خبر

مرقص لـ'لبنان 24': نحتاج إلى وضع خطة استراتيجية قطاعية صادرة بقوانين

الوضع الاقتصادي هو الهاجس الحكومي والشعبي للبنان، لاسيما بعدما اتخذت وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني قراراً بتأجيل مراجعة التصنيف، لستة أشهر، وأبقت على B-، مانحة الدولة مهلة لإجراء إصلاحات، بينما اتخذت وكالة "فيتش"، في تقريرها الدوري قراراً بتخفيض تصنيف لبنان مرتبة واحدة، من B- إلى CCC.
التقريران اللذان جاءا بعد اتخاذ وكالة "موديز" قراراً بخفض تصنيف لبنان إلى 1Caa، في كانون الثاني الماضي، طرحا العديد من الأسئلة في الداخل اللبناني، أهمّها عن الحلول الممكنة للخروج من هذا المأزق، وعن مصير مؤتمر "سيدر"، يضاف إلى ذلك التضييق الأميركي على المصارف اللبنانية وكيفية التعامل معه.

للوقوف على هذا الواقع الاقتصادي بكافة تفاصيله، تواصل موقع "لبنان 24"، مع رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية، المحامي الدكتور بول مرقص، الذي أكّد بداية أنّ "التصنيف الإئتماني هو بالتأكيد أمر على غاية من الأهمية، ولكن لا بد من التفريق بين وكالات التصنيف، ليس كل وكالات التصنيف التي تخوّف منها اللبنانيون تُرصد عالمياً بالتساوي"، لافتاً إلى أنّ "التصنيف يؤثر على الساحة اللبنانية المالية والمصرفية من ناحية قدرة لبنان على سداد ديونها، ما يجعل كلفة الإقراض للبنان أكبر والفائدة أعلى وإمكانية إعادة جدولة الدين أصعب".

وفيما أشار مرقص إلى أنّ التصنيف سوف يؤثر أيضاً على موقف المصارف الدولية المراسلة، التي يتم عبرها التحويل إلى الخارج والتي نتعامل معها بواسطة نظام "سويفت"، لكونها ستحاذر التعامل أكثر فأكثر مع هذه الساحة المصرفية، شدّد بالتالي على أنّ هذا العامل ليس أساسياً أو حاكماً، موضحاً أنّ العامل الأساسي الذي سيتأثر سلباً بإعادة التصنيف، هو الفائدة ومعدلاتها التي سترتفع مع الوقت وإمكانية تأجيل سداد الدين أي إعادة الجدولة.

الحل هو خطة اقتصادية استراتيجية قطاعية

في الشقّ الاقتصادي، أشار مرقص لموقعنا إلى أنّه "هناك أفكار لخطط اقتصادية لإنقاذ الوضع اللبناني، ولكن هناك تخبط"، مضيفاً "من غير المعقول أن نضع الخطة بعد إقرار الموزانة، كان يجب وضعها بالتزامن مع إقرارها، وأنا أقترح لبلد مثل لبنان أن توضع الموازنة لمدة 5 سنوات وليس لسنة واحدة، لسببين، الأول كي يدرج نَفَس الخطة في الموازنة، والسبب الثاني يعود لأننا نكاد لا نلحق الاستحقاقات السنوية الدورية في إقرار الموازنة، ونبقى متأخرين".
ورأى مرقص أنّه "من الخطأ الجوهري ومن المجانبة لأحكام الدستور أن ندعو إلى طاولات حوار اقتصادي خارج إطار المؤسسات، المؤسسات وحدها المولجة بالحوار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولا قيمة دستورية لأي طاولة تعقد خارج هذا الإطار سواء كانت طاولة حوار سياسي أو اقتصادي".

وأوضح مرقص أنّ "المطلوب وضع هذا الأمر بيد المؤسسات وأولها وأهمها مجلس النواب الذي يفترض عليه أن يضع خطة استراتيجية للدولة اللبنانية تكون قطاعية (حسب كل قطاع) في التربية والتعليم، الزراعة، الصناعة، السياحة، النفط والغاز، العمل وغيرها من القطاعات، وأن تكون هذه الخطة الاستراتيجية القطاعية صادرة بقوانين برامج طويلة الأمد لا تتغير مع تغير الحكومات ولا تتبدل مع تبدل الوزارات مع إبقاء هامش تنفيذي للحكومة في التصرف".

"سيدر" ليس محفظة مجمدة

وعند سؤاله عن مصير "سيدر"، قال مرقص "ليس هناك ما يسمى "سيدر"، القول بذلك هو عن عدم معرفة أو تضليل، "سيدر" هو مؤتمر خرجت عنه توصيات وورقة عمل، العبرة تكمل في مدى استعداد الحكومات التي كانت ممثلة في صرف قروض ميسرة إلى لبنان"، لافتاً إلى أنّ "هذه القروض تكون مرصودة دورياً، وبالتالي لا يمكن أن يعوّل على "سيدر" إلى ما لا نهاية".
وأوضح مرقص أنّه كان على لبنان أن "ينجز الإصلاحات البنيوية والقطاعية كما نص عليها "سيدر" في غضون شهور قليلة، لا أن يتأخر سنوات وأن يعود إلى هؤلاء المقرضين ويطالبهم، إذ ليس هناك ما يضمن أن يظل التزامهم قائماً في الدفع بعد سنوات، هم التزموا في لحظة معينة وهذه اللحظة كانت مرهونة بإجراء إصلاحات وأن تصرف هذه الأموال حتى رقابة المقرضين. وبالتالي لا يستطيع لبنان أن يعود إليهم ساعة يشاء، وأخشى أن تكون هذه الأموال المرصودة قد صرفت، أو لم تعد مرصودة، لذا يجب الاستعجال في ذلك وعدم الركون إلى أنّ هنالك وقفية اسمها سيدر أو محفظة مجمدة خصوصاً للبنان هذا أمر غير دقيق".

وشدد مرقص على أنّ كلامه لا يعني أنّه لم يعد هناك إمكانية من الاستفادة من "سيدر"، وأنّ كل ما يريد أن يؤكد عليه هو أننا كلما ما تأخرنا كلما قلّت حظوظ الاستفادة من هذه الأموال.


مروحة العقوبات تتسع

وفي موضوع العقوبات على المصارف وآخرها "جمّال ترست بنك"، أشار مرقص إلى أنّه "لا يوجد خطر مباشر على الاقتصاد، فالقطاع المصرفي قد اعتاد على هذه العقوبات لأنّ لديه تجربة بارزة هي تجربة اللبناني الكندي، كما أنّ البنك المدرج صغير الحجم ولا يؤثر في القطاع المصرفي اللبناني، ولكن هذا لايعني أنّ هذا الإجراء اليوم ليس له دلالة وليس له آثار غير مباشرة"، معتبراً أنّ "مروحة العقوبات لم تعد تقف عند الأشخاص الطبيعيين فقط أي الأفراد أو الشركات التجارية، ولم يعد هناك من حائل للتضييق على المصارف أيضاً وهذا يدعو الحكومة اللبنانية إلى عدم الاستمرار في سياسة دفن الرأس في الرمال وسياسة النأي بالنفس حتى عن مصالحها الاقتصادية والمصرفية".
ولفت مرقص إلى أنّ الحل يكون عبر "إجراء حوار مباشر وتقني بين وزراء معنيين في الحكومة شرط أن يكونوا مختصين وعالمين، وهم قلّة نادرة، مع الإدارة الأميركية، وأن يكون هذا الحوار استباقياً استدراكياً تحوّطياً لصدور أيّ عقوبات جديدة أو حتى تشريعات فعلى سبيل المثالي ثمّة اليوم مشروع قانون في الكونغرس الأميركي لتقييد تسليح الجيش اللبناني قدّم منذ نحو شهر ونصف، مضيفاً "يجب متابعة هذه النصوص قبل صدورها والعقوبات قبل صدورها، وليس بعد صدورها كما حصل مع إرسال وفدين نيابين مشكورين، إذ لا يفيد الأمر كثيراً عندما تكون هذه التشريعات والعقوبات قد صدرت".

وأوضح مرقص في الختام أنّه "من المطلوب أن نشرح لأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، طبيعة تكوين لبنان الصعب ومحيطه الأصعب، والجهود التي قام بها، والتي أزعم أنها تفوق جهود سائر الدول العربية مجتمعة، في موضوع مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب".