أحيت مدينة البترون ذكرى شهدائها من صيادي الاسماك والاسفنج الذي قضوا في البحر خلال “قداس البحر” السنوي الذي أقيم على متن مركب بحري في مرفأ الصيادين على شاطىء مدينة البترون.
ترأس القداس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، وعاونه فيه القيم الابرشي الخوري كاهن رعية البترون بيار صعب، والخوري فرانسوا حرب والخوري سامي سلوم في حضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، رئيس اتحاد بلديات البترون رئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك، رئيس تعاونية صيادي الاسماك في البترون اسطفان عسال، وحشد من ابناء المدينة والجوار.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة بعنوان: “الشهادة للمسيح: ملح ونور!”.
وقال:”من شاطئ البترون نُبحر اليوم مع المسيح، كعادتنا كل سنة في قداس البحر كما أبحر معه يومًا سمعان بطرس والرسل من شاطئ طبريا. ونسمعه يعلّمنا قائلاً:
” أنتم ملح الأرض، فإذا فسد الملح فأي شيء يملّحه ؟ إنه لا يصلح بعد ذلك إلا لأن يُطرح في خارج الدار فيدوسه الناس.
انتم نور العالم. لا تَخفَى مدينة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضعُ تحت المكيال، بل على المنارة، فيضيءُ لجميع الذين في البيت. هكذا فليضئ نوركم للناس، ليروا أعمالكم الصالحة، فيمجدوا أباكم الذي في السماوات” (متى 5/13-16).
يقول لنا: إصعدوا إلى السفينة ” واذهبوا في الأرض كلها وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم” (متى 28/19-20)”.
أضاف: “هاءنذا أرسلكم كالخراف بين الذئاب: فكونوا حكماء كالحيات وودعاء كالحمام” (متى 10/16). إذهبوا إذًا واشهدوا بالمحبة أنكم تلاميذ المسيح، ولا تخافوا. ” وطوبى لكم إذا شتموكم واضطهدوكم وافتروا عليكم كل كذب من أجلي، إفرحوا وابتهجوا: إن أجركم عظيم في السماوات، فهكذا اضطهدوا الأنبياء من قبلكم” (متى 5/11-12).
ولا تهتموا بما تقولون، الروح القدس ينزل عليكم، فتنالون قوةً وتكونون لي شهودًا في أورشليم وكل اليهودية والسامرة حتى أقاصي الأرض”. (أعمال 1/8)”.
احتفلنا في 2 آذار الماضي، عيد مار يوحنا مارون، باختتام سنة الشهادة والشهداء التي ذكرنا فيها شهداءنا المعروفين وغير المعروفين واتخذنا منها عبرة لتجديد التزامنا بعيش إيماننا بالمسيح القائم من الموت والحاضر أبدًا معنا.
وإننا نعدُ اليوم بأننا سنستمر بالشهادة للمسيح على أرضنا وحيث نحن موجودون في كل أصقاع العالم على خطى شهدائنا وقديسينا. نحن واعون أن هذه الشهادة مُكلفة ، وقد دفع ثمنها آباؤنا وأجدادنا، على مدى أكثر من ألف وستماية سنة، آلاف الشهداء، ولكنها الطريق الوحيد للوصول إلى الخلاص والحياة الأبدية في الملكوت. نحن واعون أننا ملح الأرض، وأننا لم نَخَفْ يومًا من أن نذوب كالملح في شعوب البلدان التي استوطنّاها وتبنّينا لغاتها وتقاليدها وحضاراتها وثقافاتها. لقد زرعنا فيها طَعْمَ المسيح الطيّب بنكهة نسكية مارونية. لكن مسؤوليتنا كبيرة؛ والويل لنا إذا فسد ملحنا، فنُطرح خارجا ويدوسنا الناس.
نحن واعون أننا نور العالم، وأننا نشهد للمسيح النور من خلال أعمالنا الصالحة والقِيَم الإنجيلية التي تربيّنا عليها ونربّي عليها أجيالنا الطالعة. لكن مسؤوليتنا كبيرة، والويل لنا إذا أصبح نورنا ظلامًا أو إذا أصبحنا نفضّل الظلام على النور لأننا نعيش في مجتمع فاسد ونواجه أناسًا فاسدين يأتون الأعمال السيّئة ويُبغضون شهادتنا ويضطهدوننا. وكل من يعمل السيئّات يُبغض النور، فلا يُقبل إلى النور لئلا تفضح أعماله (يوحنا 3/19)”.
وختم:”يا شبابنا وصبايانا ويا أصدقاءنا من كل مكان،
تعالوا نُبحر اليوم مع المسيح في بحر هذا العالم الهائج وسط عواصف الحقد والبغض والحروب المدّمرة، عالم الأنانية والمصالح الضيّقة، وكلُّنا ثقة أن سفينتنا ستصل إلى بر الأمان، لأنها كنيسة المسيح وأبواب الجحيم لن تقوى عليها”.
وبعد القداس، أبحر المركب في عرض البحر حيث تم رمي أكليل من الزهر في قعر المياه على نية شهداء المدينة الذين قضوا في البحر.