كتبت الصحافيّة عزة الحاج حسن في جريدة "المدن" مقالاً تحت عنوان: "هل يعرقل بند "تحرير سعر الصرف" خطة الحكومة؟، وذكرت فيه أن "الحكومة أقرّت خطتها الاقتصادية بالإجماع مع استثناء البند المتعلّق بالتحرير التدريجي لسعر الصرف الرسمي، لكن مع اعتماد سعر 3500 ليرة للدولار سعراً افتراضياً للصرف، تستند عليه الحكومة في خطتها المذكورة".
ولفتت إلى أنه "لا شك في أن التوافق على الخطة الإقتصادية بات أمراً ملحاً لتمهيد الطريق أمام الدولة اللبنانية للإستعانة بالمجتمع الدولي واستقطاب مساعدات مالية، خصوصاً أن الخطة تعكس اعتراف الحكومة بحجم الخسائر والديون كما تحدّد آلية مبدئية للتعامل مع القطاع المصرفي والمودعين من جهة ومع مؤسسات الدولة وأصولها من جهة أخرى، لكن بند سعر الصرف الذي أُرجئ البت به قد يعيد خلط أوراق الخطة من جديد".
وأضافت: "احتل بند تحرير سعر الصرف مطلع الخطة الاقتصادية، وقد اعتمدت الحكومة فيه تحريراً تدريجياً للسعر على مدار 5 سنوات، ابتداء من تحديد سعر الليرة أمام الدولار عند 3500 في العام 2020، ثم 3684 ليرة في العام 2021، ثم 3878 ليرة في العام 2022، ثم 4082 ليرة في العام 2023، وأخيراً 4279 ليرة في العام 2024. على أن يتم أخذ سعر الصرف في السوق الموازية بالاعتبار، ووضع ضوابط للجم ارتفاعه، إلى حين إعادة استقرار سعر العملة. ونظراً لكون الخطة الاقتصادية للحكومة بُنيت على أساس متكامل، خصوصاً لجهة التحرير التدريجي لسعر الصرف، فإن من المنطق أن يتم تعليق كافة بنودها المرتبطة بأرقام الديون والعجز، وكل ما يترتبط تقديره بسعر العملة. بمعنى أن الارقام الواردة في الخطة تم وضعها بناء على متغيّرات سعر الصرف، الذي كان من المتوقع إقراره ضمن الخطة".
وأردفت: "وبما ان التحرير التدريجي لسعر الصرف أرجئ، فإنه بات على الحكومة إعادة النظر بأرقام خطتها وحجم مديونيتها وخسائرها. أضف إلى أن ملف تحرير سعر الصرف سيشكّل إحدى أخطر العقبات أمام الحكومة لسببين، الأول، هو تعميق الأزمة الاجتماعية، وتسريع انفجارها، فيما لو تم التوافق لاحقاً على مسألة تحرير سعر الصرف. والسبب الآخر يرتبط بعرقلة قنوات التواصل المرتقب مع صندوق النقد الدولي، كون تحرير سعر الصرف يُعد من الأولويات بالنسبة إلى الصندوق، وممر العبور الذي قد يمهّد لتجاوبه مع الحكومة اللبنانية في خطتها الاقتصادية".
وتابعت: "ملف سعر الصرف الذي يُعد حجر الأساس في الخطة الاقتصادية، وبعد أن جرى سحبه منها بضغوط من عدد من الفرقاء السياسيين، أحدث إرباكاً واضحاً في كواليس الحكومة. ففي حين أكد وزير الصناعة عماد حب الله، عقب جلسة مجلس الوزراء، بأن سعر صرف الليرة "سيبقى ثابتاً اليوم وغداً وبعد غد"، أعلن رئيس الحكومة حسان دياب أن "قرار تحرير سعر الصرف ليس عندنا، بل عند مصرف لبنان، الذي كان يقول إنه ثابت. فإذا كان ثابتاً بالنسبة له كيف لا يكون له علاقة بذلك اليوم؟"، بمعنى أن دياب رمى ملف تحرير سعر الصرف إلى ملعب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ورب سؤال يطرح نفسه "إن كان ملف تحرير سعر الصرف من اختصاص مصرف لبنان، فلماذا "روّست" الحكومة خطتها الاقتصادية ببند التحرير التدريجي لليرة؟".
ولفتت إلى أنه "من البنود التي تضمنتها الخطة الإقتصادية للحكومة استرجاع الفوائد المرتفعة التي استفاد منها كبار المتمولين والمودعين على مدى السنوات الخمس الماضية، واسترداد الأصول المنهوبة والودائع المهرّبة الى الخارج، وبند آخر جرى إرجاء البت به الى حين دراسته بشكل أفضل وتعديله، ويقضي باقتطاع نسبة 2 في المئة من أموال المودعين الذين تتعدّى حساباتهم الـ 500 ألف دولار، على أن يتمّ تحويلها إلى أسهم في المصارف أي على طريقة الـ Bail-In، غير أن هذا البند لاقى اعتراضاً شرساً من قبل جمعية مصارف لبنان يوم أمس أمام رئيس الحكومة ما دفع بالجمعية الى رفض خطة الحكومة وإعلام دياب بنيتها إعداد خطة إقتصادية خلال 15 يوماً".
وأشارت إلى أنه "أمام ضغط المصارف تم تعليق بند الـ2 في المئة. لكن وفق مصادر مطلعة، فإن الحكومة لم تلغ البند، إنما قررت تعديل الشريحة التي يستهدفها، بمعنى أن يتم الاقتطاع من الودائع التي تفوق المليون دولار أو المليوني دولار، وليس الـ500 ألف ليرة. وهو ما ألمح إليه رئيس الحكومة بقوله أن الحكومة ستعمل على حماية ما يصل إلى 98 في المئة من المودعين".
ولفت المقال إلى أن "الخطة من ضرورة البدء بتنفيذ الإصلاحات على مستوى إدارة الدولة، والسياسة المالية، والقطاع المالي، والمصرف المركزي، والحساب الجاري، وميزان المدفوعات. ووفق ما أعلنه دياب، فالخطة حدّدت أهدافاً على مدى خمس سنوات، هي:
انحسار العجز في الحساب الجاري إلى 5.6 في المئة، والحصول على دعم مالي خارجي يفوق 10 مليار دولار، بالإضافة إلى أموال مؤتمر سيدر، والعودة إلى النمو الإيجابي اعتباراً من العام 2022، واعتماد الدعم المباشر وغير المباشر للفئات غير الميسورة، وتنفيذ برامج اجتماعية في هذا المجال.
كما يهدف البرنامج إلى العودة إلى الفائض الأولي في المالية العامة في العام 2024، وهيكلة محفظة الدين السيادي، وتقليص نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي إلى ما دون 100 في المئة.
كما تهدف الخطة إلى إعادة هيكلة القطاعين المصرفي والمالي للسماح للاقتصاد بإعادة الانطلاق وتوفير فرص عمل جيدة ومستدامة، وإطلاق قطاعات اقتصادية واعدة جداً".
المصدر: https://www.almodon.com/economy/2020/4/30/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%82%D9%84-%D8%A8%D9%86%D