أسعد بشارة – الجمهورية
أمّ العقد تراوح مكانها والحكومة في علم الغيب إذا كانت سياسة اللا تراجع على ضفّتي أزمة تشكيل الحكومة سائدة، فإنّ أمد التشكيل سيطول وسط لا مبالاة تفاوضية وعضّ أصابع بلغ في الأيّام الماضية حدود خطّ اللا عودة إثر مواقف عالية السقف صدرت عن بعبدا، وإن تمّ نفي جزء منها، وموقف مقابل للقوات اللبنانية عبّر عنه الدكتور سمير جعجع الذي أعاد التفاوض إلى المربّع الأوّل أي الى سقف الوزراء الـ5 مع حقيبة سيادية.
عمليّاً كان الرئيس ميشال عون يأمل بأن يزوره الرئيس المكلّف سعد الحريري بين الرحلتين، لكن تبيّن بعد عودته من ستراسبورغ أنّ الأمور توقّفت عند التشكيلة الأولى التي قدّمها الحريري والتي لا يبدو انّه مستعدّ لتقديم أخرى مناقضة لها ترضي «التيّار الوطنيّ الحرّ»، وبالتالي بات من المستبعد جداً أن يزور الحريري بعبدا قبل سفر الرئيس عون الى نيويورك غداً الأحد، وبات الجميع في حال انتظار لعودة عون من الولايات المتحدة الاميركية كي يُبنى على الخطوة التالية مقتضاها، في ظلّ عدم استبعاد أن ينتقل رئيس الجمهورية الى مربع جديد، من الخطوات الضاغطة لتشكيل الحكومة، كلّ ذلك وسط سيل من أجواء اللا مبالاة والقدرة على الانتظار حتى النهاية التي تعمّمها هذه المرجعية أو تلك.
عن العودة الى المربع الاوّل تقول أوساط «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» أنّ التفاوض شبه متوقف بانتظار أن يتراجع الوزير باسيل عن سعيه لإلغاء الآخرين، وتكرّر: «قدّمنا كلّ ما لدينا لتشكيل الحكومة وتساهلنا أكثر من مرّة، لنُفاجأ بأن لا نيّة عند الطرف الآخر لتسهيل تشكيل الحكومة، وما قبلناه في التشكيلة التي قدّمها الرئيس الحريري للرئيس عون، كان بعلم واطّلاع وموافقة الرئيس برّي والرئيس الحريري، ومع ذلك أتى الرفض من قبل باسيل،وهذا بات يتخطّى أيّ قدرة على تقديم المزيد.
وأشارت الأوساط الى أنّ «القوات» رفعت سقفها، وعادت الى مطالبها المحقّة، واذا كان الطرف الآخر يفكّر بأنّ «القوات» ستتنازل اكثر فهو مخطئ، فلا الرئيس الحريري سيطلب منها التنازل أكثر ولا نحن بوارد التنازل، وعلى باسيل أن يعرف أن سقف التفاوض الجديد هو ما أعلنه الدكتور جعجع قبل يومين.
من جهتها تجزم أوساط «التيّار الوطنيّ الحرّ» أن لا تنازل عن معايير التشكيل، ولا هدايا مجانية لأحد على حساب حجم «التيار» ووزراء العهد، وتشير الى انّ رئيس الجمهورية بات مقتنعاً بأنّ تدخّلاً خارجيّاً يضغط على الحريري ويعطّل تشكيل الحكومة.
وفي التفاصيل تشير الأوساط الى أنّ هناك اتجاهاً سعودياً للضغط على العهد، واقفال الأبواب العربية بوجهه لموقفه من المقاومة، وهذا الاتجاه يضغط لمنع تشكيل الحكومة متصوراً انّ هذا الأمر يشكّل ضغطاً على الرئيس عون، وتضيف الأوساط إلى انّ من يضغطون لا يدركون أنّ الرئيس عون يفضّل الانتظار لتشكيل حكومة تساهم في إنجاح عهده، على أن يتنازل لحكومة سوف تُفشل العهد وتغرقه في التعطيل والشلل، وتشير الى انّ رئيس الجمهورية قادر على الانتظار، فهو الآن يمثّل الموقع الدستوري الذي لا يتأثر بالتعطيل المتعمّد، فالمجلس النيابي لا ينعقد إلّا استثنائياً وللضرورة القصوى، والحكومة هي حكومة تصريف أعمال.
وألمحت الأوساط الى أنّ الرئيس عون كان قد دعم الحريري في عدم الذهاب الى جلسة اشتراعية، وتمنّى على الرئيس نبيه برّي تأجيلها، لعدم إحراج الحريري، لكنّه اليوم يترك اللعبة تسير باعتبار أنّ هذا الموقف لم يغير في أداء الرئيس الحريري، الذي نمي الى شخصيات قريبة من العهد أنّه لا يساهم في تذليل عقد التشكيل، لا بل انّه يصعب بعض العقد، فهو على سبيل المثال يدعم النائب فرنجية في تمسكه بحقيبة الأشغال حتى النهاية.
وعن الخطوات التي سيتّخذها الرئيس عون بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية، قالت الاوساط انّ ذلك يبقى على طاولة بعبدا، وكشفت انّ اقتراحات عدّة تُرسل من هذا الطرف أو ذاك منها مثلاً اقتراح بحلّ العقدة القواتية بإعطاء القوات 3 حقائب من ضمنها موقع نيابة رئيس مجلس الوزراء، وأنّ هذه الاقتراحات لن يعرف الموقف من إمكان قبولها أو عدمه في الأيّام المقبلة.