لم توقف عودة رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، معين عبد الملك، إلى مدينة عدن، جنوبا، انهيار قيمة العملة المحلية غير المسبوق، إذ بلغت قيمة الدولار الواحد، ألف و211 ريالا الأربعاء.
وكان عبد الملك وصل عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، قادما من مقر إقامته في السعودية، بعد أشهر من مغادرته المدينة الجنوبية، إثر اقتحام قصر معاشيق الرئاسي الذي كان يقيم فيه مع وزراء حكومته من قبل محتجين موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
وفور وصوله لعدن، ترأس رئيس الوزراء اليمني اجتماعا مشتركا لقيادتي وزارة المالية والبنك المركزي اليمني، لتدارس آليات تفعيل وتكامل التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وضبط سعر صرف العملة الوطنية بما ينعكس على تراجع تضخم أسعار السلع والخدمات.
غير أن الريال اليمني واصل انهياره مقابل العملات الاجنبية، في وقت تجاوز ألف و200 ريال لكل دولار أمريكي، في تدهور جديد لم يحدث من قبل.
ثقة الشارع
وفي هذا السياق، قال الخبير اليمني في الشؤون المصرفية والمالية، وحيد الفودعي، إن ثقة الشارع اليمني بالحكومة منعدمة، لاسيما بعد الإجراءات التخديرية السابقة التي انتهجتها عبر بيانات انشائية، لا تسمن ولا تغني من جوع.
وتابع : “اليمنيون يئسوا من أي إجراءات حكومية”، مضيفا أن “من يتحكم بسعر صرف العملة المحلية هم المضاربون بها، والذين لم تضع السلطات الحكومية حدا للمضاربة بالعملة”.
وأشار الخبير اليمني المصرفي إلى أنه مع كل حدث سياسي، أو بوادر لحل الأزمة، ينخفض سعر صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني، فيما لم تقم الحكومة بتفعيل إجراءاتها لمنع صعودها مرة أخرى، بل بالأحرى، لم يكن إجراءاتها أي مفعول على الواقع.
وأكد أن صرف العملة المحلية انخفض عند عودة الحكومة نهاية العام الماضي إلى عدن، إلى ما دون 700 للدولار الواحد، لكن عندما شوهد أن الحكومة لم تحرك ساكنا إزاء الصرافين والمضاربين، ارتفع مرة أخرى”.
وأوضح الخبير المالي اليمني: “الآن، حتى وإن كانت هناك جدية من قبل البنك المركزي والحكومة لضبط سعر صرف العملة الوطنية، فلا شك، أن تأثير أي إجراءات تقر، لن تأتي ثمارها إلا وقت تنفيذها على الواقع”.
تحرك الحكومة
وأردف قائلا: “يفترض أن تتحرك الحكومة باتجاه ضبط سوق الصرف بالترغيب عبر الاجتماع بالصرافين، كون الموضوع أخلاقيا ويتعلق بحياة ملايين اليمنيين، وإلا عبر الترهيب باللجوء إلى القوة الأمنية والجهاز المخابراتي، والقضاء لمتابعة المضاربين بالعملة الوطنية”.
واستكمل بقوله: “يجب أن تقوم بذلك، في أقرب وقت ممكن، والبدء أيضا بتفعيل قرار الحكومة رقم 75 لسنة 2018 القاضي بتنظيم الاستيراد وتحديدا استيراد المشتقات النفطية”.
وأبدى الخبير الفودعي تشاؤمه من قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف انهيار العملة الوطنية، لافتا إلى أن عودتها لعدن لن يقدم ولن يؤخر شيئا، إن لم يصاحبها إجراءات فعلية على الواقع.
ومع هبوط العملة المحلية تفاقمت معاناة السكان، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود، في وقت وصلت قيمة مرتبات كثير من الفئات إلى ما يعادل أقل من 100 دولار.
وتعد أزمة انهيار العملة أحد أبرز انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن الناتجة عن الحرب الدائرة منذ العام 2015، وسط انقسام مالي، وعدم توفر النقد الأجنبي الكافي، جراء توقف تصدير النفط والغاز.