السياسي-وكالات
تحسنت آفاق التوصل إلى اتفاق لما بعد انسحاب بريطانيا من التحاد الأوروبي «بريكسِت» إثر تحقيق تقدم في ملف المنافسة العادلة بين لندن والاتحاد الأوروبي، قبل خمسة عشر يوماً من انتهاء الفترة الانتقالية، لكن لا يزال موضوع الصيد البحري حجر عثرة. وتحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، عن إحراز تقدم في اثنين من أعقد الملفات قيد التفاوض منذ أشهر. وقالت «توجد سبل للتوصل إلى اتفاق، إنها ضيّقة لكنها موجودة».
وفي ما يتعلق بقواعد المنافسة العادلة التي اشترطتها بروكسل على لندن حتى تسمح لها بالنفاذ إلى سوقها دون فرض رسوم جمركية أو حصص، وافق البريطانيون على «آلية صارمة لعدم التراجع» في المجالات البيئية والاجتماعية والضريبية، وفق المسؤولة الأوروبية.
ويعني ذلك أن لندن ستلتزم بعد خروجها النهائي من الاتحاد بمواصلة احترام المعايير التي تتبعها حتى نهاية الفترة الانتقالية في تلك المجالات.
واعتبرت فون دير لايين ذلك «خطوة كبيرة للأمام» إذ ترفض بروكسل أن يتشكل على حدودها اقتصاد دون ضوابط تنظيمية يضر بالشركات الأوروبية. لكنها أقرت بوجود عراقيل أمام التوصل إلى حل يضمن التزام البريطانيين كليا بذلك مستقبلا.
ويطالب الأوروبيون بإمكانية اتخاذ تدابير تعويض في حال عدم الالتزام، لكن لندن ترفض ذلك حتى الآن. ويقول البريطانيون أنهم لا يريدون أن يقيّدهم اتفاق التبادل الحر بشكل يمنعهم من إبرام اتفاقات تجارية أخرى، خاصة مع الولايات المتحدة.
كما تم إحراز تقدم في ملف الدعم الحكومي، وجرى الاتفاق على «مبادئ مشتركة» وضمانات من الطرفين، وفق ما قالت رئيسة المفوضية أمام نواب البرلمان الأوروبي.
ونظام الدعم الحكومي شديد الصرامة في أوروبا، وترفض بروكسل أن تقدم لندن دعماً غير متكافئ لشركاتها يعزز قدلراتها التنافسية.
وأعلنت فون دير لايين أن الاختلافات حول آلية فض النزاعات «سُوّي في جزء كبير منه» دون أن تقدم توضيحات.
ويرغب الأوروبيون في إدراج تدابير مضادة، على غرار الرسوم الجمركية، دون انتظار فضّ الخلاف عبر مسار التحكيم التقليدي.
بدورها أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، تسجيل «تقدم» في المفاوضات.
وقالت أمس أمام النواب الأوروبيين أن «المفوضية الأوروبية تتفاوض حاليا (…) حتى نهاية الأسبوع للنظر إن كان ما يزال ممكنا التوصل لاتفاق». وأضافت أنه «يوجد تقدم، لكنه ليس اختراقاً».
لكن يبقى موضوع الصيد البحري محل خلاف، وهو ملف حساس لبعض الدول الأوروبية ولا سيما فرنسا وهولندا وإسبانيا، وقد جعله البريطانيون رمزا لاستعادة سيادتهم عقب الطلاق مع الاتحاد الأوروبي ويريدون بسط سيطرتهم مجدداً على مياههم.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية في هذا الصدد «أحيانا، نشعر أننا لن نصل إلى حلّ».
وما زال الملف معطلا على جميع الأصعدة، ويرفض الأوروبيون مبدأ التفاوض السنوي حول الصيد الذي يقترحه البريطانيون.
وترغب لندن في تحصيل تنازلات حول السفن التي تحمل علم بريطانيا لكنها مملوكة لجهات إسبانية أو هولندية، وكذلك في ما يتعلق بجنسية طاقمها، وفق مصادر أوروبية.
وفي حين لا يستبعد الطلاق دون اتفاق مستقبلي، ما سيخلف تداعيات ثقيلة على اقتصادات متضررة أصلا من جائحة كوفيد-19، يجري العمل على قدم وساق لتجنب هذا السيناريو. وأقرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تدابير عاجلة أمس للحفاظ على الحركة الجوية والنقل البري بين ضفتي مضيق المانش طوال ستة أشهر، بشرط أن تتبنى بريطانيا إجراءات مماثلة. وما تزال هذه التدابير رهن موافقة البرلمان الأوروبي الجمعة.
وبعد مغادرتها رسميا الاتحاد الأوروبي في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، تخرج المملكة المتحدة نهائيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي في 31 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق تجاري، ستتم المبادلات بين لندن وبروكسل وفق قواعد «منظمة التجارية العالمية» ما يعني فرض رسوم جمركية أو حصص.