عندما تبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من رئيس مجلس النواب نبيه بري ، بأن “الثنائي الشيعي” قرر توزيع الأدوار، فتتولى حركة “أمل” حقيبة سيادية هي وزارة المال ، فيما يتولى “حزب الله” حقيبة خدماتية هي وزارة الصحة ، لم يعترضا على هذا التوزيع، لا سيما أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله كان أعلن في إحدى خطبه أن “الحزب” قرر ألا يبقى بعيدا عن الوزارات الخدماتية والاكتفاء بوزارات أقل أهمية مثل وزارتي الصناعة والشباب والرياضة، أو وزارة دولة.
واعتبر عون والحريري ، ومعهما شخصيات سياسية متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة، أن وجود وزير من “حزب الله” في وزارة الصحة أفضل بكثير من مطالبة “الحزب” بوزارة سيادية أو بأن يشغل والحركة وزارتين خدماتيتين، ومن شأن ذلك التخفيف من الإحراج الذي قد تقع فيه الحكومة الجديدة رئيسا وأعضاء.
إلا ان حساب حقل الرئيسين عون والحريري لم يطابق مع حساب بيدر المجتمع الدولي، إذ سرعان ما صارت ترد الى مسامع المسؤولين ردود فعل دولية بدأت بتساؤلات عن صحة إسناد وزارة الصحة الى وزير من “حزب الله”، وصولا الى حد إعلان التحفظ والاعتراض.
وتولى ديبلوماسيون نقل ردة فعل المجتمع الدولي الى رئيسي الجمهورية والحكومة، وقالوا إن مثل هذه الخطوة سوف يعتبرها المجتمع الدولي، أو على الأقل الدول الفاعلة فيه ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية، بمنزلة إطلاق يد “الحزب” في وزارة دقيقة تتجاوز صلتها المباشرة مع الجمهور، الى قيام ارتباطات واتفاقات مع دول لا تتناغم في سياستها مع الدول المعترضة.
وفيما ذهب بعض الديبلوماسيين الى وضع التعاون مع لبنان في المجال الصحي على المحك، رأى آخرون أنه يمكن غض النظر عن توزير “حزب الله” في وزارات عادية على الرغم من المقاطعة الدولية للحزب، والحرب الواسعة التي تشن ضده.
وفي هذا السياق، قال مصدر ديبلوماسي إن أسلوب وزراء “حزب الله” في الوزارات التي تولوها كان مختلفا عن أساليب بقية الوزراء.
صحيح أنهم يديرون شؤون وزاراتهم بشفافية متناهية، إلا أن لوزارة الصحة منهجية عمل مختلفة ترتكز في جانب كبير منها على تمويل المجتمع الدولي لتدعيم نظام الرعاية الصحية الشاملة ما قد يؤثر سلبا في حال وجود وزير من الحزب فيها على المشاريع المنفذة وتحتاج الى متابعة، وتلك التي في طور التنفيذ، إضافة الى التأثر المباشر لتمويل هذه المشاريع من الدول المانحة والهيئات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو البنك الأوروبي للاستثمار.
وتضيف هذه المصادر، وفق صحيفة “الأنباء” الكويتية، أن وجود وزير من “حزب الله” في وزارة الصحة من شأنه أن يعيد النظر في آلية التعاون الدولي من تلقاء ذاته، أو أن تعيد الدول والجهات الداعمة النظر في تعاونها معه، ما يؤثر سلبا على المشاريع، المعتمدة ومنها مشروع مولته السفارة الأميركية في بيروت يتعلق بإطلاق الحكومة الإلكترونية داخل وزارة الصحة، بحيث أضحى 70% من الخدمات مؤمنة عبر الإنترنت، فكيف سيتم التواصل بين ديبلوماسيي السفارة الأميركية مثلا ووزير “حزب الله” وفريق عمله والعلاقة بين الطرفين سيئة للغاية؟
وتورد هذه المصادر، أنه لم تطأ قدما أي سفير أجنبي تعارض دولته إيران مثلا، أرض وزارة الصناعة منذ أن تسلمها الوزير حسين الحاج حسن ، وهذا الواقع يمكن أن يعمم على غيرها من الوزارات.