خبر

السودان : عدم الاستقرار السياسي يغيب موازنة 2022

حذر خبراء سودانيون من استمرار غياب موازنة 2022، وعدم إقرارها رغم مرور 8 أيام على بدء العام الجديد.

وقال الخبراء إن هذا الغياب، له انعكاسات خطيرة على الوضع الاقتصادي وعلى مستوى التضخم في البلاد.

ويمر السودان، في ظروف معقدة، منذ إعلان رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، حالة الطوارئ، وحل الحكومة، ووضع رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك قيد الإقامة الجبرية في الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قبل توقيع اتفاق سياسي عاد بموجبه الأخير إلى منصبه.

لكن حمدوك قدم استقالته من منصبه، في الثاني من كانون الثاني/يناير الجاري.

ويعد انسداد الأفق السياسي في السودان من أبرز أسباب تأخر موازنة العام 2022، والذي جاء نتاجا لقرارات 25 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى جانب الاحتجاجات المتواصلة في ظل غياب التشكيلة الحكومية، وفق الخبراء.

انعكاسات خطيرة

وحذر عضو المجلس الاستشاري للجمعية السودانية لحماية المستهلك الخبير الاقتصادي، حسين القوني، من انعكاسات اقتصادية خطيرة بسبب غياب موازنة 2022 في السودان.

وبرر القوني ذلك بأن ”الموازنة ترتبط بضوابط وقوانين وغياب ذلك يحول دون ضبط المصروفات“.

وقال إن ”غياب الموازنة يمنح فرصة للمتلاعبين ويمكنهم من تجاوز حتى الخطط التقريبية للموازنة وتجاوز الصرف المحدد ما يؤدي إلى عجز في الصرف وزيادة التضخم“.

وأشار إلى أن ”المراجع الداخلي لا يمكنه أداء مهمته بالمؤسسات في ظل غياب موازنة“.

وطبقت الحكومة الانتقالية سياسة التعويم الجزئي للجنيه السوداني مقابل الدولار، خلال شباط/ فبراير الماضي، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.

انفلات التضخم

من جانبه، أقر الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي، أن ”دخول العام الجديد بلا موازنة يعني انفلات التضخم أكثر، وزيادة عجز الميزان التجاري“.

وقال ”لقد بات الاختلال أمرًا واقعيًا وطبيعيًا في الاقتصاد السوداني ولم يعد عارضًا مخالفًا للعادة، بل أصبحت العادة أن يکون هناك خلل“.

وأشار إلى أن ”مشاکل اقتصاد السودان تنحصر بالميزان التجاري فهو أصدق مؤشر على حالة الاقتصاد، فکلما انخفض الاختلال في الميزان زادت الثقة في الاقتصاد وانتعشت الصناعة“.

وأضاف: ”يعيش السودان العکس في ظل صناعة تنحدر، حيث بطالة ترتفع واستثمارات تهرب والتضخم يشتعل والعملة عند أدنى مستوى في تاريخها، والأسعار أعلى ما يکون، وذلك نتيجة لاختلال الميزان التجاري فى السودان الذي يعاني من عجز يتفاقم يوما بعد يوم“.

وطبَّق السودان تعرفة جديدة على أسعار الكهرباء مطلع العام 2022، دون الإعلان عن ذلك بشكل رسمي، حيث وصفها مواطنون بأنها كبيرة في محاولة لإنهاء الدعم الحكومي على السلع والخدمات الأساسية.

وينفذ البلد برنامج إصلاح يراقبه صندوق النقد الدولي، وقال إن الأسعار ستستمر في الارتفاع أثناء تنفيذه.

وأدت سياسة رفع الدعم، إلى تراجع معدل التضخم في السودان، خلال الشهور الأخيرة من العام الماضي، بما يصل إلى 339.58، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مقارنة بـ 350.84 بالمئة في تشرين الأول/ أكتوبر، بانخفاض  11.26 نقطة بحسب ما أعلنه الجهاز المركزي للإحصاء السوداني.

أمر واقع

بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد الوهاب جمعة، إن أبرز التحديات التي يعاني منها الاقتصاد السوداني هذا العام، هو عدم وجود موازنة.

وأوضح جمعة أن ”السودان يطبق في ظل ذلك موازنة الأمر الواقع والتي تأتي بعد أزمة اقتصادية طاحنة استمرت 4 سنوات وسط عدم استقرار سياسي كبير أثر على الاقتصاد“.

ورأى أن ”موازنة 2022، ستكون مثل الموازنات السابقه إذا أعدت نتيجة عدم الاستقرار السياسي“.

وأضاف: ”حتى لو أعدت وأجيزت إلا أنه يعني توقف مؤسسات التمويل الدولية لمساعداتها وقروضها للسودان للانكشاف وارتفاع التمويل بالعجز والذي سوف يتضاعف عن متوسط الأعوام الماضية والذي كان يتراوح بين 2 إلى 3 % وربما يرتفع إلى 6%“.

وأشار إلى ذلك بقوله: ”يعني لجوء الحكومة السودانية لزيادة طبع النقود والتسبب في ارتفاع مؤشري التضخم وسعر الصرف“.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، سجل رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، أول زيارة رسمية له إلى السودان بعد 50 عاما عقب تسديد ديونه للبنك الدولي في آذار/مارس 2021، ما جعله مؤهلا لتلقي تمويل تنموي.

وسجل الجنيه السوداني، تدهورا كبيرا خلال العام 2021، بعد أن اقترب سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني، من 500 جنيه للدولار الواحد.

في المقابل انخفض مستوى التضخم  للمرة الأولى في ظل الحكومة الانتقالية بنسبة 35.22% لأول مرة منذ 3 سنوات.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، أعلن السودان تحرير أسعار الوقود بشكل كامل، وترك أمر الاستيراد لشركات القطاع الخاص دون تدخل الدولة.

وتبذل الحكومة السودانية محاولات عدة للتخفيف من حدة الإجراءات الاقتصادية، التي أقرتها خلال الفترة الماضية لإصلاح الوضع المعيشي المتأزم في البلاد.