خبر

الفائدة على القروض سترتفع.. هذا ما ينتظركم أيها اللبنانيون!

حسمت وكالات التصنيف العالمية، ستاندرد أند بورز، موديز وفيتش، كل الجدل حول منزلة لبنان في التصنيف الائتماني، وذلك بعد إصدار تقاريرها، مساء الجمعة 23 آب. لتنطلق رسمياً مفاعيل التصنيف السلبي الذي كان متوقعاً، باستثناء إبقاء وكالة ستاندرد أند بورز تصنيفها عند مستوى B-. وأولى نتائج التصنيف السلبي، هي انعكاس صورته على القطاع المصرفي لجهة ارتفاع معدلات الفوائد وانخفاض أرباح المصارف.

استقطاب العملة الأجنبية

أدى إمعان السلطة السياسية في استنزاف مقدرات الدولة وضرب مؤسساتها، إلى أزمة اقتصادية لن تنجو منها البلاد بسهولة وسرعة. وعلى الأثر، جاء التصنيف الائتماني سلبياً، ليحمل في طياته خوفاً من عدم قدرة لبنان على الوفاء بديونه، فضلاً عن زيادة الحاجة لضمان استقطاب الودائع الجديدة.

بفعل التصنيف السلبي الذي وضعته وكالة موديز عند مستوى C، ووكالة فيتش عند مستوى CCC، بات هناك حاجة إضافية لاستقطاب العملات الأجنبية، لإظهار المزيد من الثقة. وهو ما يستدعي رفع معدلات الفوائد لجذب العملات. وبالتوازي، ستكون معدلات الفائدة مرتفعة بالنسبة للقروض التي قد يطلبها لبنان، لأن قدرته على السداد أقل، وبالتالي يحتاج الدائن إلى ضمانات لسد الدين. وهذا ما توافق عليه وكالة فيتش، إذ ذكرت في تقريرها أن "البنك المركزي يدفع أسعار فائدة أعلى لجذب ودائع الدولار الأميركي".

وبالتوازي أيضاً، تشير مصادر في مصرف لبنان، في حديث لـ"المدن"، إلى أن "قسماً كبيراً من موجودات المصارف مستثمر في سندات الخزينة، ومع تخفيض التصنيف أصبحت قيمة السندات أقل، وفي هذه الحالة ستضطر المصارف إلى زيادة نسبة الأموال الخاصة لديها. أيضاً، إذا أرادت الدولة طرح سنداتها أمام المستثمرين الأجانب، عليها رفع فائدتها كعامل جذب للمستثمرين، الذين سيطالبون بعوامل ثقة إضافية. وكل ذلك يعني أن القطاع المصرفي أمام صعوبات".

وهذه الصعوبات، حسب المصادر، لا تعني بالضرورة أن القطاع المصرفي سيواجه أزمة أو مخاطر "فخفض التصنيف لا يحصل للمرة الأولى. وأبعد من ذلك، لا يصح التهويل بأن خفض التصنيف يوصل إلى الإفلاس كما يقول البعض، لأن التصنيف الذي يدل على الإفلاس ما زال بعيداً عن لبنان، وهناك الكثير من المستويات التي يجب أن يمر بها التصنيف ليصل إلى مستوى F وهو ما يؤشر على الإفلاس".

ومع ذلك، تلفت المصادر النظر إلى أن "ربحية المصارف التجارية ستتراجع مع اضطرارها إلى رفع معدل الفوائد. لكن المصارف تعرف ذلك وتضعه ضمن خطتها التي ترسمها منفردة، أي كل مصرف على حدة، أو بشكل أوسع عبر جمعية المصارف، إلى جانب الخطط التي يضعها مصرف لبنان عبر لجنة الرقابة على المصارف".

ضرورة التحرك
تفاوت التصنيف بين وكالة وأخرى، والذي يعود إلى تشعّب المعايير التي تعتمدها الوكالات، يدل على تشعب الأزمة التي يعيشها لبنان بمختلف الميادين. وهذا دليل على ضرورة تحرك السلطة السياسية لمعالجة أزماتها بشكل ممنهج، ووفق برنامج عام، وليس ترقيعها. ففي حال عدم وضع الحكومة خطة صحيحة لخفض العجز تدريجياً، فإن التطمينات التي تنشرها القوى السياسية، لن تكون ذات معنى ولا تأثير على معدلات التصنيف المستقبلية.

ويُظهر تقرير وكالة فيتش أن الوكالات والمجتمع الدولي يعلمون بأن كلام السلطة السياسية يتناقض مع أفعالها. فالتقرير يقول بأن "الخطوات الأخيرة للسياسة تشير إلى تعديل مالي حديث، لكن لا توجد استراتيجية متوسطة الأجل لتثبيت الدين الحكومي. ومع أن الحكومة بدأت في تنفيذ خطة إصلاح الكهرباء (...) فإن الطبيعة الفئوية للسياسة الداخلية تجعل البلاد عرضة لفترات من الفراغ والجمود السياسي".

ومن جهة أخرى، وفي خضم إشاعة المصادر جواً من الإيجابية تجاه محاولات الحكومة تنفيذ بنود إصلاحية، تؤكد المصادر على ضرورة تنفيذ الحكومة لسياسات "من شأنها زيادة النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل"، لما لها من قدرة على إنتشال لبنان من مأزقه بوتيرة أعلى. وفي السياق، ترى وكالة فيتش أنه "حتى لو تم تحقيق خطة الموازنة بالكامل (موازنة 2019)، فستكون الخطوة الأولى نحو تثبيت الدين الحكومي الذي بلغ 152 في المئة في نهاية عام 2018. وبالنظر إلى توقعات النمو الضعيفة، نقدر أن الحكومة ستحتاج إلى تحقيق فائض أساسي لا يقل عن 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الأربع المقبلة، لتحقيق الاستقرار في الدين الحكومي".