نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" العالمية، مقالاً للكاتب والتر راسل ميد، يتوقّع فيه أن يدخل العالم في تحوّل كبير بسبب جائحة "كورونا"، وأن ينزلق إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، لافتاً إلى أنّ بلداناً مثل لبنان وإثيوبيا تواجه بالأساس أزمات خطيرة قبل الوباء، وهي تكافح من أجل الحفاظ على النظام الأساسي.
وبحسب الكاتب، فإنّه بعد 8 أشهر من انتشار فيروس "كورونا" من ووهان الصينية، شهد العالم اضطراباً اقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق، مع انهيار الاقتصادات في جميع أنحاء العالم والمزيد من الدمار المتوقع في المستقبل. فقد عشرات الملايين وظائفهم، وشهد ملايين آخرون اختفاء مدخرات حياتهم، حيث أجبرت الحكومات المطاعم والحانات وغيرها من الشركات الصغيرة على إغلاق أبوابها.
ويضيف الكاتب أنّ المجتمعات الغنية قادرة الآن على طباعة الأموال وضخها آملة في الحد من الضرر الاجتماعي والاقتصادي، ولكن لا يمكن تمديد هذه الإجراءات إلى الأبد.
للمرة الأولى منذ أربعينيات القرن العشرين، تواجه السلطات السياسية في جميع أنحاء العالم سيلًا من التحديات الاقتصادية والسياسية.
ولكن برأيه، الوضع يشتد سوءاً في البلدان الفقيرة، مع احتدام الوباء دون رادع في دول مثل جنوب إفريقيا والبرازيل، حيث تتقاطع أسعار السلع الأساسية المنخفضة، والتحويلات الهابطة، وانخفاض الطلب على المنتجات الصناعية مع هروب رؤوس الأموال ليخلق معه صدمة اقتصادية غير مسبوقة.
ويشير إلى أنّ بلداناً مثل لبنان وإثيوبيا تواجه أزمات خطيرة قبل الوباء، تكافح من أجل الحفاظ على النظام الأساسي.
انطلاقاً من ذلك، يأمل أن يأتي العلم بلقاح أو علاج قبل استنفاد الموارد، "لكن بينما يمسك العالم بيديه وينتظر آلية، يجب أن ندرك أن نهاية الوباء لا تعني العودة إلى العالم المستقر نسبيًا في حقبة ما بعد الحرب الباردة".
العمل عن بعد.. نقطة مضيئة في نفق الوباء
ينطلق الكاتب من فكرة أن "الحكومات والمؤسسات اعتادت دائماً التعامل مع التحديات الصعبة التي لا يمكنهم التنبؤ بها. سقطت الأمراض والمجاعات والاجتياحات البربرية بشكل غير متوقع في المجتمعات التي كانت تكافح أصلاً في كثير من الأحيان لمجرد البقاء".
ومع ذلك، جلبت الثورة الصناعية مخاطر جديدة مثل الذعر المالي، ودورة الأعمال والاضطرابات الاجتماعية، ولكن وفق وجهة نظره، شكّل تحوّل مكان العمل عن طريق تكنولوجيا المعلومات نقطة مضيئة في نفق الوباء، مما سمح للعديد من الشركات والمؤسسات المهمة بمواصلة العمل حتى مع بقاء الموظفين الرئيسيين في منازلهم.
لكن نفس التحوّل يقود أيضًا العديد من القوى التي تزعزع استقرار المجتمع: التراجع في وظائف التصنيع المستقرة، التغيير الاقتصادي، وانهيار الصحافة المهنية وصعود وسائل التواصل الاجتماعي، وانفجار التجزئة التقليدية، والتهديدات الوظيفية الوشيكة مع دخول السيارات ذاتية القيادة وغيرها من الابتكارات التكنولوجية الجديدة إلى السوق.
وفي حين يرى أنّ مجموعة من مشاكل القرن الحادي والعشرين تهدّد بإرباك العالم من ظهور الصين كنوع جديد من التحدي الاقتصادي والجيوسياسي، مروراً بتصاعد سباقات التسلح في الأسلحة السيبرانية والبيولوجية إلى الطفرة العالمية للشعبوية والقومية وصولاً إلى المخاطر المتزايدة من نقاط الضعف والعلاقات غير مفهومة في الأسواق المالية المتقلبة والمتغيرة بسرعة، فإنّه يستنتج أنّ "كوفيد-19" أقل اضطراباً عابراً وعشوائياً، وبعد ذلك سيعود العالم إلى الاستقرار أكثر مما كونه تدريبًا على التحديات القادمة.