برّي لتأجيل القمة بسبب غياب الحكومة… وكي لا تكون هزيلة دون سورية

برّي لتأجيل القمة بسبب غياب الحكومة… وكي لا تكون هزيلة دون سورية
برّي لتأجيل القمة بسبب غياب الحكومة… وكي لا تكون هزيلة دون سورية

ترامب ينسحب من التفاوض مع الديمقراطيين… ويلوّح بإعلان حالة الطوارئ على حدود المكسيك
المقداد يعلن بدء الحوار مع قيادات كردية… و«قسد» تعلن التمسك بالوحدة والسيادة
برّي لتأجيل القمة بسبب غياب الحكومة… وكي لا تكون هزيلة دون سورية

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

فيما كان مجلس الأمن الدولي يتمسك بالتسوية اليمنية ويؤكد مسارها، نافياً الرهانات التي أطلقتها جماعة منصور هادي على سقوطها تبشيراً بالعودة للعمل العسكري، وما يشير إليه ذلك من فقدان الحلف الذي تقوده واشنطن القدرة على مواصلة خط المواجهة، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينقل المواجهة إلى الداخل الأميركي إلى درجة عالية من التصعيد، بإعلانه وقف التفاوض مع الأغلبية الديمقراطية التي تهيمن على مجلس النواب حول مصير الجدار الذي يريد بناءه على حدود المكسيك، معلناً التهديد باللجوء إلى حالة الطوارئ على الحدود مع المكسيك، ما يعني اللجوء إلى الجيش لبناء الجدار تحت شعار الحاجة الدفاعية الملحة.

صحيفة النيويورك تايمز حذرت الرئيس من ارتكاب ما وصفته بالمخالفة الجسيمة للدستور، وحذرت القوات المسلحة من ارتكاب ما وصفته بالجريمة الاتحادية، ونقلت الصحيفة عن مشرّعين أن الدستور يحظر استخدام القوات المسلحة لتمرير أي قانون محلي ويجيز لوزير الدفاع أن يضمن عدم قيام القوات المسلحة بما يخالف الدستور، وإلى أن مجلس النواب يستطيع أن يصوّت على رفض قرار الرئيس ويحيل النتيجة إلى مجلس الشيوخ لإسقاط القرار.

في دمشق تواصلت المحادثات بين الدولة السورية والقيادات الكردية، تحت عنوان الحفاظ على وحدة سورية وأولوية سيادتها، بعدما أعلن الأتراك عزمهم على مواصلة التحضير لعمل عسكري عبر الحدود يستهدف الجماعات الكردية، وشكل فشل الوعود الأميركية للقيادات الكردية بتوفير الضمانات لهم، وسقوط إغرائهم بمشاريع الانفصال، سبباً كافياً لبقاء العودة إلى دمشق باباً وحيداً، قررت الحكومة السورية عدم إغلاقه، كما أعلن نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد الذي قال إن الجولات السابقة للحوار لم تكن مشجعة لكننا متفائلون في ضوء المتغيرات أن تكون الأمور أفضل، بينما علقت قيادات قوات سورية الديمقراطية «قسد» باعتبار كلام المقداد إيجابياً، مؤكدة أن التمسك بوحدة سورية وسيادتها هو أرضية الحوار في دمشق.

لبنانياً، لم يكشف انحسار العاصفة إلا المزيد من الكوارث والفشل والفساد، مع ظهور هشاشة البنى التحتية التي كلفت المليارات، والتي يبيع المسؤولون للمواطنين تفاؤلاً بالمزيد من القروض من مؤتمر سيدر لبناء المزيد منها، تتكفل عواصف مقبلة بفضيحة ما يُخفيه من فساد، وتداول الناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي من باب التندر بما حصل مقالة للصحافي الراحل ميشال أبو جودة بعنوان «لبنان بلد صيفي» يقول فيها إن لبنان بلد صيفي، مشاريعه ومرافقه الحيوية صيفية، مشاريع المياه صيفية ومشاريع الهاتف صيفية والطرقات نفسها صيفية، وشتاؤه كله مشروع صيفي، الشتاء مفاجأة، السيول مفاجأة، العواصف مفاجأة، إذا أمطرت كأنها تمطر للمرة الأولى في السنة الأولى. وهكذا ما أن تمطر حتى يتوقف كل ما هو مطلوب منه، ساعة المطر بالذات ألا يتوقف، فالكهرباء والمياه والهاتف والطرقات أكثر ما تكون مطلوبة ساعة المطر والسيول والعواصف والثلوج.

