الأسمر: مأساة زريق تكشف تحول بعض المدارس سوقا لجني الأرباح على حساب الأهل

الأسمر: مأساة زريق تكشف تحول بعض المدارس سوقا لجني الأرباح على حساب الأهل
الأسمر: مأساة زريق تكشف تحول بعض المدارس سوقا لجني الأرباح على حساب الأهل

قال رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، في تصريح اليوم:
“يأتي استشهاد المواطن جورج زريق بإشعال النار في جسده في ملعب مدرسة خاصة احتجاجا على ملاحقته والضغط المتمادي عليه لدفع أقساط مدرسية متأخرة بالإضافة الى رسوم وتكاليف إضافية مختلفة عجز عن سدادها وهو المتعطل عن العمل قسرا مع زوجته. يأتي هذا الحادث المؤلم والمفجع ليكشف عن تحول بعض المدارس الخاصة وشبه المجانية إلى سوق لجني الأرباح الهائلة والتوسع في بناء المنشآت على حساب الأهل فيما هي معفاة من الكثير من الضرائب والرسوم”.

وأضاف: “تكشف هذه المأساة الاجتماعية الخطيرة، كما تدل الأرقام التي يتابعها ذوو الاختصاص، ان حالات الانتحار المحققة في السنوات الأخيرة تكاد تصل إلى المئات في العام الواحد. وتحت عناوين واحدة، من ضيق ذات الحال والضغوط الحياتية والمعيشية إلى البطالة نتيجة الصرف التعسفي او الاقتصادي لا فرق أو عن الحالات العصبية الناتجة من الوضع المتدهور والأفق الذي يزداد انسدادا أو عن عدم وجود فرص عمل حيث يتخرج 33000 جامعي يعمل منهم 3000 فقط سنويا.
ويجب أن يضاف إلى حالات الانتحار السافرة هذه، حالات الانتحار التدريجي، أو السلوك الانتحاري من خلال انتشار المخدرات والحبوب القاتلة على أنواعها بين صفوف الشباب والمتعطلين عن العمل منهم خصوصا.

وتابع: “لا تكفي التعازي الصادقة أو المزيفة لزوجة الشهيد وولديه، ولا تعوضهم شيئا المواقف النبيلة المشكورة لنائب كويتي أو لوزير التربية أو لوزير التجارة الخارجية. بل إن هذا الحادث المأسوي يجب ان يدفع الدولة والمجتمع إلى فتح ملف التربية والتعليم على مصراعيه وعلى مستوياته كافة، وكذلك ملف الصحة والسكن وقانون الإيجارات وسياسة النقل والبطالة والأجور والرعاية الاجتماعية بما فيها الضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة خصوصا، فضلا عن إيجاد صندوق للبطالة والتصحيح السنوي للأجور من طريق السلم المتحرك ووقف تآكلها أو تراكمها، وغير ذلك من الموجبات التي يفرضها العقد الاجتماعي كما ذكرنا في مؤتمرنا الصحافي قبل أيام”.

وقال: “إن ما بشر به رئيس الحكومة، وما يضمره البيان الوزاري الذي يناقش غدا في المجلس النيابي الكريم، وما تضمنته رؤية “ماكينزي” وبرامج مؤتمر “سيدر1″، كل ذلك يؤشر الى مضي السلطة السياسية الحاكمة بمعظم أطرافها بسلوك النهج نفسه والتمسك بالنموذج الاقتصادي الانتحاري الذي أودى بالشهيد جورج زريق وأمثاله والذي ينحر المجتمع بكامله تدريجيا. وهذا النموذج هو نتيجة العلاقة بين السلطة والمال وتقاسم الموارد والمنافع والصفقات غير عابئين بمصير الملايين من المواطنين واحوالهم، وتذهب كل المؤشرات إلى المضي في سياسة الخصخصة وتدمير القطاع العام وبيعه والمزيد من الاعتماد على الاقتصاد الريعي والانخراط الموغل في الاستدانة لتغطية الاستهلاك، والى تعاظم تركز الثروة في أيدي قلة من كبار أصحاب رؤوس الأموال والمصارف والعقارات والشركات المالية والاحتكارات على أنواعها. بل يعدنا رئيس الحكومة بقرارات مقبلة مؤلمة وكأن السياسات القائمة لا تكفي آلاما مما أوصل جورج زريق مع غيره إلى الاستشهاد”.

