السياسي -وكالات
مجدداً اتفق المتحاورون، وهم نخبة من رجال الأعمال ورؤساء الدول والمبتكرين والأكاديميين البارزين والمؤثرين من القطاعين العام والخاص والدول المتقدمة والنامية من الشرق والغرب في أعمال منتدى “بلومبيرغ” للاقتصاد الجديد في نسخته الرابعة في سنغافورة، على أن لا يتفقوا، إذ شهد المنتدى انقساماً بشأن العديد من الملفات السياسية والاقتصادية في العالم، وكان الجزء الأكبر من هذا الانقسام من نصيب الصين وتوجهاتها بشقيها السياسي والاقتصادي، على الرغم من الترحيب باللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينع، الذي لم يحقق الكثير بحسب المراقبين، حيث لا تزال أساسيات الخلاف الأميركي – الصيني السياسية والاقتصادية والمالية قائمة.
وعلى الرغم من هذا الانقسام فقد سادت نبرة التفاؤل في أروقة المؤتمر عند الحديث عن جائحة كورونا، وسادت التوقعات بتراجع معدلات الإصابات والوفيات بالوباء، على الرغم من نبرة الحذر لدى البعض بخاصة مع عودة الفيروس للتفشي وبقوة في دول مثل الصين وألمانيا وروسيا. كما اغتنمت مؤسسات مالية كبرى فرصة المنتدى لدق ناقوس الخطر من ارتفاع معدلات التضخم في العالم التي قد تشل فرص تعافي الاقتصاد العالمي.
العلاقات الأميركية – الصينية
المنتدى يهدف إلى دفع الجهود الرامية لبناء اقتصاد عالمي مستدام يوفر فرص العمل، ويحدّ من عدم المساواة، ويعزز الصحة العامة.
وتطرقت النسخة الرابعة لمنتدى “بلومبيرغ” التي انطلقت في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) وتستمر حتى 19 منه إلى خمسة مجالات: المالية، والتجارة، والمناخ، والمدن، والصحة. وركزت بشكل خاص على الفجوة المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين. يقول القائمون على المنتدى إنه “لا يمكن للاقتصاد الجديد أن يزدهر إذا انقسم العالم في حرب باردة جديدة”، لذلك عنون وضع “بلومبيرغ” سؤالاً أساسياً لنسخة هذا العام وهو: كيف تبدو العلاقة العملية بين الولايات المتحدة والصين؟
“بشارة” غيتس… كورونا يتراجع
بيل غيتس وإيلون ماسك و300 من الأسماء الكبيرة الأخرى من عالم الأعمال والاقتصاد والسياسة جاءت إلى سنغافورة لحضور منتدى “بلومبيرغ” للاقتصاد الجديد. هذا الحدث هو واحد من العديد من الأحداث الدولية المقرر عقدها في المدينة قبل نهاية العام. وينظر إلى عودة مثل هذه القمم نعمة لبلد يعتمد اقتصاده على السفر والتجارة. فعندما تم إغلاق حدود سنغافورة بين مارس (آذار) 2020 وأغسطس (آب) 2021 لحصار فيروس كورنا، دخلت البلاد في أسوأ ركود على الإطلاق وأنفقت الحكومة 100 مليار دولار، نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لدعم الاقتصاد. وبالتالي مثل المنتدى فرصة للبلاد لإظهار نشاطها مجدداً.
كورونا في تراجع
تحدث بيل غيتس بإيجابية كبيرة وبشر العالم بقرب زوال الجائحة، مشيراً إلى أن معدلات الإصابة والوفيات بفيروس “كوفيد-19” قد تنخفض إلى ما دون مستويات الإنفلونزا الموسمية بحلول منتصف العام المقبل، بافتراض عدم بروز متغيرات خطيرة جديدة في هذه الأثناء. تصريحات مؤسس شركة “مايكروسوفت”، جاءت خلال مشاركته الافتراضية في أعمال المنتدى. وقال الملياردير إنه بين المناعة الطبيعية واللقاح والأدوية الفموية الناشئة، “يجب أن ينخفض معدل الوفيات ومعدل المرض بشكل كبير جداً”.
وقال غيتس إن القيود المفروضة على تطعيم العالم ضد “كوفيد-19” ستتغير العام المقبل، إذ يتم حل مشكلات الإمداد واستبدالها بأسئلة حول كيفية توزيعها جميعاً لوجستياً. وأضاف “اللقاحات هي أخبار جيدة للغاية، وسيتم حل قيود العرض إلى حد كبير مع خروجنا في منتصف العام المقبل، ولذا فإننا سنكون مقيدين بالخدمات اللوجستية والطلب”.
