خبر

أزمة خبز في تونس تعمق الأزمة الاقتصادية

تشهد تونس أزمة غير مسبوقة؛ بسبب فقدان الدقيق المخصص لإعداد الخبز، أو ما يُعرف في الأوساط الشعبية باسم ”السميد“، ما ضاعف المخاوف والقلق من احتدام الأزمة وسط تذبذب من جانب وزارة التجارة، وعجز عن التحكم في طرق توزيع المواد الأساسية.

وتشهد السوق التونسية منذ أيام نقصا واضحا في التزود بالمواد الأساسية الخاصة بإنتاج الخبز، لا سيما الدقيق، ما خلق حالة من التململ لدى أصحاب المخابز، ومخاوف من نقص الخبز في الأسواق، وما قد يسببه ذلك من احتقان اجتماعي.

وقال مصدر من وزارة التجارة التونسية إن نقص الطحين سببه تعطّل دخول باخرتين محملتين بشحنتي قمح لمدة عشرة أيام في ميناء صفاقس، جنوب البلاد؛ بسبب إضراب أعمال الشحن والترصيف، ما سبب اضطرابا على مستوى الإنتاج والتوزيع.

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أنّ الوزارة تصدر تقارير يومية عن حالة التزود بالمواد الأساسية، لا سيما الطحين الموجه لإعداد الخبز، وتتحرك وفقا للنقائص المسجلة في المحافظات الأكثر تضررا؛ من أجل تعديل السوق، وتوفير هذه المادة تفاديا لأي تداعيات اجتماعية.

وتابع المصدر أنّ الإشكال لا يكمن في طريقة عمل وزارة التجارة، بل في عدم احترام المخابز للمقاييس التي تم ضبطها وعدم قبولها بحصتها من الطحين، مشيرا إلى تلاعب بعض المخابز وتعمدها إخفاء كميات من الطحين لافتعال الأزمة، وفق تعبيره.

وكانت وزارة التجارة قد أطلقت تطبيقا قالت إنه سيجري العمل به لمتابعة توزيع المواد الأساسية المدعمة، ومنها الطحين المخصص لإعداد الخبز، غير أنّه لم تثبت فاعليته حتى الساعة، بحسب ما يؤكده أصحاب المتاجر والمواطنون.

من جانبهم، قرّر أصحاب المخابز العصرية الدخول في اعتصام مفتوح أمام مقر وزارة التجارة بالعاصمة تونس، بداية من يوم الإثنين 21 فبراير / شباط 2022؛ للمطالبة بحلّ مشكل التزود بالطحين، وتعديل ثمنه لتفادي أي زيادة في ثمن الخبز.

وقال المجمع المهني لأصحاب المخابز العصرية، في بيان له اليوم الخميس، إنّ ”القطاع يُعاني منذ أكثر من ثلاثة أشهر نقصا حادّا للمواد الأولية في كامل الجهات، ما تسبب في توقف عمل العديد من المخابز العصرية.“ وطالب المجمع بـ ”فتح باب الحوار الجاد مع السلطات المعنية لإصلاح القطاع وتعديل التشريعات المرتبطة بمنظومة المخابز“، وفق البيان.

واعتبر الباحث في العلوم الاجتماعية عبد المجيد البدوي أنّ تونس تشهد تاريخيا توترات اجتماعية كلما تعلق الأمر بملف الخبز، مستحضرا ”أحداث الخبز“ سنة 1983 وتأثيراتها على السلطة القائمة آنذاك، وكيف مثلت اختبارا صعبا لنظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

وقال البدوي إنّ على الحكومة ووزارة التجارة بشكل خاص أن تتحرك بالسرعة القصوى لاحتواء هذا الملف، وإيجاد الحلول الدائمة لأزمة التزود بالمواد الأساسية؛ من أجل تفادي أي تداعيات أو ردود فعل شعبية قد تؤثر على المناخ الاجتماعي المتوتر أصلا.

وأكد البدوي أنّ الحوار بين الوزارة وكل مكونات سلسلة إنتاج الخبز بات أمرا مطلوبا وعاجلا؛ من أجل تفادي الانزلاق إلى حلول يكون المواطن هو الخاسر الأكبر فيها، مشيرا بذلك إلى الزيادة في ثمن الخبز، ودعا إلى التعامل بجدية مع ظاهرة الاحتكار والمضاربة، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في التلاعب بقوت التونسيين، وفق قوله.