وسأل: “ماذا تريدون بعد؟ هل المزيد من المنتحرين على أبواب المدارس والجامعات والمستشفيات، أو حتى أمام أبواب المصارف والمعامل والمؤسسات؟ بينما لا تذكرون شيئا عن الإصلاح الضريبي والضريبة التصاعدية تعدونا بزيادات ضريبية ورسوم مختلفة وسوى ذلك من الإجراءات التي تسحق ما تبقى من أحلام الناس!”.

وأضاف: “إن الاتحاد العمالي العام يكرر إعلانه أن التعليم هو حق أساسي من المجتمع على الدولة، وكذلك الصحة والرعاية الاجتماعية على مختلف مستوياتها، بالإضافة إلى الحق في السكن والنقل المجاني أو المدعوم عملا بما هو حاصل في دول الرعاية الاجتماعية.

فالقطاع التعليمي الذي يتعلق “باستثمار” الموارد البشرية وبالأجيال العتيدة لبناء المستقبل هو أخطر من أن يترك لقطاع خاص ولبعض المؤسسات شبه المجانية التي لا تبغي سوى الربح والتي لا تخضع لمراقبة حقيقية في موازناتها عملا بالقانون 515″.

أما المدرسة الرسمية التي باتت قصاصا للمفقرين، وأما الجامعة اللبنانية المهملة وأما مؤسسات التدريب المهني والتقني فباتت بعض مبانيها مهملة ومهترئة وكل ذلك بدفع منهجي واضح من “الدولة العميقة” للتوسع بخصخصة التعليم بمستوياته كافة وصولاً إلى الجامعي”.

وتابع: “ينطبق الأمر نفسه على السياسة الصحية وتدمير المستشفيات الحكومية واهمالها خدمة للمستشفيات الخاصة، بالإضافة إلى ترك مافيات الدواء تكدس الأرباح وتتحكم بالأسواق ناهيك باحتكارات النفط والمواد الغذائية وسواها”.

وقال: “في مجال التعليم نتساءل: لماذا كانت المدرسة الرسمية الأجود والأرفع مستوى قبل الحرب؟ ولماذا غيبت دار المعلمين والمعلمات وألغي دورها وهي التي خرجت أفضل الكوادر في مختلف الاختصاصات؟ بل والأهم لماذا يغيب المنهج الدراسي الوطني الموحد؟ ولماذا لم ينشأ بعد المجلس الأعلى للتربية والتعليم ليصار الى مده بأفضل الخبراء والخبرات كما تغيب المختبرات والتكنولوجيا في التعليم الرسمي؟ لماذا لا يبادر موظفو الدولة ووزاراؤها ونوابها ومديروها العامون وسائر الموظفين وخصوصا مديري المدارس الرسمية ومعلميها ومعلماتها الى تسجيل أولادهم وأحفادهم في المدرسة الرسمية؟”.

وسأل ايضا: “ألا نرى عددا كبيرا من المسؤولين اليوم وهم من خريجي الجامعة والمدرسة الرسمية في مواقع نيابية ووزارية؟
أليس من شأن ذلك أن يدفع الى الاهتمام بالمدرسة الرسمية والجامعة الوطنية وجعل الناس تستعيد الثقة بهما؟”.

وختم: “عشية مناقشة المجلس النيابي للبيان الحكومي ووعوده التي سبق أن سمعنا معظمها في بيانات سابقة، نأمل أن تضيء النيران التي التهب بها جسد الشهيد جورج زريق عقول المسؤولين على المستويات كافة، وفي انتظار إنهاء مناقشة البيان سيكون لنا موقف من كل قضية من هذه القضايا. ولعلنا بذلك نلبي الشهيد جورج زريق وعائلته بعضا مما دعانا إليه في صرخته المجلجلة. ونطالب، في هذا المجال، بإطلاق إسم الشهيد جورج زريق على مدرسة رسمية في المنطقة تخليدا لشهادته”. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى