في خضم الاهتزازات السياسية والتصعيد والمساجلات التي تدور رحاها على الساحة المحلية، تظهر ما يسمى بـ”العقدة الدرزية”، التي أخذت حيزا كبيرا من التجاذبات ضمن المساعي الهادفة لتشكيل الحكومة ، وصولا إلى ارتفاع منسوب التباعد والخلاف بين الحزبين “التقدمي الإشتراكي” و”الديموقراطي اللبناني”، وهذا الخلاف بين المختارة وخلدة وصل إلى ذروته، ومرشح للتصعيد أكثر فأكثر بفعل الحملات المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بلغة غير مألوفة في التخاطب السياسي وغير معهودة عند الوزير طلال أرسلان وأدبياته السياسية، توجه أرسلان الى رئيس الحزب “الإشتراكي” وليد جنبلاط برسالة نارية جاء فيها: “الظاهر أن أوباش وليد جنبلاط مصرون بأمر من سيدهم الغدار على أن يتهجموا علينا في كل حين بالتزوير والعادات والقيم والتضليل التي تربى هو وهم عليها لأنهم لا يعرفون معنى الوفا والصدق والأمانة”.
وأضاف: “طبعا ليست هذه تربية كمال بيك ولا الست الفاضلة مي، لا أعلم من أين جاء بها وتعلمها فهو أخبر، إذ من شيمهم الغدر والطعن بالظهر، بيقتلوا القتيل وبيمشوا بجنازتو”.
وكشفت المصادر المتابعة لصحيفة “الأنباء” الكويتية، ان غضب أرسلان مردود الى ابلاغه من جانب الوزير جبران باسيل ، بأن فكرة اختياره كوزير درزي رابع من حصة “التيار الوطني الحر”، كا سبق ان أشارت “الأنباء”، ليست مناسبة لكلا الطرفين، في وقت حسم جنبلاط امره، برفض التنازل عن المقعد الدرزي الثالث لأرسلان او لمن يمثله.
لكن جنبلاط أوعز الى نواب حزبه بعدم الرد على بيان أرسلان العنيف اللهجة وتضمن عبارات قاسية جدا في حقه. وقد تدخل جنبلاط شخصيا مع محازبيه ومناصريه بغية وقف الحملات، الأمر الذي عممته القيادات الحزبية الإشتراكية في كل مناطق الجبل، متمنية وقفها، ناقلة رغبة جنبلاط حول هذه المسألة التي تنذر بما لا تحمد عقباه إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه.
وكان الوزير مروان حمادة رفض الحديث عن “عقدة درزية تحول دون تشكيل الحكومة ، معتبرا أن “القصة ليست قصة توزير أرسلان أو عدمها، إنما القضية تختصر في كونه ممنوعا على جبران باسيل أن يمد يده على التمثيل الدرزي في مجلس الوزراء ، فيخلق بذلك سابقة لا تحمد عقباها عادة”.
وأمام هذا التصعيد غير المسبوق، علم أن عددا من كبار المشايخ الدروز عقدوا اجتماعا طارئا في بيصور، وناقشوا خلاله التدهور الحاد في علاقة جنبلاط – أرسلان وسبل احتوائه. وخلال اللقاء جرى اتصال بأرسلان الذي أبلغ المجتمعين أن موقفه هو رد فعل اضطراري على سلوك جنبلاط والمحيطين به، معتبرا أن الكرة هي في ملعب رئيس الحزب “التقدمي” وليست في ملعبه. وبينما تفهم المشايخ دوافع أرسلان ، دعوه في الوقت ذاته الى التهدئة وعدم الانزلاق الى سجالات من هذا النوع، فأوضح لهم أنه سبق له أن حذر من أن استمرار الهجوم الشخصي عليه من مسؤولين اشتراكيين سيدفعه الى الرد على جنبلاط مباشرة، مشددا على “أن المطلوب قبل كل شيء أن يضب وليد زعرانه..”.
وفي انتظار تبيان نتائج تحرك الوسطاء، يؤكد أرسلان ، أن بيانه الشديد اللهجة هو “مجرد رد مشروع على محاولة المس بكرامتنا”، مضيفا: “أنا مستعد أن أتحمل وأصبر في السياسة مهما تطور الخلاف مع جنبلاط ، أما أن يستسهلوا التعرض لكرامتي الشخصية فهذا أمر ممنوع ولا يمكن أن أقبل به أو أسكت عنه، حتى لو كانت ستخرب الدنيا”…
وفي خضم الحديث عما يحصل على الساحة الدرزية، كانت لافتة مواقف رئيس حزب “التوحيد” الوزير السابق وئام وهاب، الذي أصبح رقما صعبا في الطائفة الدرزية بعد الانتخابات، والذي قال في تغريدة عبر “تويتر”: “إنني لا أرى مبررا لهذه الفتنة التي يقوم بإيقاظها الوزير طلال أرسلان . فالدروز بحاجة للحصول على حقوقهم وليسوا بحاجة لتفرقة صفوفهم من أجل مقعد وزاري أو نيابي”.