ويضيف أبو جودة عن أمطار العام 1971 «كل الأبرياء تفاجأوا بالمطر، الكهرباء والهاتف والطرقات والمياه تفاجأت، الوحيدون الذين لم يتفاجأوا هم الذين خصصوا وألفوا اللجان ولزّموا والتزموا وباعوا واشتروا ودشّنوا واحتفلوا وهنّأوا أنفسهم».

ويختم أبو جودة «في زمن جهل الفلاسفة وفلاسفة الجهل أصبحت أسرار الطبيعة الأربعة: الحكم والمال والتقنية والسمسرة، وظواهر الأسرار مشاريع المياه والكهرباء والهاتف والطرقات، إذا غضب الله على قوم جعل صيفهم شتاءً وشتاءهم صيفاً. أما في لبنان فإذا غضب الله على قوم جعل حكمهم مالاً وعلمهم سمسرة وصيفهم وشتاءهم على سطح واحد «.

في الشأن الحكومي وشأن القمة العربية الاقتصادية في بيروت كان كلام لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر الحكومة قد صارت فعلاً ماضياً ناقصاً، بعدما وصفها بـ»صارت في خبر كان»، داعياً لتأجيل القمة الاقتصادية العربية بسبب عدم وجود حكومة، وكي لا تكون القمة هزيلة بغياب سورية.

بري: القمة بلا سورية هزيلة…

مع انحسار العاصفة المناخية «نورما»، عادت الملفات السياسية الى الواجهة وعلى رأسها القمة العربية الاقتصادية المرتقبة في بيروت ودعوة سورية إليها، فيبدو أن هوة الخلاف الداخلي حولها آخذة بالتوسع، فبعد تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون منذ يومين على موعد القمة المحدد في 17 و18 الشهر الحالي، سُجِل موقف هام لرئيس المجلس النيابي نبيه بري رافضاً بشكل مطلق عقد القمة من دون سورية، داعياً الى تأجيلها الى موعد آخر كي لا تأتي هزيلة الى حين نضوج الوضع العربي الجديد، أما المشهد الحكومي فاختصره رئيس المجلس بوصفه الحكومة العتيدة بأنها فعل ماضٍ ناقص بعدما وصفها في وقت سابق بأنها في خبر كان.

وإذ تقدَّم موضوع القمة الاقتصادية على ملف التأليف، لم تُسفر المشاورات على خط بيروت القاهرة حتى الآن عن قرار بشأن دعوة سورية الى القمة بانتظار اجتماع وزراء الخارجية العرب المزمع عقده الأسبوع المقبل، وإذ علمت «البناء» أن التحضيرات اللوجستية والأمنية والإعلامية تجري على قدم وساق في بعبدا وأن اللجنة الإعلامية للقمة وزعت أمس، بياناً يتصل بمهلة تسجيل الإعلاميين الراغبين في تغطية وقائعها ما بين 16 و20 الحالي، كانت عين التينة تعزف على موجة مقابلة، إذ نقل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي عن الرئيس بري قوله إن «نتيجة عدم وجود حكومة وكي لا تكون القمة الاقتصادية التي ستعقد في بيروت هزيلة، فإنه ارتأى أن يتم تأجيل القمة الى حين تشكيل الحكومة في الفترة المقبلة»، فيما نقل عضو اللقاء التشاوري النائب عبد الرحيم مراد عن بري أيضاً، أن «لا يجوز أن تنعقد القمة الاقتصادية من دون مشاركة سورية».

من جهته يصرّ الرئيس المكلف سعد الحريري على عقد القمة، بحسب ما قالت أوساط نيابية مستقبلية لـ»البناء»، إذ إن الحريري لا يريد تفويت فرصة عقد القمة في لبنان والدعم العربي والخليجي الذي سينتج عنها، حيث إن مجرد عقدها يعزز الثقة العربية والدولية بلبنان، ويرى الحريري أن مسألة دعوة سورية أمر لا يخصّ لبنان بل الجامعة العربية، فلماذا إقحامه بهذا الأمر وتحميله ما لا يحتمل؟ وتضيف المصادر المستقبلية أن «موعد القمة قائم رغم تقديره لرأي الرئيس بري، لكن في حال حدث تعديل في موقف رئيس الجمهورية نتيجة المشاورات القائمة فحينها قد يتغير الوضع ويصبح التأجيل وارداً».