ويرى غيتس أنه ليس من الواضح في كثير من البلدان ما سيكون مستوى الطلب، بخاصة في أماكن مثل أفريقيا جنوب الصحراء. ودعا العالم إلى أن يعمل معاً على القضاء على الإنفلونزا أيضاً من أجل تقليل التهديدات من الأوبئة في المستقبل، مذكراً العالم بأن فيروس الإنفلونزا لا يزال يعيش بيننا منذ أكثر من 100 عام، وبالتالي ليس فقط فيروس كورونا ومتحوراته هو الفيروس الوحيد الذي يهدد بقاء البشرية.
لا يمكن للعالم أن ينفصل عن الصين
كانت هناك رسالة للعالم لا تقل أهمية عن رسالة غيتس، وجاءت هذه المرة من قبل نويل كوين الرئيس التنفيذي لبنك “أتش أس بي سي هولدينغ بي أل سي”، أكبر بنك في هونغ كونغ، حين قال “من المهم تخفيف التوترات بين الصين والولايات المتحدة”، واصفاً القمة الأميركية – الصينية بـ”الخطوة الجيدة”.
وقال كوين “لا أعتقد أن العالم يمكن أن ينفصل عن واحدة من أكبر الدول الصناعية في العالم، وما سيكون أحد أكبر أسواق الاستهلاك في العالم”. كما أعرب عن قلقه بشأن التضخم باعتباره تهديداً محتملاً للتعافي الاقتصادي، مردداً تعليقات اثنين من البنوك العالمية ذوي الثقل الكبير.
وكانت أسعار الطاقة والمواد الخام والنقل قد ارتفعت مع خروج الاقتصادات من عمليات الإغلاق وتعرض سلاسل التوريد للضغط. وقال أكسل ويبر رئيس مجلس إدارة “يو بي أس غروب أي جي”، يوم الأربعاء إن العالم قد يشهد معدلات تضخم “مرتفعة بشكل غير مريح” لمدة سنة إلى ثلاث سنوات، بحسب ما أوردته صحيفة “تشانيا ديلي”، وقال بيوش جوبتا الرئيس التنفيذي لمجموعة “دي بي أس غروب هولدينغ لميتد” إن التضخم أصبح أكثر هيكلية.
وعندما سأل كوين عن إن كان ينوي السفر إلى هونغ كونغ، في ظل تفشي كورونا في الكثير من المدن الصينية قال “إنه لن يفعل أي شيء من شأنه أن يعرض جهود المدينة لإعادة فتح السفر إلى البر الرئيس للصين للخطر”.
وفي مقابلة افتراضية خلال منتدى “بلومبيرغ”، قال كوين إنه ليس لديه حالياً أي خطط لزيارة المدينة، أكبر سوق للبنك المُقرض. وأضاف أنه زار هونغ كونغ في أواخر العام الماضي، وقضى أسبوعين في الحجر الصحي ثم أربعة أسابيع قضاها للقاء العملاء. وقال كوين “من المهم لهونغ كونغ أن تثبت ما تحتاج لتأسيسه مع الصين عند إعادة الافتتاح”. وأضاف “لا أريد أن أفعل أي شيء قد يعرض ذلك للخطر. أود العودة إلى هونغ كونغ في أقرب وقت ممكن وعندما تشعر السلطات أنه من المناسب لي أن أعود، سأفعل”.
ويحاول المسؤولون في المدينة إبقاء حالات “كوفيد-19” عند الصفر مع بعض إجراءات الحجر الصحي الأكثر صرامة في العالم. وقالت الرئيسة التنفيذية لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة كاري لام، في مقابلة مع “بلومبيرغ نيوز” الشهر الماضي إنه حتى وفاة واحدة ستكون “مصدر قلق كبير” وإن الانفتاح على البر الرئيس الأوسع سيفيد الشركات في المدينة لأن معظمها في هونغ كونغ وتحاول الوصول إلى البر الرئيس.
توني بلير يحذر الصين
رسالة كوين التي ركزت على أهمية الصين للاقتصاد العالمي قابلتها رسالة صارمة من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي وجه رسالة تحذير سياسية لبكين قال فيها “على الصين أن تدرك أن تايوان ليست هونغ كونغ”.
وناقش توني بلير، العلاقات الأميركية الصينية ولقاحات “كوفيد-19” ونزاع بروتوكول إيرلندا الشمالية.
وقال إن الصين بحاجة إلى إدراك أن الدول الغربية لا تنظر إلى جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي بطريقة مماثلة لمدينة هونغ كونغ شبه المستقلة.
وقال بلير في مقابلة يوم الخميس مع تلفزيون “بلومبيرغ” في سنغافورة “من المهم أن نفهم موقف الصين فيما يتعلق بتايوان ومدى عمق سياسة الصين الواحدة”. وأضاف “عليهم أن يفهموا أن تايوان ليست مثل هونغ كونغ. وهناك آراء قوية للغاية حول هذا الأمر في الغرب”.