غير أن ذلك أدى أيضاً إلى اعتماد غالبية سكان العالم في البلدان المختلفة على الغذاء المستورد جزئيا على الأقل. وهذا أدى إلى العديد من نقاط الضعف التي تفرض نفسها خلال أي نوع من الأزمات العالمية، حيث يتم تعطيل الإمدادات الغذائية.
وبحسب ما نقلت "الجزيرة"، فإنّ الدراسة التي قادها بيكا كينونين الباحث بجامعة "آلتو" وضعت نموذجاً للمسافة الأدنى بين مكان إنتاج المحاصيل وبين مكان استهلاكها من قبل البشر في جميع أنحاء العالم، ليتمكنوا من سد احتياجاتهم من الغذاء. وأجريت الدراسة بالتعاون مع جامعتَيْ "كولومبيا" و"كاليفورنيا" و"الجامعة الوطنية الأسترالية" وجامعة "غوتنغن" بألمانيا.
وقد أخذ في الحسبان 6 مجموعات من المحاصيل الرئيسية التي لا غنى عنها للبشر، وهي الحبوب المعتدلة (القمح والشعير والجاودار) والأرز والذرة، والحبوب الاستوائية (الدخن والذرة الرفيعة) والجذور الاستوائية (الكسافا) والبقول.
وقد تبيّن أنه في دائرة نصف قطرها أقل من مئة كيلومتر يمكن لـ 27% من سكان العالم الحصول على حبوبهم المعتدلة، و22% يمكنهم الحصول على الحبوب الاستوائية، 28% يمكنهم الحصول على الأرز و27% يحصلون على البقوليات. أما بالنسبة للذرة والجذور الاستوائية، فكانت النسبة 11-16% فقط.
ويعلق قائد فريق البحث على هذه النتائج قائلا إنها تظهر مدى صعوبة الاعتماد على الموارد المحلية فقط.
مخازن الغذاء
وقام الباحثون أيضا بتحديد معنى "مخازن الغذاء" وهي المناطق التي لديها اكتفاء ذاتي من إنتاج الغذاء. وإضافة إلى إنتاج الغذاء والطلب عليه، تم وضع تأثير البنية التحتية لوسائل النقل على المكان الذي يمكن الحصول على الغذاء فيه في الاعتبار.
ووفقا للأستاذ المساعد ماتي كومو - الذي شارك في الدراسة - تظهر النتائج بوضوح أن الإنتاج المحلي وحده لا يستطيع تلبية الطلب على الغذاء، على الأقل في غياب أساليب الإنتاج الحالية وعادات الاستهلاك.
ويضيف أنه من المحتمل أن تؤدي زيادة حصة الإنتاج المحلي المدار بفعالية إلى الحد من النفايات الغذائية وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ولكن في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل جديدة مثل تلوث المياه وندرتها في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية جداً.
ويقول كومو إن وباء "كوفيد-19" الذي يعاني منه العالم حاليا يؤكد أهمية الاكتفاء الذاتي وإنتاج الغذاء محليا، ولكن سيكون من المهم أيضا تقييم المخاطر التي قد يسببها الاعتماد على المدخلات الزراعية المستوردة مثل بروتينات العلف الحيواني والأسمدة والطاقة.