استنتجت دراسة أعدها بنك أوف أميركا، أحد أكبر المصارف في الولايات المتحدة، أن الأتمتة والتخلص من العولمة سيكونان اتجاهين عالميين رئيسين بعد وباء الفيروس التاجي.
ورأت دراسة لهذا البنك الأميركي بعنوان "كوفيد -19 بعد مرور 10 سنوات"، أن الإجراءات المالية المتخذة خلال الأزمة وتباطؤ النمو الاقتصادي، سيضغطان على البلدان ذات الدين العام الكبير والاحتياطيات المنخفضة مثل، البرازيل وجنوب إفيرقيا وتركيا.
وتقول الدراسة أيضا إنه "على الرغم من أنه سيكون من الصعب على معظم الاقتصادات النامية أثناء وباء الفيروس التاجي وبعده، لا تزال هناك فرص للمستثمرين في هذه الأسواق الآن. وعلى سبيل المثال، يلفت محللو بنك أوف أميركا إلى أن لدى هذه البلدان عملات قيمتها أكبر من التقديرات الحالية.
وبالنسبة للبلدان النامية، يرى البك الأميركي أنه من المحتمل جدا أن يتم استبدال 75٪ تقريبا من الوظائف بأجهزة الروبوت بعد الوباء.
ويعلل أصحاب الدراسة هذه التوقعات استنادا إلى أن "حصة الإنتاج في هذه الاقتصادات أعلى منها في الاقتصادات المتقدمة".
وستتعرض المكسيك للتأثير الأشد بالنسبة للتشغيل الآلي، حيث يمكن أن تصل الخسائر إلى 80 %، على الأقل، مقابل 60% بالنسبة لروسيا.
وقالت الدراسة إنه بعد الوباء قد ترغب المؤسسة الاقتصادية في مراجعة سلاسل التوريد التي أصبحت معقدة للغاية في السنوات الأخيرة، وسيعني ذلك على الأرجح، انخفاض دور الصين، وأقامة تعاون مع الدول الأخرى التي يمكن أن تحل محلها.
وقد يتحول تركيز الشركات الكبرى إلى الاقتصادات الآسيوية الأخرى، وإلى وسط وشرق أوروبا، وكذلك تركيا والمكسيك. وهذه الدول ستحصل على استثمار كبير، إلى جانب الوظائف الجديدة.
وفي هذه الأثناء، وبسبب وباء الفيروس التاجي، فإن الأسواق الناشئة، التي كانت المحرك للاقتصاد العالمي في العقدين الماضيين، لن تكون قادرة على النمو بالسرعة التي كانت عليها في السابق.
البيانات الأولى المثيرة للقلق بالفعل جاءت من الصين، حيث انخفض ناتجها المحلي الإجمالي في الربع الأول بنسبة 6.8٪، وهو أول انخفاض منذ عام 1992.
وتتوقع مؤسسة "Coface" المتخصصة في التأمين الائتماني أن لا يتجاوز نمو الصين الاقتصادي 4%، وهو الحد الأدنى خلال الثلاثين عاما الماضية.
وعلى الرغم من أن الاقتصادات النامية أكثر مقاومة للصدمات بشكل عام مما كانت عليه في السابق، إلا أن العديد من العوامل السلبية ستعيق نموها، ويتمثل ذلك بالنسبة للأرجنتين وتركيا في الدين الكبير بالعملات الأجنبية، وبالنسبة للبرازيل وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية، في سلبية الحسابات الراهنة بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ويقول محللو بنك أوف أمريكا: "فقط الدول التي لديها القدرة على تحفيز النمو وتحسين أنظمة الرعاية الصحية، ستكون قادرة على اجتياز هذه الفترة بهدوء نسبي".
وذهبت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن العديد من البلدان النامية ستواجه صعوبة حتى حين يكون الأسوأ بالنسبة لهذا الوباء قد ولى، إلا أن هناك فرصا أمام المستثمرين في هذه الأسواق.
هذا الاستنتاج مرده على وجه الخصوص، رصد أن عملات هذه الاقتصادات يتم التقليل من قيمتها مقابل الدولار بنسبة 20 ٪.
وتقول تقارير مختصة إن أسعار عملات الدول النامية انخفضت منذ بداية العام مقابل الدولار بنسبة 12-23 ٪.
ويشير في هذا السياق، الخبير المالي، ياروسلاف كاباكوف، إلى أن عملات الدول النامية، نظرا لضخ السيولة الحالية في الاقتصاد الأمريكي، تبدو أقل من قيمتها الحقيقية. وبعبارة أخرى، تعزز الدولار كثيرا، وبالتالي فإن الصادرات الأمريكية تفقد قدرتها التنافسية.
وبالنسبة للعملة الروسية، يقول الخبير الاقتصادي، فاليري إميليانوف إن "الروبل أقل بنحو 15 ٪ من متوسط قيمته السنوية، والمعدل الحالي منخفض بشكل غير طبيعي، وفي أفق العام، بل وأكثر من ذلك لعدة سنوات، سوف يميل إلى قيم أكثر اعتدالا".
ويضيف الخبير إلى ذلك أن البنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، أعد بالفعل إصدارا بقيمة 6 تريليون دولار، ما يعني أن سلة من العملات النامية ستستعيد نصف خسائرها على الأقل، وأن الروبل سينمو تقليديا قبل العملات الأخرى.