أطلق الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية والمركز الوطني لعلوم البحار معين حمزة في مؤتمر صحافي قبل ظهر اليوم الخميس، تقرير المجلس عن نوعية مياه البحر على طول الشاطئ، في حضور المدعية العامة لجبل لبنان القاضية غادة عون والمدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار ورئيس نقابة المؤسسات السياحية البحرية جان بيروتي ومسؤولين في عدد من البلديات وعدد من ممثلي القطاع الخاص ومراكز البحوث والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني.
وأعلن حمزة أن هناك 16 نقطة من أصل 25 نقطة بحرية شملتها الدراسة على طول الشاطئ اللبناني، تحمل تصنيفًا جيدًا، ويمكن استخدامها للسباحة ولكل النشاطات المائية والشاطئية الأخرى، في مقابل 4 مناطق مصنفة بدرجة مقبول و5 مناطق سيئة وملوثة جدا ولا يمكن استخدامها للسباحة.
وأشار إلى أن الدراسة لم تشمل عينات من مصبات المياه الآسنة الموجودة بكثافة على طول الشاطئ، وبقرب التجمعات الصناعية، أو مكبات النفايات الصلبة، لكونها ملوثة ومعروفة ولا تحتاج إلى تحليل.
وأضاف: “العينات لم تؤخذ من المسابح الخاصة، لان المسؤولية المباشرة في إجراء الفحوصات المخبرية الدورية تقع على مالكيها، وليست لدينا صلاحية لإجراء هذه التحاليل”، موضحا أن فريق المركز “حصل على العينات من المناطق العامة، والمسابح الشعبية على طول الشاطئ من خلال 25 نقطة ثابتة، وذلك من أجل تبيان أهليتها للنشاط البحري والسياحي”.
وشدد على أن النتائج لا تعطي أي مبرر لحال التدهور البيئي الذي يعانيه الشاطئ اللبناني، بسبب المياه الآسنة الموجودة بكثافة على طول الشاطئ اللبناني، والمكبات العشوائية للنفايات الصلبة والنشاط الصناعي المتزايد على الشاطئ وغياب التنظيم المدني لملائم للتزايد العمراني.
وأوضح أن النتائج تحمل قيمة زمنية ومكانية محددة، ولا يمكن تعميمها في جميع الأوقات، مشيرا الى احتمال حدوث تغيرات فجائية في نوعية مياه البحر إذا تسربت إليها مصادر جديدة للتلوث أو ايجابًا في حال وضع حد لهذه المصادر، مضيفًا: “النتائج تعرض بوضوح المناطق الآمنة بيئيا وصحيا من ناحية التلوث الجرثومي، ونسب المعادن الثقيلة الموجودة بتركيزات أدنى من النسب المسموح بها عالميًا في عضل الأسماك وبعض الصدفيات والقريدس، بالاستناد إلى تحاليل علمية موثوق بها وعلى فترات زمنية ناهزت 3 سنوات”.
وأكد أن المجلس الوطني للبحوث العلمية تتوافر لديه إمكانات علمية وتقنية مميزة من شأنها توسيع رقعة نقاط الدراسة لتشمل عشرات النقاط الإضافية على الشاطئ، مشيرا الى ان ذلك يتطلب تفويضًا واضحًا من الحكومة اللبنانية بهذه المهمة العلمية المتخصصة، وتوفر الموارد البشرية للقيام بهذه المهمة على مدار أشهر السنة وإعلان النتائج الدورية للرأي العام بشفافية تامة.
ميلاد فخري
من جهته، أكد مدير المركز الوطني لعلوم البحار الدكتور ميلاد فخري في عرض للنقاط البحرية أن المركز يتبع توصيات برنامج الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لتبيان الحالة البكتيرية لمياه البحر، لافتا الى ان فريق المركز يأخذ عينات من 25 محطة موجودة على كامل الشاطئ اللبناني من العريضة شمالا حتى الناقورة جنوبا، من الأماكن التي يرتادها الناس لممارسة هواية السباحة وجميع النشاطات المائية، ونقوم بأخذ عينات من عمق يراوح بين متر ومترين، كما نرفع عينات من عمق 50 سنتم.
وأوضح أن هذه العينات توضع في التبريد وتؤخذ مباشرة إلى المختبر في المركز، حيث يقوم الباحثون ومساعدوهم بتحليلها، لمعرفة كميات تركيز البكتيريا العقدية البرازية والقولونية البرازية، اللتين تقدمان مؤشرات عن نوعية المياه وعن احتمال وجود بكتيريا معدية قد تؤدي إلى انتشار امراض مختلفة.
وأوضح أن حل مشكلة تلوث البحر سهل وصعب في الوقت نفسه، نظرا الى وجود ثلاثة أنواع من التلوث، العضوي والبكتيري والكيميائي، مشددا على وجوب وقف مصادر التلوث المعروفة وأهمها مصبات الصرف الصحي على طول الشاطئ اللبناني، وعلى الدولة اللبنانية أن تعيد إحياء مشروع إنشاء 12 محطة تكرير للمياه الآسنة على الشاطئ اللبناني، كي نخفف الضغط عن البحر، بعد تكرير المياه الآسنة وإزالة المواد العضوية والبكتيرية الملوثة منها.
وحمل فخري المواطنين جزءًا من المسؤولية البيئية، معتبرا ان على الجميع أن يكون مساعدًا أساسيًّا في حماية البحر اللبناني والشاطئ.
واوضح ان دراسة اعدت ضمن أطروحة دكتوراه ما بين لبنان وجامعة ULCO في فرنسا، أظهرت وجود المعادن الثقيلة بتركيزات (رصاص، زئبق، كادميوم) بمعدل أدنى من المسموح بها عالميًا في عضل الأحياء البحرية (سمك، قريدس، صدفيات) المأخوذة من أماكن عدة على طول الشاطئ وفي فترات زمنية مختلفة، مطمئنًا اللبنانيين الى أن لا خطر على السمك البلدي في لبنان ويمكن استهلاكه بطريقة طبيعية.
حمزة
ختامًا، تمنى حمزة على وسائل الاعلام التحقق من صدقية المعلومات التي تصلها بوسائل مختلفة، قبل نشرها، حفاظًا على الأمن الاجتماعي والبيئي وانعكاساته المعيشية على مختلف فئات المجتمع.
وفي رد على اسئلة الصحافيين، شكا حمزة تضارب الصلاحيات بين الوزارات المعنية بالشاطئ، من السياحة الى الداخلية والبلديات والصحة والاشغال العامة والنقل، ومن غياب محطات التكرير التي اذا وجدت تعمل بأقل من طاقتها، محملا البلديات جزءا من المسؤولية في ايجاد الحلول ومنع المخالفات، ومشددا على اهمية الملاحقات الجزائية للمخالفين لأن العقوبة تضبط الناس.
ولفت الى أن تسرب الملوثات وتركزها في البحر في برج حمود مع تفكيك جبل النفايات ورميها في المياه، واصفا الوضع بأنه مأسوي، وواعدا بوضع دراسة شاملة على عينات تؤخذ من اعماق المياه ومن السطح.