التأليف الحكومي يغيب عن الإهتمامات… وواشنطن: خطر إيران تعدّى الخطوط الحمر

التأليف الحكومي يغيب عن الإهتمامات… وواشنطن: خطر إيران تعدّى الخطوط الحمر
التأليف الحكومي يغيب عن الإهتمامات… وواشنطن: خطر إيران تعدّى الخطوط الحمر

صحيفة الجمهورية

 

بدأت فعاليات القمة الاقتصادية العربية المقررة نهاية الاسبوع بلقاءات تمهيدية ستتلاحق من اليوم لتتوّج في الاجتماع على مستوى رؤساء الوفود. لكنّ المؤشرات تدل حسب المراقبين الى انّ صورة القمة هذه ستكون باهتة ومخيبة للآمال على الاقل بالنسبة الى لبنان لأنّ الاجواء توحي انّ مستوى الحضور فيها قد لا يكون لائقاً بها وبلبنان، البلد المضيف، إذ انّ معظم رؤساء وملوك الدول العربية الاساسية لن يحضروها مع ارتفاع عدد المعتذرين عن الحضور، وليس آخرهم امير قطر والرئيس الفلسطيني. وقد يبقى «الحبل على الجرار»، وما يزيدها بهتاناً هو عدم تعديل المعنيين قبل المراقبين على خروجها بنتائج عملية بسبب الضوء العربي الملتبس من جهة والتفاوت في النظرة العربية الى لبنان، الأمر الذي يعكسه الخلاف الداخلي اللبناني حول القمة نفسها وكذلك حول كثير من الملفات لعل أبرزها ملف تأليف الحكومة الذي يردد كثيرون انّ أبعاداً إقليمية وبعضها عربي لا تزال تعطّل هذه الولادة الحكومية.
وفي خطوة مفاجئة، تبلّغ لبنان عصر أمس من الدوحة اعتذار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن حضور القمة العربية التنموية لأسباب وصفتها مراجع معنية لـ«الجمهورية» بأنها «طارئة»، من دون أن تكشف عن طبيعتها.

وجاءت الخطوة القطرية لتزيد من عدد رؤساء الدول العربية الذين اعتذروا عن ترؤس وفود بلدانهم الى القمة. علماً انّ كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اعتذر عن الحضور أمس ومعه أمير قطر كانا السبّاقين بين رؤساء الدول الى تأكيد مشاركتهم في القمة قبل أن يعتذرا.

لقاء بكركي

وفيما كاد ملف التأليف الحكومي ان يغيب كلياً أمس عن الاهتمامات لو لم يستذكره رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الاربعاء النيابي بالتشديد على الاسراع في توليد الحكومة، تناوله اللقاء الماروني الذي انعقد في بكركي أمس في جانب منه مشدداً بدوره على إنجاز هذا الاستحقاق الحكومي.

فقد لبّى عدد من رؤساء الكتل والنواب ورؤساء الأحزاب الموارنة، دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى لقاء في بكركي، لأنّ العادة جرت أن تكون دعوات البطريركية مقبولة من مختلف الاطراف على رغم عدم وجود اتفاق بين الذين اجتمعوا، بدليل نوعية المناقشات أثناء الاجتماع التي لم تخل من بعض الحدّة، وكشفت مدى التباعد بين الكتل المسيحية، خصوصاً بين تيار «المردة» و«التيار الوطني الحر»، وإن من خلال البيان الذي صدر عن المجتمعين، إذ اكتفى بطرح القضايا الاساسية الوطنية من دون الدخول في تحديدها، مثل موضوع الهوية، أو في آليّاتها مثل الدستور اللبناني والصلاحيات، او في طريقة تنفيذها مثل قضية النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، او في تحديد شكلها مثل الحكومة العتيدة. وجاء البيان بمثابة «إعلان نيّات شامل وجامع» يمكن التعويل عليه للانطلاق في تحديد موقف مسيحي وطني اكثر وضوحاً في المرحلة المقبلة.

وتوقف متابعون للقاء عند تشديد البيان على الهوية اللبنانية التي تعرضت للتشويه في العقود الاخيرة، وكان واضحاً انّ هذا البيان لم يأت ليعطي شيكاً على بياض للسلطة الحاكمة حتى في شقها المسيحي الماروني كما كان يتخوّف البعض. فما عدا التركيز على احترام صلاحيات رئيس الجمهورية والتوازن بين السلطات، لم يدخل البيان في يوميات النزاع السياسي القائم، وشدّد على احترام المؤسسات على أن تكون هي الإطار الطبيعي لحل الخلافات.