وإذ تستمر المشاورات بين الرئيسين عون والحريري حول مصير القمة، يفضل التيار الوطني الحر بحسب مصادره لـ»البناء» أن تبت في الأمر جامعة الدول العربية للحؤول دون حصول صدام داخلي أو توتر في علاقة لبنان مع الدول الخليجية والعربية، رغم أنه يقدر مصلحة لبنان مع سورية أيضاً على كافة المستويات ويفضل دعوتها الى هذه القمة، لكن صاحب الدعوة ليس لبنان، وأكد عضو كتلة « لبنان القوي » النائب سليم عون في حديث تلفزيوني أن «هناك مصلحة بوجود سورية ودعوتها الى القمة، ولكن هذا الأمر سيشكل شرخاً والأولوية ان نقنع شركاءنا بالوطن».

عكار منطقة منكوبة

وإذ هدأت العاصفة الثلجية «نورما» التي ضربت لبنان فاسحة المجال للمواطنين لتفقد ممتلكاتهم وللدولة بإحصاء الخسائر وصيانة الأعطال الكهربائية وعبارات تصريف المياه ورفع السيارات العالقة في الثلوج وبرك المياه وغيرها، يستعد لبنان الى استقبال منخفض جوي جديد «ترايسي» وفق تسمية مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية يتجه الى لبنان ويصل يوم الأحد المقبل، وسيتبعه منخفض آخر آتٍ من اوروبا الوسطى ويندمجان معاً ويحملان الى لبنان أمطاراً غزيرة، انما قد لا تكون غزيرة قياساً الى المنخفض «غطاس»، وستحمل «ترايسي» الثلوج على الجبال».

وإذ كشفت مخلفات العاصفة في مختلف المناطق اللبنانية تقصير الدولة لناحية البنى التحتية التي لم تصمد أمام هول العاصفة، فخطفت عكار الأضواء إذ تحولت منطقة منكوبة نتيجة فيضان النهر الكبير الذي قضى على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تحولت بحيرة مائية كبيرة، خصوصاً أن أهالي عكار يعتمدون بشكل رئيسي في معيشتهم على الزراعة، ما يضع ما حصل برسم نواب ووزراء المنطقة والمرجعية السياسية التي تدّعي تمثيلها، وقد تساءل المواطنون أين اصبحت الوعود الإنمائية التي قطعها المسؤولون قبل الانتخابات النيابية فلم يقدِموا اليها سوى الاهمال والتحريض المذهبي ودعم التطرف والارهاب لاستخدامها في الصراع السياسي؟

وكشف وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي في حديث تلفزيوني له أنه «بصدد تحضير ملف كامل حول التجاوزات التي حصلت في موضوع العاصفة وتقديمه الى النيابة العامة التمييزية». وقد حيا عضو تكتل لبنان القوي النائب فريد البستاني القوى الأمنية كافة وعناصر الدفاع المدني و الصليب الأحمر و الشرطة البلدية الذين قاموا بدورهم على أكمل وجه في مساعدة وإنقاذ المواطنين الذين علقوا في الثلوج أو في الفيضانات إبان العاصفة التي ضربت لبنان في اليومين الماضيين.

بري نعى الحكومة….

وإذ انشغلت الدولة بإزالة ركام ومخلفات العاصفة فإن الركام السياسي بفعل العاصفة الحكومية لم يُرفع من مكانه، بل ارتفع منسوب السواتر وعلت المواقف الى حد العجز عن احتواء وضبط نتائجها على المستوى الوطني مع وصول الحلول الحكومية الى حائط مسدود.

وكان كلام الرئيس بري في لقاء الاربعاء النيابي بمثابة نعي للحكومة، فقد نقل عنه النواب «أن موضوع تشكيل الحكومة كان في خبر كان وأصبح اليوم فعلاً ماضياً ناقصاً، والاقتراحات التي جرى التداول بها اخيراً لم يكن لها نصيب من النجاح. وتناول موضوع ضرورة عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار الموازنة وإحالتها الى مجلس النواب، وقال انه لم يصل اليه بعد أي جواب ولم يسمع بدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد لمناقشة وإقرار الموازنة، والذي لا يتناقض مطلقاً مع ضرورة الإسراع بتأليف الحكومة والرجوع عن التعنّت الذي يؤخرها».

