طرابلس: بسبب الصراع السياسي، تحول النفط من نعمة إلى نقمة في ليبيا، البلد الذي يعيش مواطنوه حاليا في ظلام وأزمات معيشية، رغم أن بلادهم تسبح فوق بحر من الذهب الأسود هو الأكثر جودة وكمية في إفريقيا.
ومنذ 13 أبريل/ نيسان الماضي، بدأت أزمة إغلاقات حقول وموانئ نفطية من محتجين قبليين في الجنوب والوسط والجنوب الغربي والشرقي، الأمر الذي دعا مؤسسة النفط لإعلان القوة القاهرة ووقف التصدير.
يطالب المحتجون رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بتسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا المعينة من قبل مجلس النواب في مارس/ آذار الماضي، في حين يرفض الأول التسليم إلا لحكومة تكلف من برلمان جديد منتخب.
أزمة النفط الذي يستخدم “ورقة ضغط” نتجت عن أخرى سياسية خلفت في البلاد أزمات معيشية لدى المواطن، في بلد تعتبر فيه إيرادات الخام، هي الممول الأول والحصري لميزانيتها العامة.
وليبيا منتج رئيس للنفط الخام، بمتوسط إنتاج يومي 1.4 مليون برميل يوميا في الظروف الطبيعية، وسط مساع لزيادته حتى 1.6 مليون برميل بحلول 2025.
ومع مضي قرابة شهرين على إغلاق حقول وموانئ النفط ووقف تصديره، برزت أزمة الكهرباء وهو القطاع المتهالك أصلا قبل الأزمة، رغم إطلاق السلطات مشاريع عملاقة لإنقاذه.
يعيش سكان ليبيا حاليا في الظلام لأكثر من عشر ساعات يوميا، في ظل ارتفاع الحرارة مع دخول فصل الصيف حيث تسجل 35 درجة في شرق البلاد وغربها، بينما تسجل مناطق الجنوب أعلى من 40 درجة مئوية.
وفي تطور للمشكلة، حذرت شركة الكهرباء الليبية من تضرر الشبكة بسبب توقف إمدادات الغاز لمحطات التوليد، نتيجة أزمة إغلاقات حقول وموانئ النفط.
وأوضحت شركة الكهرباء أن نقص إمدادات الغاز لمحطاتها أوجد عجزا كبيرا في الطاقة لمناطق الغرب، كما أن الإنتاج في شرق البلاد الآن، أقل من النصف حيث تعمل الشبكة حاليا بـ 910 ميجاوات من أصل 1870.
الأزمات المصاحبة لغلق النفط الليبي لم تتوقف عند الكهرباء، إذ ظهرت مطلع الأسبوع الجاري أزمة أخرى تمثلت في البنزين حيث تشهد المدن الليبية وخاصة العاصمة، ازدحاما شديدا على محطات بيعه.
تلك الأزمة جعلت شركة البريقة لتسويق النفط وهي صاحبة اختصاص توزيع الوقود في البلاد بشكل حصري، إلى الخروج عن صمتها خلال بيان السبت.
الشركة الحكومية دعت في بيانها جميع شركات التوزيع وجمعيات النقل، إلى استمرار فتح مستودعاتها على مدار الساعة لمواجهة الازدحام على الوقود في المحطات.
وعللت سبب المشكلة بـ”ارتفاع ساعات طرح أحمال الكهرباء الذي ساهم بشكل مباشر في زيادة عملية الازدحام داخل محطات البنزين”.
ومع تفاقم أزمة البنزين، أمر الدبيبة، السبت، بفتح محطات الوقود ببلديات طرابلس الكبرى خلال 24 ساعة وإغلاق أي محطة لا يوجد بها مولد بديل للكهرباء.
ومرة أخرى لم يتوقف الأمر عند تلك الأزمات إذ رأى الخبير الاقتصادي الليبي يوسف قصيبات أن “أزمة إغلاقات النفط ستستمر في خلق أزمات معيشية أخرى، يكون المواطن الليبي الضحية الأولى فيها”.
قصيبات وفي حديث مع الأناضول، توقع أن “الأزمة المقبلة ستكون أزمة مياه الشرب.. محطات المياه في ليبيا تعمل بالكهرباء لضخ المياه للمدن وهو ما سيتأثر أيضا بانقطاع الكهرباء بسبب نقص الإمدادات.
وزاد: “كذلك بدأت تظهر أزمة في نقص غاز الطهي.. أيضا من ضمن الأزمات المتوقعة بسبب وقف إنتاج وتصدير النفط، هو غلاء الأسعار وذلك لسببين”.
وأكمل: “السبب الأول هو نقص وقود الديزل الذي تعمل به شاحنات نقل البضائع، وذلك سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف نقل البضائع بالنسبة للتجار الذين سيزيدون الأسعار بنسبة متوقعة 15 بالمئة”.
أما السبب الثاني وفق قصيبات، فهو “ندرة فتح اعتمادات توريد السلع للتجار لدى البنك المركزي، والذي سيؤدي لرفع الأسعار.. المركزي لن يكون قادرا على مد التجار بالدولار الذي مصدره الوحيد في ليبيا هو إيراد تصدير النفط المتوقف”.