خبر

تونس تواجه وضعا كارثيا ينبئ بانفجار اجتماعي

حذرت نخب سياسية في تونس، من بينهم وزراء سابقون ونشطاء، من دخول تونس في أزمة اقتصادية ومعيشية صعبة كارثية تنذر بانفجار اجتماعي، رغم رسائل الطمأنة التي تحاول الحكومة بثها من خلال الحديث عن تحقيق تقدم في محادثاتها مع صندوق النقد الدولي من أجل التوصل إلى اتفاق.

وأعلنت وزيرة المالية التونسية سهام منصية إنهاء المناقشات التقنية مع صندوق النقد الدولي، والتي انطلقت منذ 14 فبراير/شباط الجاري، وتناولت محاور من المزمع إدراجها في الوثيقة النهائية التي ستمضي مع صندوق النقد الدولي.

وأضافت أن المحادثات فعالة وتطرقت إلى أسئلة وتفاصيل طالب بها صندوق النقد الدولي ولكنها تبقى محادثات فنية، حسب تصريحها.

واعتبر مسؤولون سابقون وخبراء سياسيون في تونس، أن التفاؤل الذي تبديه الحكومة مبالغ فيه خاصة وأن المحادثات مع صندوق النقد الدولي محادثات تقنية، محذرين من أن البلاد تواجه ”وضعا كارثيا“ في ظل شح بعض المواد الأساسية.

وقال حسين الديماسي وزير المالية الأسبق إن ”من الطبيعي أن تبدي الحكومة تفاؤلها فهي في وضع دفاع عن النفس“، مؤكدا أن ”الأمل ضعيف في حصول تونس على مساعدة مالية جديدة لعدة أسباب منها أن البرنامج الذي تطرحه الحكومة غير واضح، ومن بين الشروط التي يضعها صندوق النقد للقبول بهذا البرنامج أن يكون متفقا عليه من قبل القوى الاجتماعية في الداخل وهذا غير موجود حاليا، ذلك أن الاتحاد العام التونسي للشغل غير موافق على هذا البرنامج“.

وأضاف الديماسي أن ”التقنيين يعطون أملا، لكن الأهم هو مجلس إدارة الصندوق، وما بلغني أن مديرة صندوق النقد الدولي الجديدة تقول إنه من الصعب مساندة بلد يتخلف مرتين عن تحقيق ما تعهد به، وبالتالي من الصعب أن تدعمه“.

وفيما يتعلق بخيارات الحكومة المقبلة، قال الديماسي إنه ”من أجل الخروج من هذا المأزق لا يبقى لها إلا الحل الذي اتبعته اليونان، وذلك بإعادة النظر في مكونات الميزانية، وعلى الحكومة التخفيض من الموظفين، حسب عدة معايير، وتخفيض الأجور في الوظيفة العمومية فضلا عن التخفيض في منح التقاعد“.

غير أن مسؤولين آخرين لم يتفقوا مع الديماسي في الرأي، وقالوا إن هذا الخيار حين تلجأ إليه الحكومة فإنها تعرض البلد لخطر الهزات الاجتماعية.

وأكد محسن حسن وزير التجارة التونسي السابق، أن ”المفاوضات لا تزال في جانبها الفني، ولا يوجد خلافات كبيرة حول طلبات الصندوق في الجانب الفني بخصوص إصلاح المالية العمومية أو التحكم في كتلة الأجور وتقليص الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية“.

وقال حسن إن ”هناك جانبين مهمين هما: أولا، هل أن الحكومة قادرة على تفعيل هذه الإصلاحات وتطبيقها، وثانيا، هل تتمتع تونس بالدعم الكافي من أجل الوصول لاتفاق مع الصندوق، وهل تم احترام المنهج التشاركي في الإصلاحات؟.

وتابع قائلا: ”بالنسبة للنقطة الأخيرة، من المبالغة أن نقول إن هناك توافقا حول هذه الإصلاحات، أما بالنسبة للنقطة الثانية فإن أكبر المساهمين في صندوق النقد لديهم تحفظات إزاء ما يحدث في تونس من غياب للمؤسسات الدستورية وحتى من الحكومة“.

وقال إن الخيارات الحكومية محدودة جدا محذرا من اللجوء إلى تسريح الموظفين مشيرا إلى أن ذلك قد يسبب انفجارا اجتماعيا، لافتاً إلى أن هناك نقطة إيجابية وهي أن خدمة الدين الخارجي لتونس هذا العام ليست مرتفعة غير أن السنوات المقبلة ستكون صعبة“، وفق قوله.

بدوره، قال عبد الستار المسعودي وهو ناشط سياسي تونسي: ”الوضع كارثي، لم نعد نجد حتى الخبز والأدوية وأبسط مقومات العيش، هذه البلاد التي كانت يُضرب بها المثل بات شعبها يعاني شحا في المواد الأساسية، ويواجه أزمة خانقة ولا أعتقد أنه بهذا التعامل ومع ما تشهده الساحة الدولية خاصة الاضطرابات في أوكرانيا سيتم إيجاد حلول للوضع الراهن“.

وأردف المسعودي قائلاً: ”لا أعتقد أنه سيتم ترك تونس تسقط، لكن الوضع دقيق للغاية، في نفس الوقت لا أتوقع أن يقدم صندوق النقد دعما ماليا خاصة بعد ازدياد شروطه، فبعد أن كانت 4 شروط أصبحت 10 تقريبا، ما يعني اليوم أن المهمة صعبة والوضع كارثي“.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي نادر حداد أن ”شروط صندوق النقد الدولي واضحة، وإذا لم نطبق هذه الشروط فإنه لن يكون هناك اتفاق ومن بين الشروط تخفيض كتلة الأجور وهذا لن يكون إلا بتسريح الموظفين مع إعطائهم تعويضات لفتح مشاريع خاصة“.

وأضاف الحداد: ”أعتقد أنه في نهاية المطاف ستتوصل تونس لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، هناك عدة اعتبارات تجعل المعسكر الغربي يحاول عدم خسارة تونس مثلما خسر أوكرانيا“.

وفي المقابل، أقر الحداد بأن ”تبعات تسريح الموظفين ستكون وخيمة“، قائلا: ”ذلك قد يفجر الوضع العام في تونس، ستصبح هناك أكثر مطلبية، تونس في مأزق إما التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهو اتفاق لا يساعد الشارع التونسي أو عدم الوصول إلى اتفاق وهذا سيجعلنا دون أجور وغيرها من التداعيات“.

وفي نهاية الشهر الماضي عانى التونسيون من تأخر صرف الرواتب ونقص في الأدوية وحاجاتهم الأساسية ما جعل المخاوف من أزمة اجتماعية حادة تطفو إلى السطح في وقت تعرف فيه تونس مسارا انتقاليا يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد.