خبر

أزمة الدولار تابع.. لهذا السبب يبيعه الصرافون بـ1560 ليرة!

كتبت عزة الحاج حسن في صحيفة "المدن" الإلكترونية: "ارتفعت أصوات شركات توزيع المحروقات والمحطات التي تعاني من "سوق صرف الدولار"، المحكوم بجبروت المصارف ومزاجية الصرافين. اليوم وقع قطاع المحروقات في شرَك سعر صرف الدولار. وغداً الدور على قطاع آخر. والنتيجة.. لا حلول. فالقانون لا يمنع الصرافين من بيع الدولار "كما يحلو لهم".

بدأت الأزمة مع اتخاذ مصرف لبنان والمصارف التجارية إجراءات تقضي بتقنين التحويلات من الليرة إلى الدولار، وخفض سقوف السحوبات بالعملة الأجنبية لاعتبارات نقدية بحتة. إجراءات المصارف حوّلت الأنظار إلى سوق الصرّافين، الذين باتوا المصدر الأساس للدولار بالنسبة إلى التجار عموماً وتجار المحروقات خصوصاً. وعملاً بالمنطق التجاري ووفق معادلة العرض والطلب، فقد ارتفع الطلب على الدولار لدى الصرافين فعمدوا إلى رفع سعره، متجاوزين سعر الصرف الحقيقي المحدّد من قبل مصرف لبنان.

بين المستوردين والموزّعين
تقوم الشركات المستوردة للمشتقات النفطية باستيراد المحروقات وبيعها الى شركات التوزيع والمحطات بالدولار، وتقوم الأخيرة بتوزيع وبيع المحروقات إلى المواطن بالليرة اللبنانية، ولطالما عمدت شركات التوزيع والمحطات إلى شراء الدولار من المصارف لسداد فواتيرها لصالح الشركات المستوردة، غير أن المصارف بدأت في الفترة الأخيرة بتقنين تسليم الدولار إلى التجار والشركات فلجأوا إلى الصيارفة. وهنا بدأت الأزمة.

وعندما ارتفع الطلب على الدولار لدى الصيارفة عمدوا إلى بيعه بأسعار مرتفعة تتراوح بين 1540 و1560 ليرة للدولار الواحد، الأمر الذي كبّد شركات التوزيع وأصحاب المحطات مبالغ كبيرة، من شأنها الإطاحة بنسبة عالية من أرباحهم. إذ تبلغ، على سبيل المثال، جعالة محطة المحروقات 700 ليرة من كل صفيحة مازوت ونحو 1000 ليرة عن صفيحة البنزين، يضيع منها جزء كبير فارقَ سعرِ صرف بين الدولار والليرة.

تراجع أرباح شركات التوزيع ومحطات المحروقات دفعهم الى إعلان الإضراب يوم الخميس 28 آب، الأمر الذي استنفر وزارتي الطاقة والاقتصاد لاحتواء الأزمة، وتجنباً لتهافت المواطنين على المحروقات لاسيما البنزين. فتدخلت وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني وتعهّدت بطرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء، وفق ما أكد فادي بو شقرا مستشار نقابة المحطات والموزعين، فقرر الموزعون والمحطات تعليق الإضراب إفساحاً في المجال أمام الوزيرة والمعنيين لحل أزمة استلام الدولار بسعر الصرف المعمول به في مصرف لبنان والمصارف، لاسيما أن الأزمة لا تقف عند الموزعين والمحطات فإنها تطال، وإن بطريقة غير مباشرة، الشركات المستوردة "فالجميع في مركب واحد" يقول بو شقرا.

تجارة "الصرافة"
يستغرب البعض كيف يمكن للصرافين أن يبيعوا الدولار بما يفوق سعر الصرف، رغم تثبيت الدولار قانوناً في لبنان، إلا أن ما لا يدركه هؤلاء هو أن الصرافين يعملون كما الشركات والمؤسسات التجارية وفق مبدأ العرض والطلب، فلا يخالفون القانون حين يبيعون الدولار بنحو 1560 ليرة على سبيل المثال، كما لا يخالفونه حين يعرضون الدولار بسعر تنافسي يقل عن 1500 ليرة (فيما لو حصل).
فالصرافون وإن كانوا يعملون بموجب ترخيص من مصرف لبنان، ويخضعون لرقابة لجنة الرقابة على المصارف، إلا أن القانون يجيز لهم بيع الدولار أو أي عملة أخرى بأعلى من سعرها الحقيقي، وهنا يوضح أحد أعضاء لجنة الرقابة على المصارف، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن علاقة لجنة الرقابة على المصارف مع الصرافين تشمل فقط المخالفات لجهة تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب أو تسهيل تلك الجرائم أو مخالفة الصراف لجهة شراء شيكات أو تلقي ودائع، وغيرها من الأمور التي يمنعه القانون من القيام بها.
وإذ يلفت في حديثه إلى أن الصراف يعمل وفق مبدأ العرض والطلب ولجنة الرقابة على المصارف ليست غافلة عن قطاع الصرافة، بل تتشدّد بالرقابة عليه، يؤكد أن اللجنة لا يمكنها منع الصرافين من بيع الدولار بأعلى من سعره الحقيقي، طالما أنهم يعملون وفق ما يسمح به القانون.
ولا ينفي أن الصرافين ينتهزون الفرصة لتحقيق أرباح طائلة على حساب طالبي الدولار، "إلا أن الأمور ستعود تدريجياً إلى طبيعتها مع تحسّن الأوضاع الاقتصادية بالتوازي مع إقرار موازنة 2020 في موعدها، وتحسن النشاط السياحي الذي يساهم بإدخال العملات الأجنبية إلى البلد، ما من شأنه أن يريح القطاع المصرفي ليعود إلى تسليم الدولار لطالبيه كما جرت العادة".
من هنا يمكن القول أن لا حلول عملية يمكن اتخاذها في الوقت الراهن، تضمن تسليم الموزعين والمحطات الدولار بسعره المحدد وفق القانون، فلا سلطة تعلو فوق إرادة المصارف الرافضة لتسليم الدولار، ولا فوق الصرافين الذين ينتهزون الفرص لجني الأرباح، وإن على حساب المواطن".