وقال مصدر مستقبلي لـ»البناء» إن «الحريري قدم تنازلات كثيرة ولم يعد لديه ما يقدمه. فالحكومة كانت منتهية ومراسيمها ستصدر خلال ساعات وتنتظر اسماء وزراء حزب الله قبل ان تظهر عقدة تمثيل اللقاء التشاوري»، غير أن المصدر لفت الى أن «الحريري لم يرفض كل اقتراحات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بل رفض اقتراحين يتعلقان برفع عدد الوزراء الى 32 و36 اما الحريري فقد وافق على اقتراح ان يكون جواد عدرا ممثل سنة 8 آذار ويعبر عنهم في مجلس الوزراء ومن حصة رئيس الجمهورية لكن الرفض جاء من طرف آخر، والحريري لا يعنيه الخلاف الحاصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله وسنة المعارضة»، إلا أن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار لم ينفِ في حديث تلفزيوني من عين التينة وجود بعض التباينات مع التيار، لكنه أكد أن «علاقتنا مع التيار الوطني الحر ممتازة وكانت وستبقى والرئيس بري أيضاً حريص على ذلك». ونفى المصدر المستقبلي أن ان يلجأ الحريري الى خيار الاعتذار مؤكداً أن «جميع الاطراف بما فيها حزب الله يدركون بأن الحريري ضرورة وطنية لما له من حيثية شعبية نالها في الانتخابات رغم قانون النسبية وثقة المجتمع الدولي به».

من جهته، شدّد رئيس الجمهورية على أن لبنان يعاني اليوم من حالة تعثّر داخلي، ومن الانعكاسات السلبية لملف النازحين، وانه من موقعه كرئيس للجمهورية، يعمل جاهداً للمحافظة على الخيارات الوطنية الكبرى التي صانت الوطن منذ عقود، كما «نعمل ومن منطلق أن جوهر الديمقراطية اللبنانية قائم على التوافق قبل أي شيء آخر، على تحقيق توافق واسع وتام من أجل البت في تشكيل الحكومة العتيدة، بالشراكة مع رئيسها المكلف». واعتبر، في كلمة أمام اعضاء السلك الدبلوماسي ومديري المنظمات الدولية «انه فيما أظهرت تجارب الماضي أن عملية التشكيل كانت تتطلب وقتاً ومشاورات واسعة لأنها لم تقم على أسس ومعايير واضحة، فإنها اليوم، وبعد اعتماد القانون النسبي ما كان يجب أن تطول لو اعتُمد منذ البدء معيار عدالة التمثيل الذي يجب أن يكون الحكم في أي خلاف».

واعتبر عون ان موقف المجتمع الدولي لا يبدو واضحاً حيال مسألة عودة النازحين، «لا بل ما يرشح من مواقف للمؤسسات الدولية لا يبدو مطمئناً»، فانه أعرب عن الخشية من أن يكون الإصرار على إبقاء النازحين في لبنان «مخططاً لتهجير من أمكن من اللبنانيين تسهيلاً للحلول الغامضة والمشبوهة التي تلوح في الأفق».

بزي ردّ على جريصاتي

الى ذلك أثار الكتاب الذي وجهه الوزير جريصاتي الى رئيس هيئة التفتيش القضائي يطلب فيه الوقوف على مآل توقيف هانيبعل القذافي وظروفه والتأكد من خلوه من أي مخالفات وتبيان الفوائد التي يجنيها لبنان من الإبقاء على هانيبعل القذافي موقوفاً في سجنه لمعرفة حقيقة خطف الإمام موسى الصدر ورفيقيه، أثار سجالاً بين الأخير وحركة أمل، حيث اتهم النائب علي بزي الوزير جريصاتي بخرق القانون والأصول والتجرؤ بالمس بالحق والحقيقة وقدسية إمام الوطن، وتابع: «ليعلم جريصاتي بأن دس السم في العسل او الدسم لا ينفع، ونتحداه بإثبات اية مراسلة جديدة من جنيف كما يزعم، الصحيح الوحيد في كلام جريصاتي هو وجود حملة تقف وراءها في لبنان وليس في جنيف تلك الليبية ريم الدبري التي تتجوّل مع حقيبة خضراء، ويبقى السؤال مَن يحاسب عند اختلال ميزان العدل؟».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى