خبر

توقعات “إيجابية” للاقتصاد السعودي في 2021

مدعوماً بسياسات مالية ونقدية متزنة، ومن واقع الأرقام التي تُظهرها ميزانية المملكة التقديرية، تلف توقعات إيجابية الاقتصاد السعودي في عام 2021، وذلك بعد أن خالف توقعات المؤسسات الدولية في عام 2020 ونجح نسبياً في التصدي لتداعيات جائحة كورونا الشديدة بالاعتماد على مبادرات حكومية وبرامج حمائية متعددة.

وفي الوقت الذي كانت تتوقع فيه مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي ومعهد التمويل الدولي انكماشاً بنسبة من 5.2 بالمئة إلى 5.4 بالمئة خلال عام 2020، تشير التقديرات الحكومية إلى تمكن الاقتصاد السعودي من مخالفة تلك التوقعات بفضل برامج حكومية تضمنت مبادرات تحفيزية للاقتصاد (منها عدة إعفاءات وتأجيلات في سداد الرسوم والضرائب من أجل دعم القطاع الخاص).

وذكرت الحكومة السعودية أنها، وفق التقديرات الأولية، تتوقع انكماشا نسبته 3.7 بالمئة خلال العام الجاري، ليعود إلى النمو في العام المقبل 2021 بنسبة 3.2 بالمئة.

ويرجع سبب الانكماش بالأساس إلى تداعيات جائحة كورونا، وكذلك انخفاض أسعار النفط، وذلك في الوقت الذي تشكل فيه الإيرادات غير النفطية في ميزانية 2021 أكثر من 45 بالمئة، وهي نسبة غير مسبوقة، بعيداً عن تقلبات أسعار النفط، واتساقاً مع رؤية المملكة 2030.

وحقق الاقتصاد السعودي مستوى قياسياً في الإيرادات غير النفطية خلال عام 2020 بعد أن بلغت نحو 358 مليار ريال، بما يعادل نسبة 46.5 بالمئة من إجمالي إيرادات الدولة (770 مليار ريال)، مقابل 412 مليار ريال إيرادات نفطية، بما يعادل 53.5 بالمئة من إجمالي إيرادات الدولة.

مخالفة التوقعات

أداء الاقتصاد السعودي في عام 2020 وفي ذروة انتشار فيروس كورونا وتداعياته الشديدة “جاء مخالفاً للتوقعات”، وهو ما يؤكده المحلل الاقتصادي السعودي، سليمان العساف، والذي قال إن ذلك يعود إلى إجراءات الحكومة السعودية تزامناً مع جائحة كورونا، وهي الإجراءات التي حصنت الاقتصاد السعودي، وجعلته يخالف التوقعات، ومن بينها ضخ قرابة الـ 100 مليار ريال لدعم الاقتصاد، لا سيما القطاع الخاص والقطاع الصحي.

وأفاد محلل اقتصادي سعودي بأن “الاقتصاد السعودي شهد انكماشاً في العام 2020 بلغت نسبته 3.7 بالمئة، وبحسب صندوق النقد الدولي فقد كان ذلك الانكماش أقل من المتوقع، ذلك أنه كان يتوقع انكماشاً بنسبة 4.6 بالمئة. ومن المتوقع العام المقبل أن تكون هناك نسبة نمو بـ 3.2 بالمئة، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات، وهذا شيء إيجابي للغاية”.

وتحدث الاقتصادي السعودي، عن انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، مشدداً على أنه لأول مرة منذ عقود تشكل المداخيل غير النفطية هذه النسبة من إجمالي الإيرادات (الإيرادات غير النفطية في العام 2020 بلغت 46.5 بالمئة من إجمالي الإيرادات)، وسط توقعات بارتفاعها بشكل أكبر لاحقاً.

ولفت إلى أن عجز الميزانية من المتوقع أن يكون أقل من نصف هذا العام خلال العام الجديد، مشدداً على أن هناك تحسناً كبيراً في إيرادات الدولة وانخفاضاً كبيراً في العجز في السنوات المقبلة، ففي العام 2020 كان العجز يقارب 298 مليار ريال، والعام المقبل يتوقع أن يكون 141 مليار، وفي 2022 يصل إلى 91 مليار ريال، وفي 2023 يصل إلى 13 مليار ريال”.

ومن المتوقع في الوقت ذاته  استمرار الحكومة في ضخ أكثر من 30 بالمئة من الميزانية لدعم قطاعي التعليم والصحة كما هي عادتها، لافتاً في السياق ذاته إلى أن “هناك تحسناً كبيراً في إيرادات الدولة العام المقبل”.

كما توقع نمواً كبيراً بالقطاع الخاص، لا سيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأن يكون عام 2021 بداية الانطلاقة من الربع الثالث، والتحسن يكون ظاهراً في بداية 2022.

السياسات المالية والنقدية التي اتبعتها الحكومة السعودية كانت ناجعة في التصدي لتداعيات الأزمة من الناحية الاقتصادية. وعملت الحكومة على تحقيق التوازن بين متطلبات الإنفاق وكذا ضمان الحفاظ على الاستقرار والاستدامة المالية في ظل تقلبات الأسواق العالمية، وتراجع أسعار النفط.

الإيرادات غير النفطية

ويتحدث الخبير الاقتصادي السعودي، حسين الرقيب، عن توقعات أداء الاقتصاد السعودي في عام 2021 من واقع الأرقام التي تُظهرها الموازنة التقديرية، متوقعاً تحقيق الاقتصاد السعودي في عام 2021 نموا إيجابيا، معزياً ذلك إلى الاعتماد على الإيرادات غير النفطية.

ويشير مدير مركز زاد للاستشارات إلى أن ميزانية المملكة لعام 2021 من المتوقع أن تحقق نمواً جيداً في ظل الاعتماد على الإيرادات غير النفطية التي تعتبر من بين أهم أهداف رؤية 2030، مشيراً إلى أن الإيرادات غير النفطية في عام 2020 بلغت 46.5 بالمئة من إجمالي الإيرادات، وهو ما عدّه تطوراً لافتاً يسهم في إنهاء المعاناة الخاصة بتقلب الإيرادات النفطية بشكل عام.

وتحدث عن نسبة العجز المتوقع تراجعها إلى 141 مليار ريال (بنسبة 4.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي)، فضلاً عن تراجعات متتالية لمعدلات التضخم (التي بلغت 5.8 بالمئة في شهر نوفمبر الماضي) خلال الأعوام المقبلة، لتصل إلى 2.9 بالمئة في العام 2021 ثم إلى 2 بالمئة في 2022 و2023 طبقاً لتوقعات وزارة المالية السعودية.

ويتوقع الخبير الاقتصادي السعودي تمكن المملكة من تجاوز تداعيات جائحة كورونا والوصول إلى المستهدفات المقدرة في ميزانية عام 2021 التقديرية، مشدداً على أن تأثيرات الجائحة قد تتلاشى بشكل كامل عن الاقتصاد السعودي بداية من النصف الثاني من العام الجديد، في الوقت الذي لفت فيه إلى أن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى ثلاث سنوات من أجل التعافي.

ومن واقع الميزانية التقديرية، تحدث عن قطاع الصناعة بشكل خاص، والذي خصصت له حكومة المملكة عدة برامج تحفيزية للمساهمة في تعزيز الصناعات المحلية في منافسة المنتجات المستوردة، مشيراً إلى تخصيص 15 مليار ريال للتحول في قطاع التعدين.

صمود اقتصادي

ورصد تقرير صادر عن مؤسسة جدوى للاستثمار، الأسبوع الماضي، توقعات بتحسن تدريجي للاقتصاد السعودي، على أن يكون التعافي أكثر قوة في النصف الثاني من العام الجديد، مدعوماً بالتطورات الأخيرة المرتبطة بجائحة كورونا، وتوقعات طرح كميات كبيرة من اللقاح ضد الفيروس.

كما اعتبرت “الجزيرة كابيتال” في تقرير حديث لها أن الاقتصاد السعودي الذي واجه آثاراً مُضاعفة بسبب جائحة كورونا بالنظر إلى تداعيات انخفاض أسعار النفط، أظهر قدرة عالية في مواجهة التحديات، وذلك بالاستناد إلى المبادرات الحكومية التي عملت على تخفيف آثار الجائحة، من بينها مبادرات دعم موظفي القطاعين العام والخاص المتضررين من الأزمة، وكذا قرار زيادة ضريبة القيمة المضافة (من 5 بالمئة إلى 15 بالمئة) والرسوم الجمركية وخفض النفقات الرأسمالية، كأحد أبرز عوامل دعم الاقتصاد بمواجهة الأزمة.

يذكر أن الميزانية السعودية للعام 2021 تصل قيمتها إلى 990 مليار ريال سعودي، وتقدر الإيرادات فيها بـ 849 مليار ريال، بعجز 141 مليار ريال، وذلك مقارنة بإجمالي إيرادات 833 مليار ريال ونفقات 1020 مليار ريال في ميزانية 2020. فيما أشارت توقعات وزارة المالية إلى تراجع إجمالي الإيرادات الفعلية خلال العام إلى 770 مليار ريال، مع زيادة الإنفاق إلى 1068 مليار ريال.