بدأ منتجو الحمضيات في الجزائر في إحصاء خسائرهم جراء تواصل موجة الجفاف التي تمر بها البلاد، ونقص مياه الري بسبب شح الأمطار، في الأشهر الأخيرة، ما فاقم خسائرهم وينذر بأزمة نقص المعروض من هذا الصنف في موسمه المنتظر مع نهاية فصل الخريف، في وقت تراهن البلاد على الإنتاج المحلي بعد تجميد عمليات استيراد الحمضيات سابقاً.
مزارع قال إن محصول هذه السنة كان كارثياً بسبب شح الأمطار التي لم تتساقط منذ أشهرٍ بشكل كاف، إلا مرة واحدة أو مرتين طيلة موسم الصيف. وأضاف المتحدث نفسه: “نحن في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، ولم تسقط الأمطار بعد، وننتظر أن تجود علينا السماء لعلها تنقذ غلة يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط المقبلين من ضعف غلة أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر الماضيين من البرتقال والليمون والماندرينا”.
وأمام هذه الوضعية، اضطر مزارعو الحمضيات في منطقة متيجة (90 كلم جنوب العاصمة)، المشهورة بزراعة الحمضيات، إلى الاستعانة بالمياه الجوفية ومياه الآبار لتعويض نقص مياه الأمطار، ما زاد في حجم المصاريف التي تجاوزت توقعات بعض المزارعين حتى قبل بداية موسم جني المحاصيل.
ويقول المزارع عمار ختال إن “نقص تساقط الأمطار، في الأشهر السبعة الأخيرة، دفع بعض المزارعين إلى الاستنجاد بالمياه الجوفية لري الأشجار، وترتب عن هذا الخيار إنفاق مصاريف إضافية، مثل شراء الوقود لتشغيل المضخات وشراء أنابيب جديدة بالنسبة لبعضهم، كما اضطر بعض المزارعين إلى شراء صهاريج مملوءة بالمياه يومياً”. وأوضح المتحدث نفسه، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن بعض المزارعين اضطروا إلى الاقتراض أو إشراك أصحاب الأموال في نشاطهم من أجل إنقاذ موسمهم من الخسارة، فالمزارع يحتاج إلى ما يزيد عن مليون دينار على الأقل (9500 دولار)، حتى يضمن اليد العاملة والأسمدة الزراعية ومياه الري ليخرج بموسم وافر.
وكانت الجزائر قد سجلت السنة الماضية إنتاجاً بلغ 7.5 ملايين قنطار من الحمضيات، مقابل ما يقارب 10 ملايين قنطار سنة 2018، حسب أرقام وزارة الزراعة الجزائرية، 74% منها من البرتقال.
ويرى رئيس الاتحاد الجزائري العام للمزارعين، محمد عليوي، أن “موسم الحمضيات لهذه السنة سيكون كارثيا من حيث حجم الإنتاج وذلك في حال تواصل شح تساقط الأمطار وامتداد الجفاف حتى نهاية السنة”. وأضاف عليوي أن التوقعات تصب عند رقم 6 أو 7 ملايين قنطار في أحسن الأحوال، متوقعا أن تشهد أسعار الحمضيات ارتفاعاً غير معهود في الأشهر القادمة لاختلال كفتي العرض والطلب، الذي كان يسد ارتفاعه في الماضي بما يتم استيراده من حمضيات، خاصة من فرنسا وإسبانيا.
وأكد عليوي أن استهلاك الحمضيات ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة في الجزائر، ويعود سبب ذلك لصناعة العصائر من طرف بعض الشركات الخاصة والعصائر الطبيعية في المنازل، واستعمال هذا النوع من الفواكه في الحلويات، بالرغم من توسع المساحات المستغلة في إنتاج الحمضيات إلى 65 ألف هكتار. وأغلقت الحكومة أبواب الاستيراد في وجه بارونات الحمضيات، بعدما أخرجت هذه الفئة من الفواكه من دائرة السلع الخاضعة لرخص الاستيراد، ونقلها إلى دائرة “القائمة السوداء” للسلع الممنوعة من الاستيراد، بأوامر مباشرة من الرئيس عبد المجيد تبون. وتستورد الجزائر سنوياً ما قيمته 20 مليون دولار من الحمضيات، خاصة البرتقال، وتعد إسبانيا وفرنسا الممون الأول للجزائر سابقا.