمان عليك شتى
وحالك واحدٌ في كل حالٍ
لقد عُرِفت بحصافتك وسِعة إدراكك مصلحة لبنان العليا وأيقنت أن المطر لا يأتي من الشوك فقصدت السحاب وجئت دولة الرئيس نبيه بري صمام أمان لبنان يقيناً منك أن السياسة عنده ومعه يُنجز المستحيل.
أيها الصديق الصدوق والرفيق والأخ والملجأ عند كل حاجة، تبقى مثلاً للبرلماني النشيط الساهر على المصلحة العامة، المحارب للصفقات والسمسرات، النابذ للفساد أيًا كان موضعه، وأيًا كان مصدره. سنبقى على تواصل وستبقى فارسًا مغوارًا لا تهدأ.
عقلٌ عطية من أعطى تقول به دنياه:
زايدت لكن فاقني زيدا
وتسألني عن حالي؟!
فصرت كحال الطير سافر أهله فمال
به هجرٌ ومال به هجرُ
وما عاد يدري ما عرا الريش من أذى سوى الريش أن يبقى ويعروه ما يعرو.
وختامًا:
لا شيء يبقى بل الذكرى فإن فنيت تفنى الكروم وتبقى نشوة العنب.
أخوكم عدنان