تفاؤل حَذِر بالتأليف.. والحريري تَكفّل بالحــقائب.. و«الحزب» بـ«التشاوري»

تفاؤل حَذِر بالتأليف.. والحريري تَكفّل بالحــقائب.. و«الحزب» بـ«التشاوري»
تفاؤل حَذِر بالتأليف.. والحريري تَكفّل بالحــقائب.. و«الحزب» بـ«التشاوري»

صحيفة الجمهورية

 

أشاعت حركة المشاورات التي دارت على مختلف المستويات أجواء متفائلة لاحتمال ولادة الحكومة العتيدة خلال يومين وفي مهلة اقصاها نهاية الاسبوع، لكن ما رشح مما شهدته هذه المشاورات لم يلغ استمرار التشاؤم والتخوف لدى كثيرين من معنيين وغير معنيين بالاستحقاق الحكومي، إذ لا شيء يمنع من ان يكون مصير هذه المشاورات الفشل كسابقاتها، خصوصاً انّ اي شيء لم يرشح بعد حول الطريقة التي تذلل بها العقد، ولاسيما منها ثمثيل «اللقاء التشاوري» وتبديل توزيعة بعض الحقائب الوزارية، و»الثلث المعطّل» الذي يريد «التيار الوطني الحر» الاستحواذ عليه والتفرد به.
يبدو أنّ الحسم الذي تحدث عنه الرئيس المكلف سعد الحريري الاسبوع الماضي يُراد منه حسم تأليف الحكومة، وليس الذهاب الى خيار من ضمن الخيارات التي شاعت في الساعات المنصرمة: الاعتذار، او تفعيل حكومة تصريف الاعمال، او تقديم حكومة «أمر واقع».

وقد بلغت المشاورات ذروتها مساء، وظهرت معها البلاد كأنها مقبلة على ساعات حاسمة في شأن تأليف الحكومة. والتقى الحريري الوزير جبران باسيل، ثم عقد لقاء مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، وسط حرص شديد على عدم الإعلان عن اي لقاء وإبقائه بعيداً من الأضواء، وذلك على قاعدة: «إستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، بغية معالجة عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» السنّي من حصة رئيس الجمهورية، وهي أخذت طريقها الى الحل بعد موافقة باسيل على ان لا يكون من ضمن تكتل «لبنان القوي» ولكن لا يصوّت ضده، وموافقة «اللقاء التشاوري» على ترك هامش لممثّله في حصّة رئيس الجمهورية في بعض الخيارات. وهو ما وُصف بأنه «حل وسطي وصيغة خلّاقة» تُرضي الطرفين على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم».

وليلاً، دخل «حزب الله» على خط المشاورات عبر مجموعة لقاءات واتصالات بين كل من المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين الخليل الذي اجتمع مساء مع «اللقاء التشاوري»، والحريري وباسيل والوزير علي حسن خليل والنائب السابق وليد جنبلاط، وذلك لمعالجة تسمية الوزير السني السادس، والذي تردد أنه سيكون من بين الاسماء الثلاثة التي رفعها «اللقاء التشاوري» وليس من النواب أعضائه.

وعُلم انّ باسيل اقترح تقديم إسم جديد، الّا انّ اقتراحه هذا كان مرفوضاً حتى ليل امس، إذ أصَر «التشاوري» على ان يكون الإسم من بين الاسماء الثلاثة التي رفعها: حسن مراد، عثمان مجذوب، طه ناجي. وتردد انه تم استبعاد ناجي ليبقى الخيار بين مراد ومجذوب.

واكتفت مصادر «التيار الوطني الحر» بالقول لـ»الجمهورية»: «إمّا حكومة سريعاً، أو هناك كلام آخر قريباً».

وفيما الترقّب سيّد الموقف لما ستؤول اليه المشاورات، أكد الحريري أنه متفائل بحذر، وقال: «الأمور إيجابية إن شاء الله، وستتضح خلال يومين». وكرر التأكيد أن هذا الأسبوع «هو أسبوع الحسم»، سلباً أو إيجاباً، رافضاً التحدث عن خياراته في هذا المجال.

إرتياح بعبدا
وسادت اجواء الارتياح القصر الجمهوري نتيجة الحركة المستجدة أمس واللقاءات التي توزعت بين «عين التينة» و»بيت الوسط». ولوحظ ارتفاع منسوب التفاؤل إثر الإعلان عن «لقاء حاسم» إمتدّ الى ما بعد منتصف الليل بين قيادة «حزب الله» ووفد من «اللقاء التشاوري» الذي اعتبرته أوساط بعبدا «مبادرة إيجابية» يمكن أن تُنهي الجدل القائم حول هوية الوزير السنّي السادس الذي سيُمثّل هذه المجموعة من حصة رئيس الجمهورية.
وعلى مستوى إعادة توزيع الحقائب، بَنت الأوساط ارتياحها على عدم وجود أي عقدة في تخلّي رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حقيبة وزارة البيئة لمصلحة تكتل «لبنان القوي»، ولن يكون هناك مشكلة في الحقيبة البديلة على رغم من رفض «الحزب التقدمي الإشتراكي» و»القوات اللبنانية» التخلي عن أيّ من الحقائب المخصصة لكل منهما، ولاسيما منها حقيبتي وزارتي الصناعة والثقافة.

… وإيجابية في «بيت الوسط»
وقالت مصادر «بيت الوسط» لـ»الجمهورية» انّ حركة الإتصالات «تطورت في المنحى الإيجابي والمريح». وأبدت ارتياحها الى ما بلغته المشاورات، متمنية أن تستكمل بما حققته من إيجابيات، ولكنها لم تُسقِط خوفها من إمكان ابتداع ما يؤدي الى العرقلة في اللحظات الأخيرة. وقالت هذه المصادر انّ اللقاءات المنتظرة مفتوحة على جميع المعنيين بهذا الإستحقاق.
وليلاً، نشر الوزير غطاس خوري على «تويتر» صورة تجمعه مع الحريري وجنبلاط وعقيلته والوزير وائل ابو فاعور والسفير المصري نزيه النجاري، وهم يتناولون طعام العشاء في احد مطاعم الاشرفية.

بري
الى ذلك اعتبر بري أنّ «ما حصل من تأخير في تأليف الحكومة بات معيباً ومهزلة حقيقية»، مشيراً الى انّ الاتصالات مستمرة سعياً الى حسم مصير الحكومة هذا الاسبوع، وموضحاً «أنّ التشاور مستمر مع «اللقاء التشاوري» لإيجاد الصيغة المناسبة لتمثيله».
وقال بري امام زواره، أمس، انّه «من الصعب ان ينال اي طرف لوحده الثلث المعطّل، موحياً بأنه ما من خيار امام الحريري سوى تشكيل الحكومة»، مستبعداً ان يقرر الاعتذار عن التأليف «علماً انني لا أزال متمسّكاً بتسميته لرئاسة الحكومة، كما انّ الأخ السيّد حسن نصرالله أطلق اشارات ايجابية في اتجاهه خلال مقابلته التلفزيونية الاخيرة».
وعلّق بري على احتمال لجوء الحريري الى تفعيل حكومة تصريف الاعمال إذا تعذّر عليه تشكيل الحكومة الجديدة، فقال: «إنّ مسألة تفعيل حكومة تصريف الاعمال ليست بالبساطة التي قد يظنها البعض». واضاف انه «مصمّم على عقد جلسة تشريعية قريبة، سواء تشكلت الحكومة هذا الاسبوع ام لم تتشكّل. إنّ هناك اموراً مالية ملحّة تتطلب إقراراً فورياً ولا تتحمل الانتظار لارتباطها بمصالح حيوية للدولة، وأنا لا أستطيع ان أتفرّج على الانهيار المتدرّج والمتدحرج من دون أن أفعل شيئاً». متوقعاً انعقاد الجلسة التشريعية مطلع الاسبوع المقبل.

«المستقبل»
وكانت كتلة «المستقبل» أثنَت على اعتبار الأسبوع الحالي «أسبوعاً نهائياً» للحسم المطلوب، والانتقال «الى مرحلة جديدة أملت تتويجها بإصدار مراسيم التأليف وإطلاق عجلة العمل الحكومي». واكدت انها تتطلع «الى كسر حلقات التعطيل والجمود» وأعلنت «تأييدها الكامل» لتوجهات الرئيس المكلف في هذا الشأن «وهي دائماً الى جانبه العضد والسند في أي قرار يمكن أن يلجأ اليه، وينهي مرحلة المراوحة في الجدل العقيم حول الحصص والأدوار والصلاحيات، فيما هناك ما يستوجب الخروج من هذا النفق والمباشرة في إطلاق ورشة حكومية وتشريعية لا تحتمل مزيداً من التأخير وتَرف الانتظار».

«لبنان القوي»
وبدوره، أعلن تكتل «لبنان القوي» أنه سيكون له «حديث آخر وموقف آخر الاسبوع المقبل في حال لم تبصر الحكومة النور هذا الأسبوع»، مشيراً الى أنّ «الرؤية ستتضح حينها حول نيّات تعطيل تشكيل الحكومة».

نفي فرنسي
في هذه الاجواء، نفت الناطقة باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، المعلومات التي تحدثت عن انّ باريس طلبت من اسرائيل عدم توجيه أي ضربة عسكرية للبنان قبل تشكيل الحكومة. كذلك نفت ان يكون وزير الخارجية جان إيف لودريان أبلغ أنّ الرئيس إيمانويل ماكرون سيُلغي زيارته للبنان في حال عدم تأليف الحكومة، او أن تكون فرنسا أوقفت مساعداتها للجيش اللبناني في الآونة الأخيرة. وأكدت «انّ هذه المعلومات عارية من الصحة».
وأعلنت المسؤولة الفرنسية، في بيان وزّعته سفارة فرنسا في لبنان، انّ بلادها «تولي عناية خاصة للوضع في لبنان»، وأملت في «تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن»، مشددة على «أنّ هذا أمر ضروري من أجل ضمان سيادة لبنان وأمنه واستقراره في ظل السياق الإقليمي العصيب». كذلك أملت «من السلطات اللبنانية والشركاء الدوليين «التقيّد بالالتزامات التي قُطِعَت إبّان مؤتمر الأرز الاقتصادي (CEDRE) ومؤتمر «روما 2 « وتطبيقها بكاملها». واكدت انّ فرنسا «ستواصل التقيد بالتزاماتها ودعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي». ودعت إلى «الامتثال التام لقرارات مجلس الأمن، وأشادت بالتزام قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) التي تسعى إلى المحافظة على الهدوء على طول الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل».

بيللينغسليا يبدأ زيارته
على صعيد آخر، يبدأ مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب ماريشال بيللينغسليا زيارته الرسمية للبنان اليوم، بلقاء يعقده قبل الظهر مع رئيس الجمهورية في حضور السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد التي سترافقه في جولته على المسؤولين الكبار. كذلك سيلتقي بري والحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد عودة الأخير الى بيروت من زيارة خارجية.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع تواكب الزيارة وشاركت في التحضير لها، لـ»الجمهورية»، انّ مهمة الموفد الأميركي استثنائية، وقد أدرجت رسمياً كما أرادت الإدارة الأميركية عند وضعها برنامج عمله تحت عنوان «الشراكة اللبنانية ـ الأميركية في مجالات مكافحة تمويل الإرهاب»، خصوصاً انّ مهمة الموفد الأميركي هي مراقبة تنفيذ العقوبات التي تستهدف إيران و»حزب الله» تحديداً، والمؤسسات الإيرانية الموضوعة تحت العقوبات المفروضة ومعهما «داعش» والمنظمات الإرهابية والتثبّت من تطبيقها.
وقالت المصادر «انّ لبنان شريك أساسي في هذه المهمة، وملتزم تطبيق كل القرارات والقوانين التي ترعى حركة الأموال غير الشرعية في العالم، وخصوصاً عبر المصارف الأميركية الوسيطة بين مختلف القطاعات المصرفية في العالم. ولذلك، سيتركّز النقاش على طريقة تنفيذ هذه القرارات، وخصوصاً تلك التي تعني القطاع المصرفي في لبنان على قاعدة «الشراكة الوثيقة التي تقيمها الحكومة الأميركية مع المصرف المركزي والمؤسسات المالية اللبنانية».

