أعلنت مجلة “فوربس” الأمريكية أن أوروبا وضعت نفسها بين فكي كماشة أزمة طاقة غير مسبوقة، ويراها بعض الخبراء والمراقبين أنها قد تكون مماثلة للحظر النفطي العربي في السبعينيات.
وأكدت أن عواقب هذه الأزمة تتجاوز البعد الاقتصادي وقد تكون لها آثار سياسية واجتماعية خطيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن سعر برنت سجل اليوم رقما قياسيا حيث بلغ لأول مرة منذ 5 سنوات 84 دولارا للبرميل، فيما باتت أسعار الغاز أعلى بـ5 مرات مما كانت عليه قبل عام، مضيفة أن هذه الأسباب قد تدفع الدول للاعتماد على الفحم القذر بدل الغاز، ويجري تأجيل انتقال الاتحاد الأوروبي إلى الطاقة الخضراء.
وأوضحت المجلة أن أزمة أسعار الطاقة التي تعيشها أوروبا حاليا هي نتيجة لارتفاع الطلب على الطاقة في أعقاب وباء كورونا، والتغيرات المناخية الشديدة (موجات الحرارة غير المسبوقة والشتاء الطويل)، والاضطرابات في سوق توريد الطاقة.
وحسب المحلل الاقتصادي والخبير في مجال الطاقة “سامر موسى”، فإن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، “لديه سبب لفتح الشمبانيا في مواجهة عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة ضد الكرملين”.
وأشار إلى أن الرئيس الروسي يعتبر أن أوروبا تلحق الضرر بنفسها من خلال فرض عقوبات على روسيا.
وقال الخبير في مجال الطاقة إن أوروبا وجدت نفسها بين المطرقة والسندان، بسبب نقص العرض في سوق الغاز الطبيعي والمسال العالمي خلال السنة الأخيرة، كما أنها فقدت مصدرين رئيسيين لإمدادات الغاز، في وقت يعاني فيه المخزون الاحتياطي من نقص كبير.
وأضاف أن أي ظهور أي مؤشرات على ظهور اي أزمة، سواء كانت كوارث مناخية أو اضطرابات في الإمدادات، قد يجبر الأسواق على رفع الأسعار أكثر.
ويأتي الارتفاع القياسي للأسعار مع استمرار تراجع المخزونات لدى غالبية دول التكتل المؤلف من 27 دولة، بينما يزداد الطلب مع تعافي الاقتصادات من التبعات السلبية لجائحة “كورونا”، وزيادة استهلاك الطاقة لأسباب مرتبطة بالشتاء المبكر في بعض الدول.
وتراجع المخزون الأوروبي من الغاز إلى أقل مستوى منذ حوالي 10 سنوات، بالنسبة لهذا الوقت من العام.
وبات النقص في الإمدادات يضغط على الكثير من القطاعات وأسعار خدماتها، إذ تضاعفت أسعار الكهرباء في المنطقة الإسكندنافية 5 مرات خلال سبتمبر/أيلول الماضي، مقارنةً مع الفترة نفسها في العام الماضي.
المصانع والمناجم تعاني جراء ذلك، وباتت في أمس الحاجة إلى الكهرباء، بالإضافة إلى الطلاب الذين يعانون من تغطية التزاماتهم، في حين ترتفع معدلات التضخم صاروخياً.
الركن الشمالي في أوروبا خصوصا لا يستطيع أن يُحصن نفسه من مشكلة نقص إمدادات الغاز الطبيعي والفحم عالمياً، خاصة أن هذه الأزمة تأتي بالتزامن مع تدهور مخزونات المياه، ما يحرم المنطقة أيضا من أهم مصادر توليد الكهرباء.
وبلغ مستوى المياه في النرويج أدنى معدل له في هذه الفترة من العام منذ أكثر من 10 سنوات. وفي حين سقطت بعض الأمطار خلال الأيام القليلة الماضية، كان الموقف في جنوب غرب البلاد سيئاً، كما أن شركة تشغيل شبكة الكهرباء “ستاتنيت” أصدرت تحذيراً مفاده أن ميزان الكهرباء بلغ درجتين على معيار من 5 درجات، إذ تعني تلك الدرجة حد الترشيد.
لكن أزمة الطاقة لا تشمل أوروبا فقط، وإنما تمتد إلى الصين والولايات المتحدة (أكبر اقتصادين في العالم)، إذ انعكست الأسعار الباهظة للغاز على مصادر الطاقة الأخرى خاصة النفط والفحم.
وفي ظل الظروف الراهنة، أصبحت الصين مُجبرة على التنقيب عن الغاز والفحم وسط حرب مناقصات عالمية، الأمر الذي يكشف فوائد أمن الطاقة، التي توفرها طاقة الرياح المحلية والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية.
وتتجه التوقعات إلى مواصلة أسعار الغاز ارتفاعها، رغم إعلان الشركة المشغلة لخط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″، المثير للجدل والرامي إلى ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا، يوم الإثنين الماضي، أن عملية التعبئة قد بدأت، بعدما كان بناؤه قد تأخر بسبب التوترات الدبلوماسية مع موسكو.
وكانت روسيا قد أعلنت في مطلع سبتمبر/أيلول إنجاز المشروع البالغة كلفته 10 مليارات يورو.