وتميّز لقاء بكركي الذي غاب عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بسبب وجوده في الخارج، بالصرخة العالية التي أطلقها الراعي وحديثه عن «أخطار تهدّد الكيان بالإنهيار»، وأكد أنّ «من أسباب هذه الأزمة السياسيّة عدم تطبيق «اتّفاق الطائف» والدستور المعدَّل بموجبه، بنصّهما وروحهما، لأكثر من سبب داخليّ وخارجيّ. بل أُدخلت أعراف وممارسات مخالفة لهما، وسواها ممّا جعل من المؤسّسات الدستوريّة ملك الطوائف لا الدولة، فأُضعفت بالتالي هذه الأخيرة حتى باتت كسفينة في عرض البحر تتقاذفها الرّياح. ونشأت مخاوف حيال ما يُطرح في السرّ والعلن عن تغيير في النظام والهويّة، وعن مؤتمر تأسيسيّ، وعن مثالثة في الحكم تضرب صيغة العيش المشترك المسيحيّ ـ الإسلاميّ. ولفت إلى خطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية وخطورة وجود النازحين السوريين».

وأوضح الراعي «أنّ اجتماعنا كموارنة هو من أجل لبنان وجميع اللبنانيّين. وليس في نيّتنا إقصاء أحد أو البحث في أمور خاصّة بنا دون سوانا. وجلّ ما نرغبه أن تُشركوا زملاءكم في الحكومة والبرلمان والتكتّلات النيابيّة والأحزاب بكلّ ما نتداوله، وأن تعملوا مع جميع المسؤولين في لبنان بيد واحدة وقلب واحد وفكر واحد على حماية لبنان من الأخطار المحدقة به، التي استدعت وجوب عقد هذا اللقاء التشاوريّ».

وقد تبنّى البيان الختامي الذي صدر بعد اللقاء كلمة الراعي، وشدد على الثوابت المارونية والحضور المسيحي في لبنان، والحفاظ على الاستقلال والسيادة ورفض التوطين، كذلك شدّد على تعلّق الموارنة بالوحدة الوطنية وبالميثاق الوطني والعيش مع شركائهم في الوطن وبحسن إدارة التعددية على أساس الشراكة الوطنية العادلة والمحقّة والمتوازنة، وتمسّكهم باحترام الدستور وسيادة الدولة ورفض كل ما من شأنه المَسّ بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها وفي مقدمها رئاسة الجمهورية بما هي رئاسة للدولة ورمز لوحدة الوطن. لأنّ احترام الصلاحيات المُناطة بمسؤولي الدولة والتعاون المتكافئ بين السلطات الثلاث يحمي الدستور ويخدم مصلحة الوطن والناس ويعزّز مناعة الدولة وهيبتها.

منطقان وانقسامات

لقاء بكركي الماروني الذي تميّز بطرح الراعي المقاربة الاساسية المتعلقة بالمخاطر التي تهدد الكيان، برز فيه بقوة الانقسام بين معارضي التسوية والسلطة، حين طرح رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل مسألتي السيادة وسلاح «حزب الله»، والانقسام داخل أركان السلطة حين أكد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية انه لم يأت الى بكركي لدعم «الثلث المعطّل» لرئيس الجمهورية، وأنّ الحكومة «بتمشي» إذا تخلى «التيار الوطني الحر» عن اسم واحد»، والانقسام بين أركان التسوية أنفسهم حول توزيع الحصص والأحجام وطريقة معالجة القضايا السياسية الآنية.

الجميّل

وقال الجميّل في مداخلته وفق معلومات «الجمهورية»: «نحن الموارنة إرتبط نضالنا منذ تأسيس هذه الدولة بالعمل على تحقيق السيادة والاستقلال الكاملين وبمؤسسات تعمل وديموقراطية لا غبار عليها وحرية الإنسان، وهذه هي القيَم التي ناضلنا من أجلها مع البطريركية منذ أن أسّسنا هذه الدولة».

اضاف: «لكن مع التسوية التي حصلت منذ ٣ سنوات إنتقلنا من منطق بناء الدولة الى منطق السلطة، وتخلّينا عن الدولة ومقوماتها لنكون شركاء في السلطة ونأخذ أكبر حصة ممكنة منها».

واعتبر «اننا بتَخلّينا عن الدولة في سبيل السلطة أصبحنا بلا دولة، وبتنا عاجزين عن ممارسة السلطة، فلا يمكن ممارسة السلطة ديموقراطياً ومؤسساتياً إلّا في ظل دولة قائمة»، وقال: «نواجه اليوم مشكلتين، وإذا كنّا نريد حقيقة الانطلاق من مرحلة الى أخرى لا بد من معالجة هاتين المشكلتين: السيادة والمساواة. فلا يمكن ان نقول بالمساواة بين اللبنانيين إذا كان احد الأفرقاء يحمل سلاحاً وهو فوق القانون، كما لا يمكن ان نتحدث عن قيام الدولة إذا كان هناك من يقرر عن اللبنانيين في كل الملفات الاستراتيجية وإذا كان حزب يملك القدرة على التفاوض باسم الدولة ومبادلة الأسرى مع بلدان خارجية أو استعمال السلاح في الداخل لفرض معادلات سياسية». واكد انه «لا يمكن للبنان ان يتخطى المحنة التي يمر بها طالما هناك وصاية على قراره، وان لم نعترف بوجود هذه الوصاية، فلن نضع الاصبع على الجرح».

«المردة»

وقال مصدر قريب من تيار «المردة» لـ«الجمهورية»: «انّ أحد المشاركين في اجتماع بكركي يحاول دائماً تصوير مطالبته بالثلث في الحكومة، نابع من رغبة في تعزيز دور رئاسة الجمهورية، وبالتالي المسيحيين في لبنان، وانّ أي رأي خلاف ذلك هو انتقاص من حقوق المسيحيين. الّا أنّ الأمر هو خلاف ذلك على الاطلاق ويخفي في طيّاته نيات مبيّتة تكمن في أنّ باسيل يسعى جاهداً، ولو من رصيد العهد، للحصول على ثلث الحكومة بغية الانقضاض على حقوق وأدوار بقية المسيحيين لحسابات مستقبلية إسترئاسية باتت مكشوفة، مُتلطياً برئاسة الجمهورية ورمزيتها».

وأكد المصدر انّ تيار «المردة» يعتبر أنّ عدم تشكيل الحكومة حتى الآن هو أساس الأزمة السياسية الحادة التي نعيش، وانّ المطالبة بالثلث الضامن هو سبب هذا التأخير القاتل، وانّ تيار «المردة» ليس ضد ان يكون ثلث أعضاء الحكومة تحت مظلة الرئيس شرط أن يكون حكماً، بل يقف في وجه من يتلطّى بهذا الثلث للانقضاض على حقوق بقية المسيحيين ذوي الحيثيات التمثيلية العالية».

تفجير الأميركيين في منبج

على الصعيد الاقليمي كان البازر أمس التفجير الارهابي ضد دورية اميركية في مدينة منبج السورية الذي تبنّاه تنظيم «داعش»، وقتل فيه 4 جنود أميركيين وجرح 3 غيرهم، كما قال مسؤول اميركي لوكالة «رويترز»، وقد دحض هذا التفجير كلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب بأنه قضى على «داعش» وبات في إمكان القوات الاميركية الانسحاب من سوريا.

واللافت هو التوقيت الذي حصل فيه هذا التفجير: التوتر المضبوط بين تركيا والولايات المتحدة الاميركية، جولة أكثر من مسؤول اميركي في المنطقة من مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون، الى وزير الخارجية مايك بومبيو الى وكيله للشؤون السياسية ديفيد هيل، موقف ترامب الداعي الى حماية الاكراد من أي اعتداء عليهم سواء من جهة الجيش التركي او جيش النظام السوري.

وهذا التفجير «الكبير والمدوّي»، كما وصفه التحالف الدولي بقيادة واشنطن، إستدعى اجتماعاً موسعاً في البنتاغون ضمّ رؤساء الأركان وقادة القيادة الوسطى فتحت خلاله خطوط الاتصال مع ترامب، ليضيف عنصر توتر جديداً على الحالة المأزومة في المنطقة، والتي هي على شفير انفجار ما او حل ما.
فالاحتقان المتعدّد الوجوه، من اليمن الى غزة مروراً بالعراق وسوريا ولبنان، لا بد من أن يؤدي الى واقع جديد: إمّا من خلال مفاوضات سياسية، او من خلال عمليات عسكرية.

وتشير المعطيات الحالية الى انّ المنطقة، بما فيها لبنان، لا تزال بعيدة من التسويات، بدليل ارتفاع منسوب المواجهة الاميركية ـ الايرانية. فللمرة الاولى، تُبدي الولايات المتحدة استعدادها لكل انواع المواجهات مع النظام الايراني، وليس فقط الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية.

وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» من بعض الذين التقوا السفير هيل في لبنان، انّ التركيز على الملف الايراني كان الاساسي في المحادثات، وذكر الديبلوماسي الاميركي أنّ بلاده لن تكتفي بتصريحات هذه المرة، «لأنّ الخطر الايراني ـ حسبما قال ـ تعدّى الخطوط الحمر في المنطقة وبات يشكّل خطراً، ليس على واقع المنطقة إنما على الاتفاقات الدولية، من سايكس ـ بيكو الى اليوم».

واكدت هذه المصادر التي التقت هيل أنّ الادارة الاميركية ابلغت الى الجانب اللبناني «استعدادها لضمان استقرار لبنان في حال أقدمَ حلفاء ايران على خطوات تغيّر المعادلة اللبنانية والنظام اللبناني القائم».

واضافت «انّ الجانب اللبناني كان مشككاً بهذه الوعود، إذ ليست المرة الاولى التي تعد فيها واشنطن بهذه الامور من دون الالتزام الفعلي. لكنّ الموفد الاميركي كان صريحاً إذ قال «انّ على اللبنانيين أن يثقوا بالتزام واشنطن حيال لبنان، شرط أن تأخذ الدولة اللنانية المبادرة ايضاً وتلاقي الضمانات الاميركية في منتصف الطريق».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى