أخبار عاجلة

مؤرخ: أمريكا لا تستطيع مواجهة تنامي القوة الاقتصادية للصين

مؤرخ: أمريكا لا تستطيع مواجهة تنامي القوة الاقتصادية للصين
مؤرخ: أمريكا لا تستطيع مواجهة تنامي القوة الاقتصادية للصين

السياسي-وكالات

يدرك الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن أن الطريقة الوحيدة لمواجهة تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية للصين تتم من خلال استراتيجية متعددة الأطراف تضمن القوة الجماعية لشبكة حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في العالم. وللأسف فإن الرئيس الصيني شي جين بينج يدرك ذلك أيضا، حسب المؤرخ الأمريكي هال براندز.

ويرى براندز وهو أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء أن سنوات حكم الرئيس بادين ستشهد سباقا بين جهود واشنطن لتشكيل تحالف أوسع وأقوى لمواجهة الصين، وجهود بكين لتفكيك مثل هذا التحالف.

ويعتبر المؤرخ أن الاتفاق الاستثماري الأخير، الذي توصلت إليه الصين مع الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ وهو أحدث حلقة في هذا السباق، مُحبِطاً من الناحية الاقتصادية لأنه لا يوفر إلا فرصا استثمارية محدودة لأوروبا في الصين، وهو ما يشكك فيه بعض الخبراء أيضا.

وتعرض الاتفاق الاستثماري الأولي بين الاتحاد الأوروبي والصين لانتقادات عديدة باعتباره خطوة تفتقد إلى المنطق الأخلاقي من جانب الاتحاد الأوروبي الذي يروج لارتباطه بحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، ومع ذلك لا يرى مشكلة في «ممارسات العمل القسري في الصين».

ومع أن الاتفاق يتضمن بنودًا تطلب من الصين تعزيز حماية حقوق العمال، إلا أنه يصعب على هال براندز -كما يقول- تخيل احترام بكين لهذه البنود. ويرى في الوقت نفسه أن التوصل إلى هذا الاتفاق في الأسبوع الماضي يمثل ازدراء لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد الذي دعا إلى تبني نهج اقتصادي مشترك لكل من أوروبا والولايات المتحدة تجاه الصين.

ويضيف أن الأهم من ذلك هو أن الاتفاق خطوة واحدة في جهود الصين الأكبر لمنع حشد التحالف العالمي ضدها الذي يريده بايدن ويحتاج إليه.

ولا يخفي بايدن أن هدفه هو تشكيل تحالف عالمي للتعامل مع الصين. ففي الشهر الماضي قال «فيما يتعلق بأي موضوع خاص بالعلاقات الأمريكية الصينية، سنكون أقوى وأكثر فاعلية إذا كان نحظى بدعم الدول التي تشاركنا الرؤية بشأن مستقبل العالم».

وقد ناقش مع مستشاريه التعاون بشكل أوثق مع الدول الديمقراطية الأخرى بشأن القضايا التكنولوجية، والعمل جنبًا إلى جنب مع الدول الأوروبية ودول المحيطين الهندي والهادئ المنزعجة من الممارسات التجارية الصينية الجديدة، والتخلي عن استراتيجية الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب للمواجهة الأحادية لصالح الاعتماد على استراتيجية متعددة الأطراف.

والمنطق وراء هذا التوجه الأمريكي الجديد هو أن التقارب في المنافسة بين الولايات المتحدة والصين يمثل نقطة قوة للصين وليس للولايات المتحدة.
وفي رأي المؤرخ فإن الصين لا يمكنها أن تفوز في هذه المنافسة إذا استغلت الولايات المتحدة بالكامل علاقاتها مع الدول التي تمثل معا ًأغلبية واضحة من إجمالي الناتج الاقتصادي والإنفاق العسكري للعالم. وهذا ما حدث عندما لم يتمكن الاتحاد السوفيتي السابق من التفوق على القوة الجمعية لـ»العالم الحر» أثناء الحرب الباردة.

وحسب هال براندز، الباحث المُقيم في معهد «أمريكان إنتربرايز» اليميني للدراسات السياسية، فإنه كلما عززت واشنطن علاقاتها مع حلفائها وشركائها الرئيسيين، جاء التصلب والصرامة الصينية بنتائج عكسية بالنسبة لبكين من خلال دفع منافسيها إلى التوحد بدلا من الانقسام.

ويضيف أن إستراتيجية بايدن تبدو معقولة، لكنها تواجه أيضاً تحديات كبيرة. فالشكوك التي زرعها ترامب بشأن استقرار دبلوماسية أمريكا وبقائها كقائد للعالم الديمقراطي منذ هزيمته، مازالت قائمة. ولا يزال هناك نوع من الحذر في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ بشأن الانضمام إلى واشنطن في منافسة متعددة الأطراف مع بكين الآن، وذلك تحسبا لعودة الرئيس الأمريكي الجديد إلى تبني موقف عدائي أحادي متعدد الاتجاهات.

لكن التحدي الأكبر، في رأيه، هو أن الصين لديها كل وسائل تعطيل جهود بناء التحالف، وهي تتحرك الآن بسرعة لتحقيق هذا الهدف سواء بالترغيب أو وبالترهيب.

ويقول براندز، الحاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة ييل الأمريكية، أن هذه الجهود الصينية، كما كتب في عام 2019 ، تتواصل منذ سنوات لكنها تسارعت جداً خلال الفترة الأخيرة مع تسارع وتيرة التنافس بين الولايات المتحدة والصين.

والدليل على ذلك هو سلسلة المبادرات الصينية منذ سبتمبر/أيلول الماضي. فقد تعهد الرئيس الصيني شي بالوصول ببلاده إلى مستوى صفر انبعاثات غازية بحلول 2060.

ورغم أن هذا التعهد قوبل بتشكك كبير، إلا أن هدفه الجيوسياسي كان واضحا، وهو وضع بكين في صورة الدولة الحريصة على المناخ العالمي، مقابل الولايات المتحدة التي انسحبت من «معاهدة باريس للمناخ» الموقعة عام 2015.

وفي رأي براندز فإن «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة» التي تضم 15 دولة في آسيا لن تؤدي إلى ثورة في حركة التجارة في منطقة الهند والمحيط الهادئ، بقدر ما تؤكد تنامي الدور الاقتصادي المركزي للصين في المنطقة.

وفي نهاية العام الماضي، قدمت الصين بعض التنازلات في الوقت المناسب لتبرم اتفاقية الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي ، والتي ستعرقل أي مسعى للحد من العلاقات الاقتصادية الأوروبية مع الصين وزيادة التوترات عبر المحيط الأطلسي عشية بدء رئاسة بايدن.

وجاءت تلك الاتفاقية في أعقاب قرار ألماني بالسماح المشروط لشركة «هواوي» الصينية العملاقة لتكنولوجيا الاتصالات بالمشاركة في بناء شبكة اتصالاتها للجيل الخامس (جي5) في، على الرغم من الضغوط الشديدة من الولايات المتحدة لمنع استخدام تكنولوجيا الشركة الصينية في الدول الغربية بدعوى خطورتها على الأمن القومي لهذه الدول.

ويختتم براندز تحليله بالقول أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن أوضح تماما أن خطته لمواجهة الصين تقوم على حشد أوسع تحالف عالمي ممكن، وأن نظيره الصيني شي مصر على إفساد هذه الخطة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى الاقتصاد الروسي... في مواجهة العقوبات