ظاهرة حرب المضاربات على حيتان وول ستريت

ظاهرة حرب المضاربات على حيتان وول ستريت
ظاهرة حرب المضاربات على حيتان وول ستريت

السياسي-وكالات

نهاية الاسبوع الماضي ضجت اسواق المال العالمية بقصة شركة (GameStop) حيث استطاعت مجموعة من “الهواة” المتحمسين في عالم المضاربة بالاسهم اطاحة اصحاب صناديق التحوّط (Hedge Funds) في وول ستريت ((Wall St. بالضربة القاضية مكبدينهم خسائر بمليارات الدولارات.

شركة (GameStop) هي سلسلة متاجر أمريكية تبيع العاب الفيديو وتدير 5509 متجرًا للبيع بالتجزئة في جميع أنحاء اميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا وأوروبا حيث تقايض العاب الفيديو القديمة التي تشتريها من المستخدم باسعار زهيدة باخرى جديدة ذات سعر مخفّض.

الجائحة حدّت من التسوق في المتاجر وزادت الطلب على العاب الفيديو عبر الانترنت، لتراكم خسائر (GameStop) وتدهور سهم الشركة:GME
كما الحال دائما في وول ستريت، تتلقف صناديق التحوط فرصة المراهنة على سقوط الاسهم للشركات الخاسرة عبر ما يسمى بعقود خيارات الاسهم (options) التي تتيح للمستثمر شراء السهم بسعر يحدده هو بعد المراهنة على صعوده او نزوله على ان ينفذ عقد البيع في يوم محدد مهما كان السعر.

و بما ان هذه صناديق التحوط الغنية تتمتع بتسهيلات مالية هائلة من البنوك وشركات المضاربة فهي تقوم بالبيع على المكشوف اي انها تستدين لتقوم ببيع السهم بسعره الحالي بكميات كبيرة من اجل ان ينخفض سعره مما يؤثر على بقية المساهمين بدافع الفزع لبيع اسهمهم ليزداد انحدار سعر السهم وعندها تعود هذه الصناديق بشراء الاسهم بسعر زهيد محققة ربحاً يعادل الفرق بين سعر الشراء الزهيد والسعر الاولي الذي قاموا بالبيع عليه من دون دفعه بل مجرد سداد ثمن السهم الجديد المنخفض.

بسبب وضع (GameStop) قام صندوق ميلفن كابيتال و آخرون بالمراهنة على سقوط سعر سهم الشركة بالمليارات تقريباً وهو امر كان لا شك في حدوثه…

وكان هذا الصندوق وغيره في طريقه لتحقيق ارباح خيالية من مجرد مشاهدة سعر الشركة يهوي! الاّ انه في هذه المرة كان الوضع مختلفاً، حيث تدارك احد المستثمرين الجدد على احد غرف منتدى (REDDIT) اسمها (WallStreetBets) في نيّة الصناديق الكبيرة واقترح على روّاد المنتدى من المضاربين الهواة ان يقوموا بموجة شراء لسهم الشركة لرفع السعر في مواجهة الصناديق الضخمة التي راهنت على سقوط السهم.

تجاوب عدد هائل من المستثمرين في المنتدى خصوصا مع تغريدة من (ايلون مسك) ليرتفع سهم الشركة بشكل صاروخي بحوالي 2500% مما ادّى بالصناديق الى الاستدانة بمئات الملايين والمراهنة مرّة اخرى على ان صغار المستثمرين لن يصمدوا وسيبيعون الاسهم التي قاموا بشرائها فيهوي السهم مرة اخرى، الاّ انهم اخطأوا مجدداً حيث احتفظ المضاربون ‘الهواة’ بمراكزهم في الجولة الثانية مما ادى بالصناديق ان تغوص اكثر في الدين حيث تفرض الشروط عليهم تنفيذ العقود في وقتها وبالسعر الجديد الذي ارتفع الى مستويات عالية بدلاً من ان يهوي وبهذا انتصر المضاربون الهواة على صناديق التحوّط في اول معركة تشبه الانقلاب على وول ستريت التقليدية باستعمال تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وجرأة الشباب والحركة الثورية ضد صناديق الاثرياء والمستثمرين المستأثرين بالتسهيلات المالية الكبيرة.

كالعادة تتحرّك البورصة حسب القواعد المفروضة تقليدياً فمنعت التداول قبل ان تجيزه مرّات عديدة بسبب التقلب العالي للسعر.

الامر لم ينتهي هناك فحسب بل بدأت حركة مشابهة نحو اسهم مثل ( AMCو Nokia) والتي تراهن الصناديق الكبيرة ضدّ اسعار اسهمها ومن ثم تبعتها ايضاً تحركات مشابهة في استراليا و اوروبا.

ردود افعال متباينة تبعت هذه الاحداث فهناك من فسّرها على انها ثورة جيل جديد من المضاربين يرغبون بكسر نفوذ الحيتان في وول ستريت وهناك من نعتها بالمراهنات الرعناء والتلاعب بالاسواق داعياً لتشريعات تمنع حدوثها وذلك لافتقارها لاساسيات السوق فما الهدف ان تنقذ جيوش المضاربين سهم شركة خاسرة وترفعه الى اكثر من 2500% من دون امل بارباح تشغيلية؟

الاّ ان هناك من المتحمسين للتغيير من محللي الاسواق استغرب السعي لتجريم مراهنات المضاربين الهواة؟ متسائلين عن عمل مليارديرات صناديق التحوط، اوليست هي الاخرى تندرج ايضاً تحت بند المضاربات وتوجيه الاسواق للتلاعب بقيم الاسهم؟ مستذكرين ان سقوط الاسواق قبل عقد من الزمن لم يودي بأي من مقامري هذه الصناديق الكبيرة المليارديرات الى السجن فلماذا يسعى المتنفذون في وول ستريت اليوم الى سن تعليمات تحرّم هذه الظاهرة والتي قد تكون شرارة ثورة هذا القرن بين ال 1% بالمئة الذين يتحكمون باسواق المال والطبقة المتوسطة الحالمة!

سيكون هذا الاسبوع مسرحاً لحوادث سيتابعها العالم عن كثب وعلى رأسهم البيت الابيض وستحفر في الذاكرة –ان لم تحقق تغييراً فعلياً على السيادة والسيطرة في اسواق المال عالمياً.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى