خبر

إعادة هيكلة المصارف.. وتحدي دخول بنوك دولية شراكة في 'شركة مفلسة'

وأخيراً اقر مجلس الوزراء التدقيق المالي المحاسبي والجنائي حيث وافق على التعاقد مع شركة "Alvarez & Marsal"  للتدقيق الجنائي، ومع شركتي "kpmg و oliver wayman"  للتدقيق المحاسبي، بهدف التدقيق في حسابات المصرف المركزي  لا سيما وان الجنائي منه يشكل وفق خبراء  ماليين وقانونيين منطلقا لأي إصلاح.

 

 

وبانتظار ان يدخل هذا التدقيق حيز التنفيذ باعتبار انه يشكل مطلبا اساسيا لمجلس الوزراء ولرئاسة الجمهورية، فإن خطوة الإعلان عن إنشاء لجنة خاصة في مصرف لبنان او ما يعرف بلجنة إعادة هيكلة المصارف الاسبوع الماضي من شأنها أن تلبي توصيات صندوق النقد والمؤسسات المالية الدولية، لا سيما وان هذا التوجه لا يمكن الا أن يكون له تأثيراً ايجابياً فهو ورد ضمن بنود خطة الحكومة ووافق عليه صندوق النقد ولا يتعارض مع مطالبه.


لم يعد خفيا أن المصارف لا تعاني فقط من أزمة سيولة، لا بل من أزمة ملاءة أيضاً بسبب انكشافها على الدين العام السيادي، أي اليوروبوند وسندات الخزينة، كما انكاشفها على مصرف لبنان عبر شهادات الايداع. وبالتالي من الملحّ اعادة النظر ودراسة وضع المصارف، كل مصرف على حدى لتقدير مدى تعثرها، يقول الخبير الاقتصادي والمالي وليد ابو سليمان لـ"لبنان24". لكن التباين او الخلاف  بين الحكومة والمصارف حول اعادة الهيكلة يكمن في ان الحكومة تحاول تحميل المصرف المركزي الخسائر التي تكبدها وشطب رساميل المصارف الخاصة ما يعني وضع المساهمين خارج هذه المصارف وهذا ما يرفضه المصارف  فضلا عن البنك المركزي  الذي يعتبر أنه قادر على تأجيل سندات الايداع واطفاء الخسائر عبر أرباح مستقبلية.


وكما بات معلوما إن مهمة لجنة اعادة هيكلة المصارف تتمثل بوضع تقاريرها حيال دراسة الاداء المالي للمصارف واقتراح الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامة القطاع المصرفي ، فيما كان من المفترض، بحسب ابو سليمان، أن تكون الحكومة شريكة في هذا العمل لأن التعثر ناجم بمعظمه من الدولة التي تخلفت عن سداد دينها وقد أصبحت مفاعيل التعثر شبيهة بمفاعيل حجارة الدومينو مع تعثر المصرف المركزي فتعثر المصارف الخاصة. كما أنه من  كان المستحب مشاركة أشخاص  يتمتعون بخبرات علمية في اعادة هيكلة المصارف من أجل التشخيص بشكل سليم ووضع خطة متكاملة لاعادة الهيكلة.


وعليه،  فإنه من البديهي، وفق أبو سليمان، أن تكون أولى المعايير IFSRS9 التي تتصل بتكوين المؤنة، ومعايير بازل 3،. صحيح أنّ رأسمال المصارف يبلغ حوالي 20 مليار دولار، لكنها قدمت أكثر من 80% من رأسمالها بمثابة ديون لمصرف لبنان بينما لا يفترض أن يتجاوز سقف الاستدانة الـ2 مليار دولار. ولذلك من المفترض أن تأخذ بنود الاتفاقية في عملها للامتثال للمعايير الدولية لكي تبقي على علاقتها بالمصارف المراسلة، وأهم تلك البنود liquidity ratio أي أن تتخطى السيولة أقله الـ12%.  علما ان منطلقات  التوجه  نحو اعادة الهيكلة ينبغي أن تأخذ بالاعتبار مدى ملاءمة المصارف، أي قيمة اليوروبوند وسندات الخزينة وشهادات الايداع التي تحملها، وما هي مطلوباتها من الودائع واستحقاقاتها.


قد تعني اعادة الهيكلة دمجاً، لكن تصفية المصارف ليست مطروحة في الوقت الراهن  لأنها  قد تسبب اشكالية لمصرف لبنان  لناحية أنه لن يتمكن من سداد حقوق المودعين. وبالتالي المطروح راهناً هو الدمج بين المصارف الكبيرة والصغيرة ولكن يفترض حصول رسملة لهذه المصارف لتأمين أموال جديدة.، يقول ابو سليمان، علما ان الحديث عن إدخال بنوك دولية جديدة الى القطاع المصرفي قد يحصل فقط في حال تنقية المصارف الحالية. اذ لا يمكن لأي مصرف دولي أن يدخل شريكا في شركة مفلسة. وهنا يكمن التحدي الكبير.


وسط ما تقدم، فإن اموال المودعين التي لا يكف السياسون على التاكيد انها من المقدسات و ويجب عدم المساس بها، فهي من دون أدنى شك في خطر وتحديداً تلك المقومة بالدولار واذا لم يبادر المعنيون، كما يقول ابو سليمان، إلى اجتراح حلّ جذري بالتوازي مع اعادة رسملة المصارف، فإن الخشية تكمن في أن تحوّل هذه الودائع من الدولار الى الليرة اللبنانية بغية التخلص من هذه المطلوبات.