إسرائيل
وبالتوازي مع الضغوط الاميركية، تواصل اسرائيل ضغوطها على ايران لإخراجها من سوريا، وتوقّع رئيسها رؤوفين ريفلين أن تُصعِّد طهران من ردود فعلها على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان تجاه التدخل الإسرائيلي في سوريا… واصفاً الوضع الإستراتيجي لإسرائيل في الفترة القريبة بـ»التصعيد والتعقيد».
وقال ريفلين في مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: «يبدو أنّ السقطات الإيرانية على الجبهة الشمالية، والتفاهمات مع الحكومة الروسية ستؤدي إلى لجم إيران في الساحة الإقليمية»، ولكنه أشار إلى «تغيير اتجاه» في الأشهر الأخيرة. وأضاف: «هناك من يعتقد أنه تم لجم المخططات الإيرانية في المنطقة بسبب التدخل الإسرائيلي، ولكنه يعتقد أنّ إيران ستصعّد من ردودها في الشمال، في سوريا ولبنان». وقال ان الجهود الإيرانية تتصل أيضاً بالساحة الديبلوماسية العالمية، كما أنّ «استمرار التجارب على الصواريخ البالستية، والمؤامرات التي تخرج من طهران باتت محط خلاف مع الدول في الاتحاد الأوروبي»، على حد قوله.
من جهته، إتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران بشن هجمات متكررة عبر الانترنت على إسرائيل يتم التصدي لها يومياً، وقال: «إيران تهددنا بطرق كثيرة، وخلال الـ24 الساعة الماضية أطلقت تهديدات بتدميرنا، حيث قال الإيرانيون إنهم سيطلقون صواريخ ستضرب مدننا. نحن نَعي هذه التهديدات، ولكنها لا تؤثر علينا لأننا نعلم ما هي قوتنا في الدفاع وفي الهجوم».

إيران
من جهتها، كشفت ايران عن صواريخ عالية الدقة اصبحت في حوزة «حزب الله». وتوقف أمين المجلس الاعلى للأمن القومي علي شمخاني عند «التوجه الدعائي الصهيوني الجديد الذي يتم لصرف أنظار الرأي العام عن الفساد الاخلاقي والاقتصادي الموجود لدى الهيئة الحاكمة لهذا الكيان»، وقال: «لا توجد فضيحة للكيان الصهيوني الذي يدّعي قدرته الاستخباراتية الكبيرة، أكبر من أنه يتفاجأ في الوقت نفسه بأنّ وزراء حكومته قد تحوّلوا مصدراً للمعلومات، وقد حُفِرَت تحت اقدامهم أنفاق بطول مئات الكيلومترات، واستعداد الصواريخ الدقيقة في أيدي ابطال المقاومة في غزة ولبنان للردّ على حماقته المحتملة بجهنم من النار».

روسيا والقذافي
من جهة ثانية، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أنّ روسيا تتواصل مع الأطراف اللبنانية من أجل إنهاء حبس هنيبعل القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وقال لوكالة «سبوتنيك» الروسية في القاهرة أمس: «نعرف انه في سجن لبناني ولكن من دون حكم قضائي… وفي رأيي الخاص انّ هذا أمر غير طبيعي، خصوصاً أنه خُطِف من سوريا، وهذا أمر قبيح. لذلك، فإنّ وجوده في السجن أمر غير منطقي ونرغب بوقف هذه المعاناة». وأكد أنّ روسيا «تتواصل مع الأطراف اللبنانية من ممثلي الأحزاب السياسية والطوائف بهذا الشأن، لكنّ القرار هو في يد اللبنانيين».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى