السياسي -وكالات
بدأت صيحة تقديم بدائل نباتية على قوائم مأكولات بعض مطاعمالوجبات السريعة تتلاشى بالفعل، بعد أنْ لجأت إليها مطاعم كثيرة لجذب المستهلكين من مستهلكي اللحوم. وهذا، قد يسبب مشكلات لمصنٍّعي هذه المنتجات البديلة، الذين بالغوا في تقدير شراكاتهم مع سلاسل المطاعم، باعتبارها خطوة مهمة على طريق زيادة شعبية اللحوم المصنعة، أو البديلة.
بعد كوفيد-19؛ بدأت سلاسل المطاعم الكبرى في التراجع عن تقديم اللحوم المصنَّعة من البروتينات النباتية، في ظلِّ عمليات الإغلاق التي أدت إلى انحسار تناول الطعام خارج المنازل. فلم يعد الأمريكيون يبحثون عن تجارب جديدة، بل تركَّز بحثهم عن الأطعمة المألوفة التي يمكن تناولها في المنزل، أو حتى عند المغامرة بالخروج للتنزه.
تشير بيانات شركة “إن بي دي غروب” (NPD Group) لأبحاث السوق، إلى أنَّ طلبات البرغر النباتية، والسندوتشات في مطاعم الوجبات السريعة، لم تتغيّر على أساس سنوي حتى شهر يونيو الماضي. وفي المقابل؛ ارتفع الطلب على برغر اللحم البقري بنسبة 12% خلال الفترة ذاتها.
يقول بيتر صالح المحلِّل في شركة “بي تي آي جي” (BTIG): “تأتي اللحوم الحقيقية على رأس قائمة الأطعمة لدى العديد من مشغِّلي المطاعم في الوقت الحالي، إذ يتعلَّق الأمر أكثر بشعار: دعنا نركِّز على تقديم العناصر الأساسية التي بالقائمة فقط، وأن نفعل ذلك بأفضل ما في وسعنا”.
تقدِّم شركة “بيوند ميت” (Beyond Meat) نقانق الإفطار للآلاف من خلال مطاعم شركة “دنكن” (Dunkin) التابعة لشركة “إنسباير براندز” (Inspire Brands)، كما دخلت الشركة مرحلة تجربة منتجاتها من قطع الدجاج لتقديمها ضمن قائمة الأطعمة الخاصة بـ”كي إف سي” (KFC) التابعة لشركة “براندز”، في حين أخفقت “برغر كنغ” (Burger King) في تسويق وجبة “إمبوسيبول ووبر”. كما لم تنجح تجربة تقديم السجق الذي تصنِّعه شركة “إمبوسيبول فودز” (Impossible Foods) بالتعاون مع “ليتل سيزرز” (Little Caesars)، إذ لم يشهد رواجاً كافياً كبديل للحوم، إذ تقدِّم سلسلة مطاعم “البيتزا البيبروني” المصنَّع فقط في المدن الكبيرة مثل ميامي، ونيويورك، وسان فرانسيسكو.
برغم توقُّعات المستثمرين بنجاح الشراكات مع مطاعم الوجبات السريعة العالمية والمحلية على السواء، إلا أنَّ سلاسل المطاعم الصغيرة أظهرت قدرة أكبر على النجاح في ذلك المجال.
يقول ديفيد غروسمان، الرئيس التنفيذي لسلسلة مطاعم “إيبيك” (Epic) التي تملك 7 مطاعم تنتشر في شيكاغو وحولها، إنَّ مبيعات الدجاج المصنَّع تسجل أداء يفوق التوقُّعات في الشركات الناشئة سريعة النمو، مثل “إيبيك برغر” (Epic Burger) التي تحصل على الدجاج النباتي من “بيوند ميت”.
قفزت أسهم شركة “بيوند” في فبراير الماضي، بعد أنْ أعلنت “ماكدونالدز” التي تملك 39 ألف مطعم، أنَّ الشركة تمثِّل أفضل مورد لفطيرة “ماك بلانت”، التي تمَّ تقديمها في عدد قليل من الأسواق الصغيرة حتى الآن، ومن المقرر طرحها في كل أنحاء بريطانيا وإيرلندا في عام 2022.
قالت إيريكا جاكسون، ومعها أندرو أولسن، وهما محلِّلان لدى مجموعة “يو بي إس” (UBS Group)، إنَّ عقد العديد من الشراكات مع علامات تجارية رائدة، يؤكِّد أنَّ اللحوم النباتية “ليست ظاهرة جديدة”. وخفَّض المحللان من تقديراتهما لمبيعات “بيوند” للسنتين الماليتين 2021 و2022 نتيجة تأجيل تقديراتهما لتوقيت زخم المبيعات على المستوى الوطني في النصف الثاني من عام 2021، على أن يحدث ذلك الزخم بعد عام على الأقل.
أعرب ممثِّل “بيوند” عن فخر الشركة بما تعقده من شراكات مع كبريات العلامات التجارية لخدمات المطاعم عالمياً.
نجحت “برغر كنغ” من خلال نحو 18 ألف مطعم مملوك لها، أو يحمل حق امتياز العلامة التجارية، في إطلاق حملة تسويق لوجبة “برغر ووبر”، فقد قامت سلسلة المطاعم المملوكة لشركة “ريستورانت براند إنترناشيونال” (Restaurant Brands International) بإطلاق حملة إعلانية ضخمة لتسويق الوجبة على أنَّها 100% نباتية، و0% من اللحم البقري.
قال مايكل هالين، محلِّل “بلومبرغ إنتليجنس”، إنَّ خفض الإدارة للإنفاق على التسويق العام الماضي، أدى إلى تراجع وعي العملاء استناداً إلى بيانات من “مختبرات كوغنوفي” (Cognovi Labs) المتخصصة في تحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك “تويتر”، فقد أظهرت البيانات، تراجع المناقشات حول اللحوم النباتية من “برغر كنغ” بنسبة 67% في عام 2020، مقارنة بمستوياتها في 2019، متجاوزة بذلك انخفاضاً بنسبة الثلث لدى كل شركات القطاع.
قالت مجموعة “كارولز ريستورانت” (Carrols Restaurant Group)، أكبر شركة تمتلك حق امتياز العلامة التجارية “برغر كينغ” في الولايات المتحدة نهاية العام الماضي، إنَّ مبيعات “إمبوسيبول ووبر” انخفضت بنحو النصف منذ طرحها في أغسطس 2019. ورفضت “كارولز”، و”برغر كينغ” التعليق على حجم المبيعات الحالية.
يقول دينيس وودسايد، رئيس شركة “إمبوسيبول فودز”، إنَّ “إمبوسيبول ووبر” تحقِّق أداء جيداً، ولم يكن هناك تراجع في التسويق، مشيراً إلى أنَّها تسجل مبيعات جيدة ضمن العرض الخاص بشراء واحدة، والحصول على أخرى مجاناً في حالة الشراء عبر المنصة. و برغم رفضه الإفصاح عن التفاصيل؛ قال وودسايد: “المشغلون سعداء بمعدل احتفاظ المنتج بالعملاء، وجذب عملاء جدد”.
انخفضت مبيعات اللحوم المصنَّعة أو البديلة في المطاعم الأمريكية بشكل عام بأكثر من 23% العام الماضي، وفقاً لبيانات “يورومونيتور إنترناشونال”، في حين عادت المبيعات إلى التعافي هذا العام، بينما يُتوقَّع أن تسجل مستويات أعلى بنسبة 4.4% فقط من عام 2019.
تمثِّل مبيعات محلات البقالة، المحك الرئيسي بالنسبة إلى تجربة المطاعم والتسويق، إذ يستمر الطلب على اللحوم المصنَّعة بغرض الطهي المنزلي.
تقول جينيفر بارتاشوس من “بلومبرغ إنتليجنس”: ما تزال هناك شكوك بشأن الأطعمة النباتية. ولذلك؛ فإنَّ التجربة في المطاعم تزيد من ثقة الناس في المذاق، وفي قدرتهم على إعداد الأطعمة بأنفسهم
تواصل المطاعم مساعيها للوقوف على تفضيلات العملاء، ومن بينها بعض المطاعم التي تفعل ذلك من دون الشراكة مع علامات تجارية كبيرة في مجال اللحوم المصنَّعة، فقد بدأت شركة “شيبوتل مكسيكان غريل” (Chipotle Mexican Grill) في أغسطس، ببيع سجق “كوريزو” النباتي، الذي صنَّعته بنفسها باستخدام بروتين البازلاء، من دون شراكة مع “إمبوسيبول”، أو “بيوند”.
وتفيد سلسلة مطاعم المنتجات السريعة عالية الجودة، أنَّ الكثير من اللحوم المصنَّعة ليست صحية بما يكفي بالنسبة إليها. وقال كريس براندت، كبير مسؤولي التسويق في الشركة خلال مقابلة في ذلك الوقت: “نرى أنَّها معالجة بشكل كبير، وتحتوي على الكثير من المكوِّنات التي لن نقدِّمها أبداً في مطاعمنا”.
يقول روب برانكا، صاحب امتياز “دنكن” الذي يمتلك 90 متجراً في ماساتشوستس شمال نيويورك وأوهايو، إنَّ مبيعات نقانق “بيوند” كانت أقل من التوقُّعات. وأضاف برانكا: “لست خبيراً، لكنَّني لا أعرف من هو الزبون” بالنسبة إلى اللحوم النباتية.
يقول جوليو راميريز، الرئيس التنفيذي لشركة “برغرفي إنترناشيونال” (BurgerFi International)، إنَّ الأمر يتلخَّص في اختلاف أذواق مجموعة من رواد المطعم. وفي ذلك الوقت، يكون توفر خيار نباتي، عاملاً حاسماً في اختيارهم للمطعم. فقد يقول أحد الأشخاص: “لا أريد تناول برغر لحم بقري، الأمر الذي سيحد من المكان الذي يمكن الذهاب إليه”.
تعرب أليسا سمولين، النباتية البالغة من العمر 22 عاماً، عن عدم اقتناعها بأنَّ اللحوم المصنَّعة صحية أكثر من البروتينات الأخرى مثل التوفو. لم تعتد سمولين، وهي من نيوجيرسي، ارتياد مطاعم الوجبات السريعة برغم وصفها تجربة نقانق “بيوند” في “دنكن” بالرائعة في وقت سابق من هذا العام. لكنَّها تشير إلى شرائها النقانق إذا رغبت في تناولها من سوبر ماركت “شوب رايت” (ShopRite) المحلي، وتقوم بطهيها في المنزل. وهي لا تركِّز كثيراً على العلامة التجارية، بل يتركَّز اهتمامها على الحقائق الغذائية والسعر، إذ تقول: “في النهاية، هو طعام معالج، والأمر يعتمد على طريقة تفكيرك التي تحدِّد أنَّه صحيٌّ”.