وبحسب الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد الكلي في المدرسة الاقتصادية الجديدة، فاليري تشيرنوكي، ظل الاقتصاد الروسي عام 2019 مستقرا بشكل عام، بسبب سياسة الاقتصاد الكلي المتوازنة.
علاوة على ذلك، أدى استهداف التضخم وقواعد الميزانية إلى الحفاظ على الأسعار والإبقاء على سعر الصرف مستقرا.
ويولي مصرف روسيا اهتماما متزايدا بالتدابير الرامية إلى الحفاظ على الاستقرار المالي ومنع نشوء فقاعات في سوق القروض الاستهلاكية.
ويرى تشيرنوكي أن مشاركة روسيا في صفقة منظمة أوبك لخفض الإنتاج ساهم باستقرار أسعار النفط العالمية، كما أدى إطلاق آلية تخفيض الرسوم الإضافية على الوقود في يوليو/تموز من العام الماضي، نتج عنه التقليل من تقلبات أسعار البنزين إلى حد كبير.
ونسب الكاتب إلى تشيرنوكي أن بداية عام 2019 تميزت بزيادة في معدل الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 20%، مما أدى إلى ارتفاع مؤقت في التضخم وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من العام.
في المقابل، لم يكن الأثر السلبي لارتفاع ضريبة القيمة المضافة قويا وطويل الأمد، كما كان متوقعا.
وفي النصف الثاني من العام، انخفض معدل نمو أسعار السلع الاستهلاكية إلى ما دون المستوى المطلوب، مما سمح لمصرف روسيا بتخفيض المعدل الرئيسي بدرجة كبيرة.
وفي المجال المالي، تطرق محللو كلية الاقتصاد الروسية إلى النجاحات والأحداث السلبية الحادة على حد سواء التي شهدها العام الماضي.
وتعتقد الأستاذة، آنا أوبيجاييفا، أنه من دون أي اضطراب كبير في السوق المالية، تمكن المصرف المركزي من إعادة تأهيل أحد أكبر المصارف في البلاد وطرح آلية جديدة لصندوق توحيد القطاع المصرفي، التي ينبغي أن تصبح ركيزة مهمة لاستقرار أداء النظام المصرفي في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت أوبيجاييفا إلى التطور الناجح للسوق النقدية الروسية، كما أصبح اتفاق إعادة الشراء أو ما يعرف باسم الريبو يحظى بشعبية متزايدة.
في الوقت ذاته، تؤكد أوبيجاييفا أن مصرف روسيا والمنظمين في الدول الأخرى ينصحون المشاركين في السوق في الحد من استخدام مؤشر "لايبور" على نطاق واسع، والذي ينبغي أن يختفي عام 2021، نظرا لسهولة التلاعب به.
وأضاف كاتب التقرير ديمتري ألكسييف أن عام 2019 تميز بسلسلة من الأحداث التي أثرت سلبا على مناخ الاستثمار في روسيا، وذلك استنادا إلى ما ذكره فاليري تشيرنوكي.
ومن هذا المنطلق، يعتبر النزاع حول شركة الاستثمار بارينغ فوستوك، والقضية الجنائية ضد مؤسسها مايكل كالفي من المسائل التي أثرت على مناخ الاستثمار.
كما تظل العديد من المبادرات التشريعية ذات الدوافع السياسية خطرة للغاية بالنسبة لرجال الأعمال.
وبناء على ذلك، أدى مشروع القانون المقدم إلى مجلس الدوما، والذي يحد من حصة رأس المال الأجنبي في شركات الإنترنت، إلى انهيار خطير لأسهم يندكس.
ورغم إلغاء مشروع القانون بعد مراجعة نقدية من الحكومة وإجراء تغييرات حاسمة في إدارة الشركة نفسها، فإن مخاطر التدخل السياسي في الصناعة والاقتصاد ككل لا تزال مرتفعة للغاية. في الوقت نفسه، لم يختف خطر فرض عقوبات جديدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ونقل الكاتب عن تشيرنوكي أنه في عام 2019 عرفت روسيا أحداثا بارزة ستظل تؤثر على الاقتصاد والمجال الاجتماعي مستقبلا. وعلى هذا النحو، انضمت روسيا إلى الاتجاه العالمي وبدأت في رفع سن التقاعد، وذلك بسبب ظاهرة التهرم السكاني.
بدوره، يقر الأستاذ فغيني ياكوفليف بأن هذا القرار تسبب في خلق مجموعة من التوترات الاجتماعية.
من ناحية أخرى، أتت التغييرات في نمط الحياة والتدابير الحكومية لمكافحة استخدام الكحول والتبغ وتحسين الرعاية الطبية ثمارها، ورغم الوضع الاقتصادي غير الملائم، فإن متوسط العمر المتوقع بلغ 73.6 عاما في روسيا.
ورغم التدابير الهادفة إلى دعم الإنجاب، فإن نسبة المواليد عرفت انخفاضا عام 2019، ويعزى ياكوفليف ذلك إلى الوضع الاقتصادي الحالي المتقهقر للعائلات الشابة وتوقعاتهم الحذرة فيما يتعلق بالدخل في المستقبل، فضلا عن عدم اتساق سياسة الدولة.
الرقمنة والتكنولوجيا المالية
وأوضح الكاتب أن الأحداث المهمة الأخرى من وجهة نظر الخبراء مرتبطة بتطور الرقمنة والتكنولوجيا.
وبحسب الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد في المدرسة الاقتصادية الجديدة، كونستانتين إيغوروف، كان العام الماضي بمثابة بشرى للعديد من الدول النامية التي تحاول منذ فترة طويلة تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي بما في ذلك روسيا.
وفي الأثناء، دعا رئيس مصرف إنجلترا المركزي مارك كارني، الصيف الماضي، رؤساء المصارف المركزية الآخرين إلى الحد من دور الدولار من خلال استخدام العملات الرقمية.
وقال الأستاذ في قسم المالية بجامعة الاقتصاد الجديد بروسيا أوليغ شيبانوف، إن التشغيل الآلي والتحول الرقمي اكتسبا زخما كبيرا في العام الماضي.
من جهته، أطلق مصرف روسيا في تقريره الصادر في ديسمبر/كانون الأول مناقشة بشكل خاص حول المنصات والأنظمة الإيكولوجية.