من عالم الخدمات الإجتماعية التي تقدمها مؤسسته منذ سنوات طويلة، وتاريخ خبرته في عالم الأعمال كرئيس تنفيذي لشركة “المستقبل لصناعة الأنابيب”، إلى عالم السياسة بكل زواريبه الضيقة. حالة فريدة في الحياة السياسية أخطأوا في المراهنة على عدم وصولها إلى الندوة البرلمانية. كسرهم.. خرقهم.. ووصل مستقلاً لا منفرداً كما يُردّد. حتى أن لائحته كادت أن تخرق بنائبين لولا الحرب الضروس التي تلقاها من أكثر من طرف سياسي. تغوص مع مؤسس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي لتجد أن مواقفه وعمله وثوابته ثابتة لم تتبدّل منذ أكثر من 20 عاماً. محاربة الفساد شعاره العريض، من هنا دخوله إلى المعترك البرلماني.
الحكومة ومشكلة النزوح..
يرى مخزومي أن التأخير في تشكيل الحكومة يضعف لبنان أمام العالم، وبعض المشكلة يكمن في أن كل طرف سياسي يريد أن يكون له الثلث الضامن.. العملية ليست عملية موقع بالناقص أو بالزائد. ولا شك بأن المنطقة وفق مخزومي أمام تسويات إقليمية لم تزل غامضة لكنها تحتم أخذها بعين الاعتبار، فالاتصالات الدولية ومنها لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في هلسنكي قد يؤثر على المنطقة إذا كان الرئيسان جديّان، علماً أن اجتماع ثلاث ساعات لا يمكن أن يحل المشاكل وهي كثيرة.
مخزومي الذي يطالب بوجوب بحث الإستراتيجية الدفاعية، وأهمية أن تكون على جدول أعمال الحكومة المقبلة التي أعطيناها ثقتنا بشخص رئيسها سعد الحريري الذي تم التوافق على تسميته ضمن الاستشارات النيابية الدستورية، يشدد على ضرورة الاستعجال بتشكيل الحكومة، متمنياً على الرئيس المكلف أن يتخذ في البيان الوزاري موقفاً واضحاً من العلاقة مع سوريا وملف النازحين، داعياً الكتل السياسية إلى التوافق على كيفية التعاطي مع سوريا، والتخلي عن المصالح الشخصية في سبيل مصلحة البلد السياسية والاقتصادية مهما كلف الأمر. فإن كانت المبادرة الروسية والمتابعة من واشنطن جدية فالمطلوب من جانبنا رسم خريطة طريق واضحة، ودراسة متأنية لهذا الملف، وتأمين خطة لعودة إنسانية وكريمة للنازحين إلى بلادهم تراعي القوانين الدولية ضرورية بنظر مخزومي.
وأضاف: هنالك انفصام في التعاطي مع هذا الملف، خصوصاً على صعيد السفراء بين البلدين، إذ لدى سوريا ولبنان علاقات ديبلوماسية لا يتعاملان على أساسها، مشيراً إلى أن لبنان محكوم بالجغرافيا التي بدورها تحكم الوضع الاقتصادي والسياسي. ودعا إلى تنظيم العلاقة بشكل واضح مما يعكس موقف لبنان الرسمي كدولة وليس كأشخاص، متسائلاً كيف يذهب بعض وزراؤنا ونوابنا إلى سوريا لعقد اتفاقيات، ونرفض التعاطي الرسمي معها؟
الوضع الاقتصادي..
وفي نظرة إلى الوضع الاقتصادي، يردّد مخزومي أن لا استراتيجية اقتصادية منذ عام 1992 ولغاية اليوم. فالهم الوحيد هو السياسة النقدية وتثبيت سعر صرف الليرة لأن الوضع الاقتصادي غير مستقر. وقال: من المفترض أن تتواضع القوى السياسية رأفة بالبلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة بكل تداعياتها على أوضاع الناس المعيشية والبيئية، داعياً إلى فصل القضاء عن السياسة لتشجيع المستثمرين على الاستثمار بمشاريع جديدة مما يعزز اقتصاد البلد.
ملف الكهرباء..
لمخزومي وجهة نظر في ملف الكهرباء. فهو يردد أن إدارة هذا الملف الشائك غير منطقية والحلول المطروحة لا تصب في مصلحة المواطن بل في مصلحة أطراف سياسية. أما بالنسبة للبواخر فرأى مخزومي أنها لن تساهم إلا في مفاقمة العجز ما لم يقترن استقدامها بسلسلة إجراءات تساهم في خفض الهدر الذي يصل إلى 50 في المئة.
ودعا إلى وضع برنامج إنمائي للكهرباء فهذا هو مطلبنا منذ العام 2009، فلو تم إقرار هكذا برنامج لكنا صدّرنا كهرباء إلى العالم. ويضيف مخزومي أن الشبكة في لبنان لا تحتمل التوزيع إلى كل المناطق لكونها قديمة وهذا هو السبب الرئيسي لسيطرة “مافيات” الموتورات عليها، فأرباحها وأرباح الطبقة السياسية التي تحميها تفوق المليار دولار سنوياً، ومن يحاول وضع خطة للكهرباء يحارب وينعت بالخائن. وتابع: للأسف، مصلحة أصحاب المولدات أكبر من مصلحة المواطن وحلمه بدفع فاتورة كهرباء واحدة وتأمين الكهرباء 24/24 ساعة. وشدد على ضرورة وجود مجلس رقابي يتيح المجال للمنافسة، داعياً إلى إلغاء الحصرية والصفقات بالتراضي وتفعيل دور البلديات في هذا الإطار.
الفساد بنظر مخزومي متفشٍ في كل القطاعات وهو ما يؤكد فشل الطبقة السياسية في لبنان خصوصاً وأنه فساد مؤسساتي وعلني و”على عينك يا تاجر”. وأسوة بملف الكهرباء، يدفع اللبناني فاتورتين للمياه وثمة “مافيا” تستفيد من خزانات المياه لتعبئة خزانات أصحاب شركات خاصة لتبيعها للناس.
يضيف مخزومي أن الحال مماثل في اجتماعات اللجان المشتركة في المجلس النيابي، إذ يتم طرح الموضوع من زاوية معينة لنصل إلى نتيجة محددة ولا يتم اعتماد الحوار المفتوح لاختيار القرار الأفضل. فإذا أردنا صرف مليار دولار يتم البحث بكيفية صرف المبلغ من دون إيجاد حلول من شأنها أن تضع حداً للهدر والفساد. واستشهد مخزومي بما حصل في ملف مطار بيروت الذي صرفت الدولة مبالغ طائلة لمكننته، في حين لا يزال توظيف عدد هائل مستمراً لإرضاء مختلف الأفرقاء السياسيين. ويرى في سبيل حل هذه الأزمات تلزيم الأمور اللوجيستية لشركات خاصة وتوظيف خبراء على أن يتم تفعيل الهيئات الرقابية في هذا الشأن.
ملف النفايات
يعطي مخزومي أهمية لحل مشكلة النفايات ويعتبر أن الموضوع يحتاج إلى بذل جهود إضافية والاستعانة بخبراء واعتماد طريقة مدروسة بمواصفات عالمية بعيداً عن التوظيف السياسي. ولفت إلى تجربة شركة “سيكومو” الخاصة التي حققت خلال 7 سنوات نجاحاً باهراً في البقاع. وأكد أن المشكلة لا تكمن في التقنيات بل لا بد أن نبذل الجهود في مجلس النواب لتحديث الأنظمة المتعلقة بإدارة النفايات. واعتبر أن خصخصة هذا الملف من شأنه أن يبعده عن المحاصصة، داعياً إلى إلغاء الحصرية والصفقات بالتراضي وتفعيل دور البلديات. وأشار إلى أن لبنان يواجه إمكانية رفع دعوى ضده بعد أن ذاع صيته في العالم بأن بحره ملوث.
وعن المناقصات والمساعدات الاجتماعية في بلدية بيروت يقول مخزومي إنها تحتاج إلى الشفافية فالبلدية على سبيل المثال توافق على مشاريع مناقصات من دون الإطلاع على كافة التفاصيل، لافتاً إلى أن مبلغ نصف مليون دولار لتحسين نسل الخيول العربي رقم كارثي، وكذلك ميدان سباق الخيل الذي يوظف من أجل تحقيق مصالح شخصية. نحن نحاول أن نصوّب عمل البلدية من أجل نهضة بيروت وأبنائها.